يترقب المتابعون والسياسيون ما سوف يصدر عن مصر ، بعدما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاتفاق مع زعيمي إثيوبيا والصومال على إنهاء الخلاف بين البلدين، وذلك بشأن إقليم أرض الصومال الانفصالي، ووصف المصالحة بينهما بأنها “تاريخية”.
وخلال مؤتمر غاب عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وحضره الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قال أردوغان: “اتفقنا على مذكرة تفاهم مشتركة مع إثيوبيا والصومال”.
بدوره، قال رئيس الوزراء الإثيوبي إن طموح بلاده للوصول بشكل آمن إلى البحر هو مشروع سلمي، مضيفاً أن “مناقشات اليوم ستتيح لنا العمل معاً والتعاون”، وذلك في إشارة إلى رغبة إثيوبيا في بناء ميناء بإقليم أرض الصومال الانفصالي.
وتدهورت العلاقات بين الدولتين الجارتين في منطقة القرن الأفريقي منذ إبرام إثيوبيا اتفاقا مع إقليم أرض الصومال في الأول من يناير 2023 منح الإذن لأديس أبابا باستخدام سواحل الإقليم على خليج عدن لأغراض تجارية وعسكرية.
ورفض الصومال اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال، ووصفه بأنه غير نظامي ويشكل تهديدا لحسن الجوار وانتهاكا لسيادة البلاد، في حين دافعت الحكومة الإثيوبية عن الاتفاق قائلة إنه لن يؤثر على أي حزب أو دولة.
يقول الخبير العسكري والإستراتيجي المصري والمستشار في كلية القادة والأركان، اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، في تصريحات صحفية: “فيما يتعلق بالمصالحة الصومالية الإثيوبية التي تمت في أنقرة برعاية تركية أمس، ففي تقديري يبرز بالنسبة لإثيوبيا أنها وقعت على اتفاقية المصالحة لاستشعارها القلق عن ضياع أو طمس مذكرة التفاهم التي وقعتها منذ 3 أشهر تقريبا مع إقليم أرض الصومال (صومالي لاند).
مضيفا:”والتى تعترف بموجبها باستقلالية صومالي لاند عن الصومال، (ما اعتبر تحركا دبلوماسيا غير قانوني وتدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لدولة الصومال التي ترفض انفصال الإقليم عنها منذ بداية الأزمة في 1991)، مقابل حيازة قطعة من ساحل الأخيرة على البحر الأحمر بطول 20 كيلومترا”.
وتابع :”فإثيوبيا مما لاشك فيه قد خافت من ضياع هذه الفرصة بعد فوز المعارض العنيف عبدالرحمن محمد عبدالله (الشهير بعبدالرحمن عرو) بانتخابات رئاسة الإقليم على حساب سابقه موسى نيهي عبدي في نوفمبر 2024، أي بعد شهرين من الاتفاقية المزعومة”.
وتابع الخبير المصري بالقول: “هذا الأمر غالبا ما سوف ينقض ويفض جميع قرارات موسى بيهي، وفي التقدير على رأسها قطعة ساحل البحر التي يحلم بها آبي أحمد، ومن هنا فإن آبي أحمد المعروف بالاندفاع في سياساته غير محسوبة العواقب، سرعان ما غيّر اتجاه دفته وشرع يبحث عن وسيلة جديدة يصلح بها نتائج قراراته، ولذلك من البديهي أن تكون وجهة نظره الآن هو توقيع اتفاقية سلام فى إطار الاستقرار والتعاون مع الدولة الرسمية الجار، فهي أنسب طريقة للخروج من هذا المأزق الذي أوقع نفسه به”.
وأشار الخبير العسكري المصري إلى أنه بالنسبة لدولة الصومال، فالاتفاقية تصب في صالحها العام بكل الأحوال، والمكتسبات المرجوة منها وأهمها رجوع إثيوبيا عن اعترافها المزعوم بصومالي لاند، الذي لم يعلن حتى الآن، ولكن في غالب التقدير سيحدث من خلال تفاهمات وترتيبات قد تحدث في المستقبل القريب حال نجاح الحفاظ على بنود المصالحة وحيثياتها.
أما بالنسبة لتركيا فيعتبر الأمر نجاحا لدبلوماسيتها الخارجية وتحديدا في منطقة القرن الإفريقي، فللأتراك أيضا مصالح إستراتيجية في هذه البقعة المتميزة بحساسية جغرافيتها، وبالفعل وكما ورد بوسائل الإعلام فإن أولى هذه المكتسبات لتركيا برزت بموافقة الصومال بإعطاء الأتراك حق البحث والتنقيب عن مصادر الغاز بالبحر الأحمر فى المياه الاقتصادية الصومالية، ووردت أنباء عن تحرك سفينة الأبحاث (كمال عوريج التركية) إلى المنطقة لبدء العمل.
أما بالنسبة لمصر فيقول الخبير: “في التقدير أظن هذا الأمر لا يؤثر على وجود قوات مصرية ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصومال المعروفة باسم (أتميس)، فهذا أمر مختلف وتشرف عليه الأمم المتحدة بموافقة الدولة الحاضنة للبعثة، والتي يدرك رئيسها حسن شيخ محمود أهمية وجود الدور المصري الفاعل ضمن البعثة، تماما كإدراكه لسياسات إثيوبيا المتلعثمة وسرعة اندفاع مسؤوليها في قراراتهم الإستراتيجية”.