البرنامج النووي السعودي والتحولات الدبلوماسية في الشرق الأوسط
في تحولٍ جديدٍ على الساحة الدبلوماسية في الشرق الأوسط، يعكس البرنامج النووي السعودي محط أنظار العالم، مع استمرار المفاوضات بين الرياض وواشنطن بشأن الدعم الأمريكي لهذا المشروع، وسط تحولات سياسية تشهدها المنطقة.
الولايات المتحدة والسعودية: فرصة جديدة في ظل الإدارة المقبلة
يشير تقرير مجلة “نيزافيسيمايا” الروسية إلى أن المملكة العربية السعودية تعتقد أن المفاوضات حول برنامجها النووي قد تجد فرصة جديدة في حال فوز الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بولاية ثانية. وكان ترامب قد أعرب في فترة ولايته الأولى عن رغبته في تعزيز العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وهو ما كان سيشمل تقديم دعم أمريكي لبرنامج الطاقة النووية السعودي. وعلى الرغم من بعض التوترات التي نشأت خلال فترة حكم جو بايدن، بسبب تصاعد النزاع في قطاع غزة، يبدو أن السعودية لا تزال تشترط المساعدة الأمريكية في تطوير قدرتها النووية كشرط للموافقة على أي اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل.
برنامج الطاقة النووية السعودي: طموحات ومخاوف
البرنامج النووي السعودي، الذي لا يزال في مراحله الأولية، يعد من أبرز المشاريع الطموحة التي تسعى الرياض لتحقيقها، حيث تهدف المملكة إلى تطوير قدرتها الخاصة على إنتاج الطاقة النووية المدنية. من جهتها، تصر الرياض على أن البرنامج يجب أن يتم تحت إشراف وتعاون أمريكي، وإن كان هذا التعاون لم يخلُ من التحديات. السعودية أكدت في أكثر من مناسبة أنها قد تتجه إلى الصين كبديل في حال رفضت واشنطن مساعدتها في هذا المجال، ما قد يؤدي إلى تغييرات جيوسياسية عميقة في المنطقة، خاصة في مجال الانتشار النووي.
أهمية برنامج التعاون النووي الأمريكي السعودي
تشير التقارير إلى أن البرنامج النووي السعودي قد يشكل فرصة للولايات المتحدة لتطبيق آليات جديدة لضمان استخدام المواد النووية المدنية لأغراض سلمية فقط، مما سيساهم في تقليل المخاوف من تحول هذه المواد إلى أغراض عسكرية. وفقًا لتقديرات نشرة العلماء الذريين الأمريكية، قد تشمل هذه الآليات إنشاء هيئة استشارية مشتركة بين الرياض وواشنطن لضمان التزام السعودية بالقوانين الدولية المتعلقة بتطوير الطاقة النووية.
التقارب السعودي الإسرائيلي: مواقف متقلبة
رغم الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، فإن الرياض كانت قد أعلنت في وقت سابق عن انسحابها من اتفاقيات إبراهيم بعد تصاعد الحرب في قطاع غزة، ووضعت شرطًا أساسيًا لاستئناف المحادثات وهو تقديم ضمانات فلسطينية من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بخصوص إنشاء دولة فلسطينية. ومع ذلك، أشار مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايكل والتز، إلى أن عملية التقارب بين إسرائيل والسعودية قد تخلق فرصًا اقتصادية هائلة، مثل مشروعات البنية التحتية والموانئ، وبالتالي فإن التعاون بين القوتين الإقليميتين قد يسهم في الحد من العداء التاريخي بينهما.
السعودية والصين: تحول استراتيجي محتمل
إذا فشلت المفاوضات الأمريكية-السعودية حول البرنامج النووي، فقد تتوجه الرياض إلى الصين التي باتت تمثل حليفًا استراتيجيًا في مجالات متعددة، بما في ذلك الطاقة النووية. في هذا السياق، يشير تقرير “نيزافيسيمايا” إلى أن التحول نحو التعاون النووي مع الصين سيعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى تعقيد القضايا النووية في المنطقة، ويزيد من المخاوف بشأن انتشار الأسلحة النووية.
خاتمة: التحديات والفرص المستقبلية
يبقى أن نرى كيف ستتطور العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة في المستقبل، خاصة في ظل الصعوبات التي قد تواجهها إدارة بايدن في إتمام أي اتفاق نووي مع الرياض. وفي حال فاز ترامب بولاية ثانية، فإن فرص التعاون النووي قد تكون أقوى من أي وقت مضى. ومع دخول الصين في الصورة، قد يصبح البرنامج النووي السعودي نقطة تحول استراتيجية ليس فقط للرياض، بل للمنطقة بأكملها، مما سيؤثر في المستقبل على توازنات القوة في الشرق الأوسط.