في حادثة مأساوية شهدتها مصر يوم الثلاثاء 21 مايو 2024، غرقت 16 فتاة عاملة في مياه النيل أثناء ذهابهن للعمل في مصنع الأسمدة الزراعية، بعد غرق معدية أبو غالب بمنشأة القناطر، وإصابة 9 آخرين الحادث ليس الأول من نوعه، فهو جزء من سلسلة حوادث متكررة تطال الأطفال العمال، مما يجعل الصمت حول هذه الجريمة أكثر ألمًا وعجزًا.
حوادث عاملة الأطفال في مصر
في 8 فبراير 2023، انقلبت سيارة ربع نقل على طريق الإسماعلية السويس الصحراوي محملة بأطفال عمال، مما أسفر عن مصرع طفلين وإصابة 40 آخرين بإصابات مختلفة.
وفي 15 يناير 2023، انقلبت سيارة أخرى في قرية المطيعة بأسيوط، مما أدى إلى وفاة 5 أطفال وإصابة 22 آخرين. وفي 24 سبتمبر 2022، ألقت الشرطة القبض على صاحب مطعم في القاهرة بتهمة استغلال الأطفال في أعمال غير ملائمة.
جريمة عمالة الأطفال
هذه الحوادث البشعة تعكس واقعًا يتجاهله الكثيرون، رغم تنفيذ مشروع لمكافحة عمالة الأطفال منذ 2018. هل أحدث هذا المشروع فعلًا تغييرًا؟ هل وضعت الحكومة سياسات فعالة لمكافحة هذه الظاهرة؟ هل حُصرت بيانات دقيقة عن الأطفال العمال؟ وهل تم منع عمل الأطفال في المهن الخطرة؟
الإجابة الموجزة: لا. لم يحدث أي تقدم يُذكر. الأطفال ما زالوا يواجهون المخاطر دون حماية، والحكومة تفشل في تنفيذ السياسات الضرورية لوقف هذا الجحيم. إن صمتنا على هذه الجريمة يجعلنا شركاء فيها.
غياب التفتيش والتدابير الوقائية
بعد وقوع سلسلة من حوادث العبارات التي أودت بحياة العديد من الأطفال العمال، أفادت التقارير بوجود 144 عبارة لنقل الركاب يومياً، معظمها مخصص للعمال والعاملات اليوميين. ومع ذلك، فإن هذه العبارات لم تكن موضوع تفتيش دقيق بالنسبة للصيانة اللازمة أو عدد الركاب المسموح به على العبارة.
وبالطبع، فإن هذه العمالة غير المنتظمة تعاني من غياب التأمين الصحي والاجتماعي، وتواجه مخاطر الحوادث والإصابات والأمراض المهنية، بالإضافة إلى ساعات العمل المفرطة والأجور غير المنصفة، وكل هذا يحدث بعيدًا عن الحد القانوني للعمل.
على الرغم من وجود القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي صدقتها مصر والتي تجرم عمالة الأطفال وتحد من انتشارها، إلا أن التنفيذ الفعال لتلك القوانين والتشريعات يظل ضعيفًا.
فمثلا، اتفاقية العمل الدولية رقم 138 تحدد الحد الأدنى لسن العمل وتمنع عمالة الأطفال تحت سن 18 عاماً في الأعمال الخطرة، لكن الواقع يشير إلى تجاوز ذلك في العديد من الحالات.
وعلى الرغم من وجود التشريعات المصرية التي تحظر عمل الأطفال تحت سن 12 عامًا، وتنظم عمل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، فإن تطبيق تلك القوانين يقتصر بشكل رئيسي على القطاعات الحكومية والمصانع الكبيرة، مما يترك القطاع غير المنظم والمصانع الصغيرة بدون حماية تمنع استغلال الأطفال.
القوانين المصرية تؤكد أن تشغيل الأطفال، وهي قانون العمل رقم 12 لعام 2003، وقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، والدستور المصري لعام 2014.
وينص هذا الحظر على عدم تجاوز العمل لأكثر من 6 ساعات يوميًا، مع فترات مناسبة للراحة وتناول الطعام، وعدم العمل لأكثر من 4 ساعات متصلة، والامتناع عن العمل في فترات إضافية أو في أيام العطلات. ويُمنع العمل بين السابعة مساءً والسابعة صباحًا.