حسن خالد
ما الذي ينقص النظام المصري لكي يفهم أنه فشل فشلا مدويا في كل شيء ؟
و أن ذرائعه و تبريراته و تفسيراته و لفه و دورانه كاذبة كلها ؟!
و ماذا ينقص الوضع في مصر لكي تكتمل الكارثة ؟
و يكتمل شعور النظام أنه يقود البلاد لكارثة ؟
و يكتمل شعور المواطن أنه في قلب كارثة ؟
الكارثة هنا ليست فقط الفشل الاقتصادي ، لأن كل جوانب الإخفاق السياسي و الاقتصادي قابلة للإصلاح عندما يتغير سببها و تتوفر الإرادة السياسية التي تقود إرادة شعبية .
الكارثة التي أتحدث عنها هي سلب مصر كل ما من شأنه إلهام الإنسان المصري أنه قادر على تحسين حياته .
و سلبه كل ما من شأنه تعزيز انتمائه للبلد .
رئيس الدولة نفسه يعترف أن الأطباء المصريين يهاجرون بالجماعات للخارج بسبب نقص الرواتب.
و رفع الرواتب ليس معجزة تحتاج اكتشاف بئر من الدولارات أو الجنيهات في الصحراء الغربية او البحر المتوسط على غرار اكتشافات الغاز الفنكوشية التي يعلن النظام عنها بين كل حين و آخر ليقنع المواطن بالصبر و أن الأوضاع ستتحسن بعد قليل .
رفع رواتب الأطباء و غيرهم ، يحتاج فقط قناعة من النظام الحاكم أنه يحكم ” بشرا ” طبيعيين مدنيين لا أنه يحكم كتيبة عسكرية سيمتثل من فيها للتعليمات فور صدورها !
النظام المصري لا يرى المصريين ولا يعترف بهم .
و لا يرى لهم حقوقا !
بل إنه لا يرى مصر أصلا .
لو كان يراها لما قال في الإمارات ” انتوا سابقيننا ” !
بل لما ذهب لهناك أصلا ليطلب الدعم .
النظام المصري لا يرى سوى نفسه . و لا يؤمن إلا بوجوده . و هو يتاجر حتى بـ ” الله ” عز وجل في جرأة مستفزة !
يتاجر بالله حين يقحم ذكره في أجواء و وأوضاع وسياسات تغضب الله سبحانه ولا ترضيه .
المثال الذي ضربته قبل قليل بالأطباء ، ينطبق أيضا على المعلمين و المهندسين و العمال بمختلف صنوفهم و كل كائن حي يدب على أرض مصر !
مصر في مهب كارثة كبرى .
و النظام يواجه كل شيء بالعناد و الكبر .
و ليس أدل على ذلك من العسكرة المتزايدة لجوانب الحياة المدنية التي وصلت لاختيار موظفي الحكومة وفق معايير عسكرية !
مع أن النيل ضاع و لم يتعامل النظام مع ضياعه كما تقول المعايير العسكرية !
و أنا هنا لأ أزايد على العسكريين بل أذكرهم بحديث موجود على اليوتيوب للمشير الراحل أبو غزالة قال فيه أن العبث بالنيل تهديد لأمن مصر القومي !
كلام كثير يمكن أن يقال عن الأوضاع في مصر لكنه كله لن يحرك في النظام ساكنا لأنه كما قلنا ” لا يرانا ” و لا يرى مصر !
النظام لا يرى غير ” تمام يافندم ” و من يقولونها بخضوع مهين !
و الغريب بل المذهل أن سيناريوهات التربص بمصر و الخطط التي تحاك لها تنشر يوميا في الإعلام الغربي و الدوائر البحثية الغربية !
و أول ملامحها هي أن النظام و الجيش و كل مفرادات القيادة في مصر في مهب الريح .
هم سيكونون أول الخاسرين .
المواطن لم يعد لديه ما يخسره .
بالعكس ، المواطن بفعل القهر سوف يرحب بأي خلاص من أي نوع .
دعك مما يلوكه النظام و قيادته من أن ” المصريين واعيين وصابرين ” .
هذا هراء .
أو ” بلح ” كما نقول في مصر .
لا أحد في مصر صابر .
الكل مقهور و مرعوب و مذعور .
لكن في لحظة ما سوف يفلت كل شيء من عقاله .
و سوف تقع الكارثة .
و وقوعها سنة كونية من سنن الله التي لا تحابي أحدا .
و دعك أيضا من ذلك الهراء و الافتراء على الله حين يقال ” مصر محفوظة ” !
نعم مصر محفوظة . مثلما يحفظ الله تعالى كل خلقه في كل مكان !!
لا خصوصية لمصر حين يستشري فيها الفساد و يستفحل الظلم و يعم البطش !
لذلك ، تم احتلال مصر لآلاف السنين !
و مرت بمجاعات و حروب أهلية !
و وصل الأمر ببعض المصريين في وقت ما لأكل لحوم بعضهم !
الخلاصة ، مصر تمضي نحو كارثة .
و الكل يراها باستثناء النظام الذي يتمترس في مواجهة كل شيء بثقة شيطانية كاذبة !
( حسن خالد : صحفي مصري مقيم في بلجيكا ، من فريق عمل المنشر )