ابدت منظمة حقوقية مخاوفها من اصدار تشريع يمنع حرية تداول المعلومات في مصر، بعد مناقشة لجنة حقوق حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطني موضوع حرية تداول المعلومات، بعد إحالة مشروع قانون حرية تداول المعلومات الذي أعده المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى مجلس النواب المصري.
واعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن تخوفها من أن يجري إصدار القانون وفق الرؤية الأمنية التي تميل للمنع والحجب وفرض عقوبات على حرية الرأي والتعبير.
حرية تداول المعلومات استحقاق دستوري
حرية تداول المعلومات استحقاق دستوري بنصّ المادة ٦٨ من دستور٢٠١٤ الذى يشير إلى أن البيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، وأن الإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وأن القانون ينظّم ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها وقواعد إيداعها والتظلّم من رفض إعطائها ويحدّد عقوبات حجب المعلومات أو تقديم معلومات مغلوطة عمدًا.
نقيب الصحفيين يندد باستمرار حظر حرية تداول المعلومات وحجب المواقع الالكترونية
كما أنها جزء من التزامات مصر الدولية بموجب الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والميثاقين الأفريقى والعربى لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الصحفيون والباحثون يواجهون صعوبات كبرى في الحصول على المعلومات.
وبالتبعية، يكون الحصول على أي معلومة رسمية أو شبه رسمية أكثر صعوبة على المواطن العادي، مما يستحيل معه تفعيل مبدأ الرقابة الشعبية على السلطات العامة.
مخاوف حقوقية من القانون
خلال مناقشات اللجنة أثيرت مخاوف بشأن المسار الذي يمكن أن يتجه نحوه القانون المرتقب. فالقول بمنح المجلس الأعلى للإعلام حق “الضبطية القضائية”، وجعله مسئولا عن الإشراف على تنفيذ القانون يثير الكثير من القلق، خاصة بعد التجربة العملية السابقة والتي أظهرت ميل المجلس للتوسع في العقوبات بما ذلك حجب المواقع وعرقلة إصدار تراخيص الصحف والميل لتغليب الهواجس الأمنية على تكريس حرية الرأي والتعبير.
اليوم العالمي لحرية الصحافة: اعتقالات صحفيين وحجب واغلاق الصحف في مصر
النقطة الثانية التي أثارت مخاوف المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هي الحديث المطول والمتكرر عن “ضوابط” حرية تداول المعلومات وألا تتعارض مع “القيم والأخلاق” ولا الدين وهو ما يفتح بابا كبيرا لمنع تداول المعلومات واستمرار الحبس باتهامات مطاطة وغير دستورية مثل “إساءة استخدام حسابات وسائل التواصل الاجتماعي” أو “ازدراء الأديان” أو مخالفة “قيم الأسرة”.
وهناك أيضا التوسع المخيف في مفهوم “الأمن القومي” والذي ظهر في العديد من المداخلات دون تعريف واضح ومحدد له.
منظمة حقوقية من تدهور الوضع الصحي للصحفي أحمد سبيع في سجن بدر
الهواجس الأمنية
يتزايد الخوف من شكل القانون المرتقب وصياغته انطلاقا من الخبرات السابقة مع قوانين الصحافة والإعلام، وقانون مكافحة جرائم الانترنت، وقانون الجمعيات الأهلية، وغيرها من القوانين التي خرجت في صيغة تدل على سيادة الهواجس الأمنية والرغبة في التضييق بدلا من الإتاحة ووضع أطر تدعم الحريات وترسخها.
وليس أدل على ذلك من المادة المعيبة والفضفاضة في قانون مكافحة جرائم الإنترنت والتي تعاقب على مخالفة “قيم الأسرة المصرية”، وهي المادة التي يتم استخدامها لحبس عشرات النساء والفتيات لمجرد ظهورهن على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مختلف عن التصور النمطي السائد لطريقة وشكل المرأة المهذبة.
الصحفيين المصريين يصرخون. ..نريد حرية التحرك لاداء عملنا
بخلاف الخبرات السيئة مع تشريعات سابقة, كان من الفترض نظريا أن تحمي الحقوق والحريات وانتهى بها الأمر لتكريس تقييد الحقوق وتقنين القمع، هناك أيضا المناخ العام. فالقانون لا يعمل في الفراغ، لكنه يعمل فى بيئة قانونية وسياسية وثقافية، وبالتالي كلما كانت تلك البيئة تقدم ضمانات لممارسة الحريات والحقوق، كلما جاء القانون معبرا عن الواقع.
قضايا حرية الرأي والتعبير
المخيف هو أن البيئة الحالية التي يصدر فيها القانون غير مشجعة على الإطلاق، فقائمة المواقع المحجوبة تتزايد، وحبس المواطنين في قضايا نشر وتعبير عن آرائهم مستمر، وأعداد كبيرة تعاني فترات مطولة من الحبس الاحتياطي الذي تحول إلى عقوبة في حد ذاته، بدلا من كونه مجرد إجراء استثنائي ومؤقت، بخلاف التضييق على عمل الأحزاب وعمل مؤسسات المجتمع المدني.
مطالب حقوقية
ومن هنا توصي المبادرة المصرية أولا بتهيئة مجال عام مناسب للقانون عبر مجموعة من الخطوات الأساسية من بينه، تعديل النصوص المقيدة للحق في حرية الرأي والتعبير في القوانين القائمة بالفعل مثل القانون١٨٠ لسنة ٢٠١٨ الخاص بتنظيم الصحافة.
انتخابات الصحفيين في مصر .. البلشي في مواجهة قمع النظام
ورفع الحجب على المواقع الإلكترونية والذي يتم عادة بدون سند قانوني، بل وبدون معرفة هوية الجهة القائمة بالحجب، والإفراج عن المحبوسين احتياطيا في قضايا رأي دون سند قانوني
كما طالبت المبادرة فتح المجال السياسي للأحزاب والنقابات وعموم المواطنين للعمل على الأرض بحرية حقيقية، وفع القيود عن عمل مؤسسات المجتمع المدني
ودعت المبادرة المصرية إلى قانون من شأنه أن يكون أداة داعمة لحرية الرأي والتعبير، وأداة للشفافية والمساءلة، انطلاقا من كونه وسيلة أساسية لدعم باقي الحقوق والحريات المكفولة دستوريا.
وأن يكون القانون أداة أساسية لتعزيز الحقوق في المجتمع فضلا عن أهميته في تعزيز مناخ الاستثمار فلا استثمار دون معلومات متاحة للجميع وبلا قيود . وبالتالي فالحق في المعرفة لا يقف عند كونه حق ولكنه أداة لتفعيل ممارسة حقوق أخرى، كالتعليم والصحة والتقاضي الحر ويجب على الدولة أن تتيح لمواطنيها حق الوصول للمعلومات التي من شأنها أن تؤثر على حياتهم.