طالبت 7 منظمات حقوقية بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين، وضرورة إجراء إصلاح عميق لمنظومة مكافحة الإرهاب في مصر، ووقف استهداف المعارضة السياسية السلمية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، ووضع حد للتعذيب والإفلات من العقاب والانتهاكات الجسيمة الأخرى التي تمارسها السلطات المصرية على مدار العقد الماضي.
ووأوضحت 7 منظمات حقوقية انها وثقت 4202 حكما بالإعدام أصدرتها محاكم مصرية، تم تنفيذ 448 منها، بعد محاكمات تستند إلى حد كبير إلى “اعترافات تحت التعذيب”.
وحبس عشرات الآلاف من الأفراد ظلما، إما بعد إدانتهم في محاكمات بالغة الجور، أو رهن الحبس الاحتياطي المطول لفترات تجاوزت أحيانا الحد الأقصى المسموح به قانونا عامين .
ومن بين ضحايا هذه الممارسات القمعية مدافعون عن حقوق الإنسان، وأعضاء وشخصيات بارزة في المعارضة السياسية السلمية، وصحفيون وفنانون، وصناع محتوى على الإنترنت. وحتى الآن، لا تزال منظومة مكافحة الإرهاب في مصر إحدى الأدوات الأساسية التي تستخدمها السلطات المصرية لبناء واستدامة النظام الاستبدادي.
وذكرت منظمات حقوقية المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومبادرة الحرية، وكوميتي فور جستس، والشبكة المصرية لحقوق الانسان أن التشريع المصري في 2013 كان يتضمن بالفعل أحكاما تجرم الإرهاب، وأن مكافحة الإرهاب لم تكن بحاجة لقوانين جديدة أو لتفويض. فقد تم توظيف قانون العقوبات المصري، الذي تم تعديله عام 2014، وقانون مكافحة الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية، الصادران بموجب مرسوم رئاسي عام 2015، بشكل منهجي لمعاقبة المعارضة السلمية.
وقد سبق وحذرت المنظمات مرارا وتكرارا من مخاطر تشريعات مكافحة الإرهاب على الحقوق والحريات، باعتبارها تشجع على استخدام القوة المميتة وترسخ للإفلات من العقاب. فعلى سبيل المثال، توفر المادتان 40 و41 من قانون مكافحة الإرهاب، رقم 94 لعام 2015، غطاء قانونيا لإخفاء الأفراد قسرا واحتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي لمدة تصل إلى 28 يوما. بينما وفقا لقانون الكيانات الإرهابية، رقم 8 لعام 2015، يمكن للمحكمة إدراج الأشخاص أو الكيانات على قوائم الإرهاب بناء على طلب النيابة، دون دليل على ارتكاب جريمة محددة. وبين عامي 2015 و2022، أدرجت المحاكم المصرية بشكل تعسفي 4620 مواطنا مصريا، ببينهم سياسيين سلميين ومدافعين عن حقوق الإنسان، على قوائم الإرهاب دون محاكمة وبناء على تحقيقات أمن الدولة.
في ديسمبر 2013، قررت محكمة الاستئناف المصرية تشكيل دوائر محددة للنظر في القضايا المتعلقة بالإرهاب، إلى جانب محكمة طوارئ أمن الدولة.
دأبت هذه المحاكم على إصدار أحكام قاسية بحق المعارضين السلميين، وحتى بحق الأفراد غير السياسيين. دوائر الإرهاب مسئولة أيضا عن حبس عشرات الآلاف من الأفراد احتياطيا لسنوات، بتهم لا أساس لها من الصحة.
وفي عام 2022 وحده، أمرت دوائر الإرهاب بتمديد احتجاز ما يقرب من 25000 فرد، بينهم مدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين ومعارضين سلميين، بينما أمرت فقط بالإفراج عن 1.41٪ منهم.
و تعقد دوائر الإرهاب جلساتها بشكل روتيني دون اتباع للإجراءات القانونية الواجبة، وتستند فقط إلى تحريات قوات الأمن الغامضة، وتحرم محامي الدفاع من الوصول لملفات القضايا.
ومنذ يوليو 2013، أحيل آلاف المدنيين لمحاكم عسكرية، ورغم أن الدساتير المصرية المتعاقبة كانت تتيح محاكمة المدنيين عسكريا، إلا أن المرسوم الرئاسي 136/2014، الصادر في 2014، تعمد توسيع صلاحيات المحاكم العسكرية، ومنحها سلطة محاكمة المدنيين الذين يزعم تورطهم في جرائم تم ارتكابها في نطاق ما تعتبره السلطات “المرافق العامة والحيوية”.
وقد وثقت المنظمات الحقوقية انتهاكات للحق في محاكمة عادلة في 363 قضية على الأقل أمام المحاكم العسكرية.
وأوضحت أن نيابة أمن الدولة العليا، المكلفة بالتحقيق في قضايا الأمن القومي، تتعمد بشكل منهجي إساءة استخدام مكافحة الإرهاب لمحاكمة آلاف المعارضين السلميين. فبينما حققت نيابة أمن الدولة العليا في 529 قضية تتعلق بمكافحة الإرهاب في 2013، ارتفع العدد بشكل مطرد ليصل إلى حوالي 10130 قضية بحلول عام 2021.
واتهمت المنظمات الحقوقية نيابة أمن الدولة العليا بالتواطئ في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإخفاء القسري والتعذيب، من خلال الرفض المنهجي للتحقيق في مزاعم الانتهاكات وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب.
كانت سيناء أكثر المناطق تأثرا بإجراءات مكافحة الإرهاب التي اتخذتها السلطات المصرية، وعلى مدار العقد الماضي عانى سكانها من انتهاكات تتراوح بين التهجير القسري لعشرات الآلاف والقتل خارج نطاق القانون والتعذيب والاعتقالات التعسفية الجماعية على أيدي قوات الأمن.
كما استخدمت السلطات المصرية مكافحة الإرهاب لاستهداف وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدنين وفقا لبيان المنظمات.
بداية من الحظر التعسفي للتغطية الإعلامية لقضايا محددة، وصولا إلى حجب مئات المواقع، بما في ذلك تلك الخاصة بالمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المستقل، وذلك بحجة المخاوف الأمنية المزعومة المتعلقة بالإرهاب، مما أدى في النهاية إلى تراجع مصر ثمانية مراتب على المؤشر العالمي لحرية الصحافة، لتصبح واحدة من أكبر سجون الصحفيين.
وتابعت المنظمات إنه بذريعة مكافحة الإرهاب، حصلت السلطات المصرية على موافقة وطنية ودولية لتطوير السياسات والممارسات التي تعزز من ترسيخ السلطوية وسحق المعارضة السلمية.
وبعد 10 سنوات، ومع استمرار تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر، أعلنت السلطات عن عدة مبادرات يزعم أنها تهدف إلى معالجة الأزمة وتهدئة الانتقادات الدولية الخافتة بطبعها.
ومع ذلك، ونظرا لغياب الإرادة السياسية، لم تسفر أي من هذه المبادرات، بما في ذلك الحوار الوطني مؤخرا، عن أي تغيير حقيقي.
وشدد على اهمية وجود إرادة سياسية حقيقية لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، فنقطة الانطلاق هي إجراء إصلاح شامل لمنظومة مكافحة الإرهاب.