«مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية الكردي المدعوم من ترامب والذي يحمل مفاتيح سجون الدواعش ” ١٠٠ ألف داعشي “..سيصبح رقم مهم في المعادلة الإقليمية»، هكذا وصف الإعلامي المصري نشأت الديهي مضيفة قائد ميليشيا قسد الكردية التي تحارب علي جبهتين، احداهما تركية والأخرى الإدارة السورية الجديدة بقيادة احمد الشرع.
الديهي هو رئيس قناة فضائية إماراتية تبث من مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة، وبحسب مراقبون فإن ظهوره علي هذا النحو يعطي دلالة مصرية وآخري إماراتية، خصوصا بعد زيارة قام بها الرئيس المصري الي أبوظبي، التقي خلالها بالرئيس الإماراتي محمد بن زايد.
ومن جهته أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن بلاده حريصة على الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأمن شعبها، مشددا على ضرورة تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لاستعادة الاستقرار في سوريا.جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه السيسي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي خطوة مفاجئة تحمل دلالات سياسية خطيرة، أعلن عدد من مشايخ الطائفة العلوية في سوريا وتركيا عن إصدار “البيان رقم 1”، الذي يمهّد لتأسيس إقليم علوي يضم لواء إسكندرون، اللاذقية، وطرطوس، ليكون تابعًا سياسيًا وعسكريًا للدولة التركية، مع استقلاله المادي.
إذا ما تم تنفيذ هذا المخطط، فإن تركيا ستكون قد وضعت قدمًا راسخة في الساحل السوري، بعد أن أحكمت سيطرتها على مناطق واسعة في الشمال، مثل إدلب، عفرين، رأس العين، وتل أبيض، مما يجعلها أقرب إلى إعادة رسم حدودها بشكل غير رسمي داخل الأراضي السورية.
من الناحية الاستراتيجية، فإن اللاذقية وطرطوس تمثلان شريانًا حيويًا لسوريا، حيث يقع فيهما أهم القواعد العسكرية والموانئ البحرية، بما في ذلك قاعدة حميميم الجوية الروسية، وميناء طرطوس، الذي يُعد منفذًا رئيسيًا لروسيا على البحر المتوسط. لذا، فإن أي تغيير في الوضع السياسي والإداري لهذه المناطق سيفتح الباب أمام صراع دولي واسع النطاق.
حتى الآن، لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة السورية، لكن من المؤكد أن دمشق سترفض أي محاولة لفصل أراضٍ سورية عن سيادتها.
أما تركيا، فرغم عدم صدور رد فعل رسمي، فإن نص البيان يشير إلى أن تنفيذ الخطة يعتمد على موافقة أنقرة والأمم المتحدة، مما يوحي بوجود تنسيق مسبق أو على الأقل ضوء أخضر غير معلن من الحكومة التركية.
روسيا وإيران، الحليفان الرئيسيان لسوريا، قد تعتبران هذه الخطوة تجاوزًا للخطوط الحمراء، خاصة أن موسكو تعتمد على الساحل السوري كموقع استراتيجي، فيما ترى طهران أن تحركات تركيا قد تهدد نفوذها في سوريا، مما يضع المنطقة على حافة مواجهة جيوسياسية خطيرة.
وتهدد تركيا بسحق الوحدات الكردية في شمال وشرق سوريا إذا لم يخرج مقاتلوها الأجانب من سوريا، وإذا لم تتخل عناصرها السورية عن الأسلحة وتنضم إلى الجيش السوري الموحد، لافتة إلى أن الإدارة السورية الجديدة قادرة على اتخاذ خطوات في هذا الصدد.
وتحظى الوحدات الكردية بدعم قوي من الولايات المتحدة ودول غربية أعضاء في التحالف الدولي ضد «داعش»، بدعوى أنها حليف وثيق في الحرب على التنظيم الإرهابي في سوريا.
من جهته قال رئيس الادارة السورية أحمد الشرع إن حزب العمال الكردستاني، الذي تعد الوحدات الكردية ذراعه في سوريا، يستغل تنظيم «داعش» وسيلة للابتزاز، وإن هذا الوضع يجب أن يحل على المستوى الدولي، وأنهم جددوا مطلبهم بالسيطرة على السجون.
وأضاف: «أرسلنا لهم رسالة مفتوحة، كما التقينا بالدول، قلنا إن السجون التي يوجد فيها عناصر (داعش)، والخاضعة حالياً لحماية (الوحدات الكردية – «قسد») يجب أن تكون تحت سيطرتنا»، لافتاً إلى أن إدارته قد تطلب الدعم من تركيا في هذا الصدد.
ولفت الشرع إلى أن إدارته سعت لإيجاد حل وسط مع الأكراد الذين تعرضوا لظلم كبير في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، مؤكداً أنهم «جزء مهم من المجتمع السوري، ونرغب في العيش معهم بسلام دون إراقة الدماء».
في سياق متصل، بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مع نظيريه الروسي، سيرغي لافروف، والإيراني عباس عراقجي، في اتصالين هاتفيين منفصلين مساء الخميس، التطورات في سوريا.
وبحسب وزارة الخارجية التركية، أكد فيدان ونظيراه خلال الاتصالين أهمية تطهير سوريا من التنظيمات الإرهابية، وإحلال الاستقرار والأمن فيها.في الوقت ذاته، استمرت الاشتباكات العنيفة بين فصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، و«قسد» في محاور متعددة في شرق حلب أهمها محور سد تشرين.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 9 عناصر من الفصائل، وإصابة 11 آخرين، في عمليات نفذتها «قسد» استهدفت خلالها قواعد تركية في قرية الهوشرية بريف منبج وريف مدينة دير حافر شرق حلب، وتجمعاً لآليات وعناصر القوات التركية في قرية عطشانة جنوب منبج في شرق حلب.
وبينما تتجه الأنظار لعقد لقاءٍ جديد سيجمع خلال هذا الأسبوع قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بالإدارة السورية الجديدة التي يقودها أحمد الشرع، يواصل كلا الطرفين تبادل الرسائل عبر وسائل الإعلام دون أن يقدم أي منهما على خطواتٍ فعلية وملمّوسة حتى الآن.
لاسيما أن توحيد الفصائل العسكرية المتعددة التي تأسست بعد الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011 والتي طالبت بإسقاط نظام الرئيس السابق بشار الأسد الذي فرّ إلى روسيا الشهر الماضي، لا يزال العقبة الأكبر أمام تشكيل جيش جديد للبلاد عقب الإطاحة بالأسد.
ورغم حصول لقاء مباشر في نهاية ديسمبر الماضي بين قائد قسد مظلوم عبدي والشرع،لم يصل الجانبان إلى أي نتائج بشأن مستقبل “قسد” التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية أبرز مكوناتها وتسيطر كلياً وجزئياً على 4 محافظات سورية هي حلب والحسكة والرقة ودير الزور.
إذ ترفض قسد حلّ نفسها وهو الأمر الذي تطالب به تركيا التي تتهم هذه القوات بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور لدى أنقرة والذي يخوض تمرّداً مسلّحاً ضدها منذ العام 1984.
وعلى إثر ذلك خاض الجيش التركي 3 عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية وتمكن من خلالها السيطرة على 3 مدن كردية وذات غالبية كردية تقع على الحدود السورية ـ التركية بين عامي 2016 و2019.
وذكر مصدر من القيادة العامة لقسد أن “حل قواتنا أو تسليم سلاحنا لدمشق أمر مرفوض تماماً على الأقل في الوقت الحالي رغم التفاوض مع الإدارة الجديدة”.كما أوضح أن “قوات سوريا الديمقراطية يمكنها أن تكون جزءاً من الجيش السوري الذي سيتمّ تشكليه إذا ما شاركت في الحكومة التي تتولى هذه المهمة”.
ويغلب التردد في حسم الموقف المصري من التغيير الجديد في سوريا بعد سقوط الأسد، زاد من ضبابيته بروز مطلوبين للقاهرة على الأراضي السورية بعد اعتقال أحمد المنصور الذي أسس حركة 25 يناير ودعا لتغيير حكم السيسي، وقبله ظهور محمد فتحي المطلوب للقضاء المصري بصحبة أحمد الشرع قائد الإدارة لسوريا الجديدة، قبل ان تمنعه الإدارة السورية من دخول البلاد.
سبقهما عبد الرحمن القرضاوي الذي عبر عن مواقفه المناهضة للحكومة المصرية من سوريا، اعتقلته لبنان ثم رحّلته إلى الإمارات ولم يعرف إن كان سلم لمصر ام لا.
لكن الإعلام المصري داب على شن حملات واسعة النطاق من التنديد بالمطلوبين والتنبيه إلى أخطارهم على مستقبل العلاقة بين الدولتين. فهل ستسلم دمشق منصورًا للقاهرة لبداية عهد جديد، أم لن تضحي بمن قاتل في صفوف قادتها يومًا من الأيام؟