بدر الساري – المنشر
* أيمن نور الباحث عن مكان تحت الضوء .. من ادعاء التسمم و تسريب صورته مع ” الكلب ” إلى انتخابات اتحاد القوى الوطنية
في ليلة من ليالي العام 2015 ، كان أيمن نور ، رئيس حزب ” غد الثورة ” المصري ، مدعوا على مائدة عشاء في العاصمة القطرية ” الدوحة ” مع الرئيس التونسي الأسبق ” المنصف المرزوقي ” و سياسيين و صحفيين مصريين وعربا آخرين، في ضيافة شخصيات قطرية .
انتهت المأدبة ، و تلقى الدكتور نور مصافحة باهتة من الداعين لها ، لم تتميز عن المصافحة التي تلقاها الضيوف الآخرون .
و بينما يهم الجميع بالانصراف ، إذ تفاجأوا بأيمن نور ، القادم من لبنان حيث كان يقيم وقتها ، يشكو من آلام في بطنه .
انتبه الداعون للمأدبة لنور ، انتباها يعوض المصافحة الفاترة التي صافحوه بها مع انتهاء العشاء ، و مع تصاعد شكوى الرجل من ألم البطن ، استدعى المضيفون الإسعاف ، التي نقلته لمستشفى قطري فاخر ، و هناك ابتسم الطبيب بارتياح و هو يخبر المرافقين للسياسي المصري أنه لا يعاني من شيء و ألا شبهة تسمم في الأمر !!
ارتاح المضيفون لأنها كانت ستصبح فضيحة بحقهم أن تسمم شخص في ضيافتهم !
لكن كثيرين ممن خالطوا أيمن في مقره باسطنبول التركية ، ذكروا غير مرة أن هذه الطريقة في استلفات الانتباه و اجتذاب التقدير ، و نيل التعاطف و الاهتمام ، هي إحدى صفاته اللصيقة .
لذا لم يستغرب كثير منهم ، عندما انتشرت فجأة فيالعام 2019 صور خاصة وحميمة إحداها مع كلب ، لأيمن نور ، في أغسطس 2019 لأن التفسير لم يحتج منهم لكثير تفكير !
كان أيمن نور وقتها مازال مغروسا حتى أذنيه في مشكلة كبيرة بقناة الشرق ، التي يديرها و تمولها قطر و الإمارات ، معا – لا تندهش عزيزي فالقناة ممولة من البلدين النقيضين في الوقت نفسه .
المشكلة وقتها كانت تتعلق بمستحقات يمتنع نور عن أدائها لموظفي القناة ، و استعان بالشرطة التركية ضدهم ، لكنها رفضت التدخل لأن موظفيه الذين اشتكاهم معارضون مصريون مثله .
و على ضفاف أزمة قناة الشرق وقتها تحدث الموظفون عما وصفوه بـ ” فضائح ” عديدة كلها من بطولة السياسي الذي لعب يوما دور المحلل للرئيس المصري الأسبق مبارك في انتخابات العام 2005 .
كانت الفضائح المزعومة من كل نوع : نسائي – مالي – إداري – علاقات مع أجهزة دول بعضها كان معاديا لتركيا .
مع أن كثيرين أكدوا وقتها أن أيمن نور يتعمد تضخيم الأحاديث المتعلقة بعلاقاته النسائية لأنه يعشق رسم صورة الدونجوان زير النساء لإشباع نزق يفتقده ، بينما في واقع الأمر ، الرجل ” سلم نمر ” من زمن بعيد ، كما يقول أصدقاؤنا المصريون في تعبير عبقري !
في خضم تفاصيل و فضائح أزمة قناة الشرق ، و الاتهامات المالية و الأخلاقية العديدة التي طالت أيمن نور ، ظهرت فجأة على وكالة الأناضول التركية صور مسربة من هاتف الرجل ، في إحداها ينام محتضنا ” كلبا ” !
و في أخرى يقف خلف مديرة سابقة لقناة الشرق ، عملت أيضا مديرة لقناة تليفزيونية ممولة إماراتيا ، و مملوكة لأحمد علي عبدالله صالح ، نجل الرئيس اليمني الذي قامت ضده ثورة اليمن ، و التي فرض الغرب ” توكل كرمان ” ابنة ” الإخوان المسلمين ” رمزا لها .
و المفارقة أن توكل كرمان هي الصديق المقرب و الشريك الدائم لأيمن نور في كل مشروعاته السياسية ، و التي بدأت بـ ” المجلس العربي لدعم الثورات” ، و ثالثهما دائما هو الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي ، الذي يبحث معهما عن مكان تحت الضوء طرده منه الشعب التونسي في انتخابات نزيهة !
المرزوقي و كرمان هما – بحسب مصادر عدة – اللذان توسطا لدى والد أمير قطر الحالي ، الأمير السابق ، حمد بن خليفة ، ليمنح أيمن نور تمويلا لقناة الشرق .
كما حصلت توكل كرمان على تمويل قطري سخي أسست به قناة ” بلقيس ” الفضائية اليمنية.
الصور التي انتشرت لأيمن نور ، مسربة من هاتفه ، و نشرت على وكالة الأناضول للأنباء ، أثارت ضجة و تساؤلات .
كان من غير المنطقي أن يتم اختراق وكالة بحجم الأناضول ، فقط لنشر صور أيمن نور !
بعد أيام قليلة تكشفت الحقيقة و هي أن السياسي المصري المحلل لمبارك ، استلهم واقعة اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية و نشر تصريحات مكذوبة لأمير قطر ، و هي الواقعة التي افتتحت مرحلة القطيعة الخليجية الشهيرة .
كان أيمن نور غارقا حتى ذلك الوقت في الفضائح المراقة على جوانب أزمة قناة الشرق ، و لأن حيله التقليدية في اتهام خصومه بالعمالة لنظام السيسي لم تفلح ، حتى مع دعم المذيع معتز مطر له بكل ثقله ، و ترويجه كل تلك الروايات عن موظفي القناة ، فقد قرر أيمن أن يطلق قنبلة دخان يسترعي بها اهتمام السلطات التركية و القطرية و يقول لها انه مستهدف من نظام السيسي الذي اخترق هاتفه و و كالة الأناضول معا .
لاحقا ، اختلف أيمن نور مع معتز مطر على تقسيم أموال تمويل قناة الشرق و عوائد السوشيال ميديا الخاصة بالقناة و اتهم كل منهما الآخر بالعمالة للسيسي !
كما شن معتز مطر لاحقا هجوما حادا على أيمن نور
استعان أيمن بموظف بوكالة الأناضول ، و سرب له تلك الصور و تم نشرها .
و كان للرجل ما أراد .
و استعاد الاهتمام الذي فقده بسبب سيل الفضائح .
و غطى على فضائح أزمة قناة الشرق و حقوق عامليها المهدرة .
ذلك التاريخ الزاخر بافتعال أحداث هدفها التموضع من جديد تحت الضوء الحاسر، استدعاه أيمن نور من جديد هذه الأيام و لكن ليس لتدارك أزمات او التغطية على فضائح ، و لكن في محاولة للقول بعلو الصوت ” انا مازلت على قيد الحياة السياسية ” !
القصة باختصار أن المعارض المصري ذائع الصيت ، الموجود في لبنان ، أحمد الطنطاوي ، النائب السابق بالبرلمان المصري ، صار الآن رمزا للمعارضة المدنية المصرية بكل أطيافها ، في مواجهة القبضة الغاشمة الباطشة للنظام المصري .
خصوصا بعد الفيديو الذي نشره مؤخرا إحياء لذكرى ثورة الخامس و العشرين من يناير التي يعتبر أيمن نور نفسه من رموزها و التي كان من نتائجها حصول أيمن على ملايين التمويل الخاص بقناة الشرق !
أحمد طنطاوي عكس أيمن نور في كل شيء !
فهو لم تحم حولة شبهة فساد واحدة منذ ظهر في الحياة السياسية المصرية .
بخلاف أيمن نور الذي يتهمه خصومه بكل شيء بدءا من اختلاس رواتب موظفي مكتب جريدة الحياة ثم المدينة السعوديتين في القاهرة ، وصولا للتجارة في الآثار !!!
و العهدة طبعا على أولئك الخصوم .
أيضا، أحمد الطنطاوي بعيد تماما عن شبهات الفساد الأخلاقي ، بعكس أيمن نور الذي يتهمه خصومه بالمشاركة في ترويج تلك الأقاويل عن نفسه جذبا لمزيد من الأضواء .
أحمد الطنطاوي أيضا بعيد تماما عن عقد صفقات مشبوهة مع النظام المصري بخلاف أيمن نور الذي يحتفظ اليوتيوب له بفيديو يعترف فيه للأمن المصري بفبركة تحقيقات صحفية عن المعتقلين زمن مبارك !!!
أحمد الطنطاوي محبوب من ملايين المصريين ، بينما أيمن نور لم يحتفظ طوال حياته بصديق .
باختصار ، أحمد الطنطاوي شريك في صنع المستقبل بمواقفه و كلمة الحق التي صدع بها تحت قبة برلمان مصر ، بينما أيمن نور صار بجدارة تمثال شمع يعلوه التراب في متحف التاريخ !!
و الأمر لا يتوقف فقط عند دور أحمد الطنطاوي حاليا و الذي يرى فيه أيمن نور إجهازا على ما تبقى منه و من دوره السياسي .
فهذه الأيام يعيش النظام المصري أزمة كبيرة تهدده وجوديا .
أزمة اقتصادية وسياسية ، و أزمة على مستوى علاقته بحلفائه القدامى كالسعودية و الإمارات .
و في هكذا أجواء تشتعل بورصة الكلام عن البدائل ، و البحث عن شخصيات صالحة لقيادة المشهد في مواجهة النظام المنهك ، الذي أنهك المصريين .
لذا ، فقد فتح أيمن نور درج مكتبه و أخرج ملفا قديما لكيان سياسي ولد ميتا هو ” اتحاد القوى الوطنية ” ، أسسه خارج مصر ، و ضم له شخصيات أغلبها ” نكرة ” سياسيا ، بلا ماض ولا حاضر ، مع بعض ممثلي تنظيمات يبتلعها الانقراض مثل جماعة الإخوان المسلمين .
أخرج أيمن نور ملف هذا التشكيل ، و نظم انتخابات مسرحية ، يتندر بها كل مجتمع المعارضة المصرية بتركيا و الدوحة ولندن و غيرها من عواصم الشتات المصري .
و مثلما لعب أيمن نور دور المحلل أمام مبارك في انتخابات الرائسة المصرية عام 2005 ، استعان بمحلل هو الآخر ليس بعيدا عن دوائر الشبهات ، هو ” محمود فتحي ” ، رئيس حزب الفضيلة الذي لا يضم غيره و زوجاته و أبنائه !!
أجرى أيمن نور انتخابات الاتحاد لأنه أدرك تماما أنه فقد نفسه و قيمته و جدواه في عالم السياسة ، و صار بحاجة إلى كيان يسنده و يطرح نفسه كمعبر عنه !
انتخابات اتحاد القوى الوطنية بالخارج ، جرت في السر تقريبا !
خوفا من انضمام كيانات وشخصيات تنافس أيمن على قيادة هذا الكيان الميت !
و تم إعلان النتائج في برامج قناة الشرق ، مع ” زفة ” كما يقول إخوتنا المصريون ، أو بتعبير مصري آخر ” الجنازة حارة و الميت اتحاد معارضة هش بلا تأثير ” !!
أيمن نور أجرى هذه الانتخابات بعد شهور من طرق أبواب كل هيئات الشرق و الغرب المهتمة بالشأن المصري .
و بعد تنسيق مع الإمارات ، التي احتفظ أيمن بعلاقات قوية معها رغم الخلافات التي كانت بينها و بين تركيا طوال السنوات الماضية .
تواصلات أيمن مع الجهات الأوروبية و على رأسها الاتحاد الاوروبي ، ساعده فيها ناشط مصري استقدمه أيمن و حوله لمذيع في قناة الشرق هو ” أحمد سميح ” الذي يدير منظمة حقوقية بتمويل من الاتحاد الأوروبي .
سميح نسق لأيمن نور عدة اتصالات و لقاءات مع مسؤولين أوروبيين ، طوال الشهور الماضية ، بهدف تلميعه و نفض التراب عنه ، و إقناعهم أنه مازال يصلح بديلا !!
لكن بحسب معلوماتنا ، فإن كافة المسؤولين الأوروبيين الذين تواصل معهم أيمن نور ، عاملوه بفتور شديد ، لا يختلف عن الفتور الذي قابله به المسؤولون القطريون عندما طرق أبوابهم في 2015 بدعم من المنصف المرزوقي و توكل كرمان ، بحثا عن تمويل يسميه المصريون ” سبوبة ” .
و كما اضطر أيمن لادعاء التسمم بعد عشاء الدوحة ، و مثلما اضطر لتسريب صوره الشخصية الحميمة لوكالة الأناضول ، ليقول أانه مازال موجودا ، و لكي يسترعي انتباه الجميع ، أجرى انتخابات ” اتحاد القوى الوطنية ” الذي لا وجود فعليا له !!
* بدر الساري : كاتب عراقي يقيم في ألمانيا ، متخصص في شؤون الشرق الأوسط ، باحث و محاضر في عدة مراكز بحثية أوروبية . من فريق تحرير ” المنشر ” .