في تطور ملحوظ للتوترات الإقليمية، قالت الحكومة الإثيوبية إنه ينبغي على مصر “التخلي عن نهجها العدواني” تجاه سد النهضة الإثيوبي (GERD)، وذلك في إطار التصعيد المستمر بشأن الخلاف حول هذا المشروع الكبير على نهر النيل.
وقد جاء هذا التصريح ردًا على رسالة أرسلتها مصر إلى مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، والتي اتهمت فيها إثيوبيا بانتهاك القانون الدولي من خلال الاستمرار في ملء السد دون الحصول على موافقة دول المصب.
الرد الإثيوبي:
في رسالتها إلى مجلس الأمن، رفضت إثيوبيا ما وصفته بـ “سلسلة من الادعاءات التي لا أساس لها” من جانب القاهرة.
وأكدت أديس أبابا أن السد، الذي يُعد أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا، هو مشروع أساسي لتنمية البلاد ويهدف إلى تحسين مستوى الكهرباء وتوفير الطاقة لملايين الأسر الإثيوبية.
وأشارت إثيوبيا إلى أن السد قد دخل في مرحلة متقدمة من الاكتمال، حيث بدأ خزانه في ملء المياه منذ عام 2020 وبدأ في توليد الطاقة بالفعل.
الخلفية التاريخية:
يعود الخلاف حول سد النهضة إلى عام 2011، عندما بدأت إثيوبيا في بناء السد على النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل الذي يوفر 85% من مياه النهر.
و ترى مصر أن هذا السد يشكل تهديدًا وجوديًا لها، حيث تعتمد بشكل شبه كامل على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية. كما تستند مصر إلى معاهدتين من الحقبة الاستعمارية تضمنان لها حقوقًا في اعتراض المشاريع المقامة في منبع النهر.
المخاوف والتحديات:
تخشى مصر، إلى جانب السودان، من أن يؤدي بناء السد إلى تهديد إمداداتها الأساسية من المياه، خاصة في حال حدوث سنوات متتالية من الجفاف.
وقد فشلت جهود دبلوماسية متعددة للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن كيفية إدارة السد وتوزيع المياه. وقد شهدت الجهود الأخيرة في ديسمبر من العام الماضي تبادل الاتهامات بين البلدين بشأن تعنت الطرف الآخر.
الأبعاد الإقليمية:
في الأسابيع الأخيرة، ازدادت التوترات في منطقة القرن الأفريقي، لا سيما بعد الاتفاق العسكري بين مصر والصومال، وهي الجارة الشرقية لإثيوبيا. تدهورت العلاقات بين مقديشو وأديس أبابا بعد توقيع إثيوبيا في يناير/كانون الثاني اتفاقًا مع جمهورية أرض الصومال، والتي تعتبرها الصومال جزءًا من أراضيها، ويعتبر الاتفاق من قبل الصومال عملاً عدوانيًا.
التحذيرات والتصعيد:
حذر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في نهاية الأسبوع الجاري من أي محاولات لشن هجمات على بلاده، مؤكدًا أن إثيوبيا ستكون مستعدة لصد أي هجوم من “بعيد أو قريب”. يعكس هذا التصعيد حالة التوتر المتزايد في المنطقة ويعقد جهود البحث عن حلول سلمية للخلافات القائمة.
تتواصل الأزمة بين إثيوبيا ومصر بشأن سد النهضة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. تبقى جهود الدبلوماسية الدولية ضرورية لتخفيف حدة الصراع وضمان الوصول إلى حل عادل ومستدام يضمن مصالح جميع الأطراف المعنية.