قررت الحكومة المصرية رفع أسعار المنتجات البترولية للمرة الثانية خلال 6 أشهر، مما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الحياة اليومية للمواطنين، التي تشمل الزيادات جميع أنواع البنزين والسولار والبوتاجاز وغيرها من المشتقات النفطية، مع توقعات بتحقيق وفر قدره 35 مليار جنيه في ميزانية الدولة.
يتناول تقرير المنشر الاخباري تداعيات هذه الزيادات على المواطن المصري في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
الزيادات الجديدة في أسعار الوقود والطاقة
شهدت مصر ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار المنتجات البترولية، حيث قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية زيادة الأسعار اعتباراً من الساعة السادسة صباح يوم الجمعة 11 أبريل 2025. تضمنت الزيادات رفع سعر بنزين 95 من 17 إلى 19 جنيهاً للتر، وبنزين 92 من 15.25 إلى 17.25 جنيهاً للتر، وبنزين 80 من 13.75 إلى 15.75 جنيهاً للتر.
كما تم رفع سعر السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً في مصر، من 13.5 إلى 15.5 جنيهاً للتر، بنسبة زيادة تبلغ نحو 14.81%.
لم تقتصر الزيادات على الوقود السائل فقط، بل امتدت لتشمل أسعار البوتاجاز، حيث ارتفع سعر أسطوانة البوتاجاز المنزلي (12.5 كجم) من 150 إلى 200 جنيه، وأسطوانة البوتاجاز التجاري من 300 إلى 400 جنيه، وطن الغاز الصب من 12 ألفاً إلى 16 ألف جنيه.
هذه الزيادات تمثل المرة الثانية التي ترفع فيها مصر أسعار الوقود خلال ستة أشهر فقط، مما يشير إلى سياسة مستمرة لتقليص الدعم الحكومي للمنتجات البترولية.
آلية تسعير الوقود في مصر
تعتمد لجنة تسعير الوقود في مصر، والتي تأسست في يوليو 2019، في قراراتها بشأن زيادة أو خفض أو تثبيت الأسعار، على ثلاثة عوامل رئيسية: متوسط أسعار خام برنت، وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه، بالإضافة إلى معدل التضخم في قطاع النقل.
وفقاً للقواعد المنظمة، يجب ألا تتجاوز نسبة التغير في سعر البيع للمستهلك 10% ارتفاعاً أو انخفاضاً، لكن اللجنة لم تلتزم بهذه النسبة في الزيادة الأخيرة، حيث تجاوزت نسبة الزيادة 14% في بعض المنتجات.
أسباب رفع أسعار الوقود والمشتقات البترولية
أوضحت وزارة البترول أن سبب زيادة أسعار الوقود يرجع إلى تقليل الفجوة بين أسعار بيع المنتجات البترولية وتكاليف إنتاجها واستيرادها المرتفعة.
وقد أشار مسؤول حكومي إلى أن تكلفة بيع لتر السولار والبنزين على الحكومة في الربع الثاني من العام المالي الجاري بلغت في المتوسط 20 جنيهاً للتر، وهو ما يعني استمرار الدعم الحكومي رغم الزيادة الأخيرة.
خفض الدعم الحكومي للوقود
يأتي رفع الأسعار في إطار خطة الحكومة لخفض دعم الطاقة وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، والذي تبلغ قيمته 8 مليارات دولار أمريكي.
وقد خصصت الحكومة المصرية 154 مليار جنيه (3.02 مليار دولار) لدعم الوقود في السنة المالية 2024-2025، ويتجاوز دعم الديزل وحده 750 مليون جنيه يومياً.
ضغوط اقتصادية وتمويلية
تستورد مصر 40% من احتياجاتها من الوقود، مما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية وانخفاض قيمة العملة.
وقد أدى انخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة 55% في مارس 2024 إلى زيادة كبيرة في تكاليف الاستيراد[3]. تهدف الحكومة من خلال زيادة الأسعار إلى توفير 35 مليار جنيه في موازنة الدولة خلال العام المالي الحالي 2025-2026.
التأثيرات المباشرة على المواطن المصري: زيادة تكاليف التنقل والمواصلات
تؤدي زيادة أسعار الوقود بشكل مباشر إلى ارتفاع تكاليف النقل والمواصلات، سواء للمركبات الخاصة أو وسائل النقل العام. ستتكبد هيئة سكك حديد مصر مصروفات تشغيل إضافية نتيجة رفع أسعار السولار، بقيمة تتراوح بين مليار و1.2 مليار جنيه، مما قد يدفعها إلى زيادة أسعار تذاكر القطارات.
كذلك من المتوقع زيادة أجرة المواصلات والنقل العام خلال ساعات من تطبيق الزيادة الجديدة.
ارتفاع تكاليف الطهي والاستهلاك المنزلي
يؤثر رفع سعر أسطوانة البوتاجاز المنزلي من 150 إلى 200 جنيه بشكل مباشر على ميزانيات الأسر المصرية، خاصة في المناطق الريفية والعشوائية التي تعتمد بشكل أساسي على البوتاجاز في الطهي.
هذه الزيادة بنسبة 33% تمثل عبئاً إضافياً على الأسر محدودة الدخل، وتزيد من تكاليف المعيشة اليومية للمواطنين.
تآكل القدرة الشرائية للمواطنين
مع استمرار زيادة أسعار الوقود والخدمات المرتبطة بها، تتآكل القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة مع تسارع معدلات التضخم. فقد تسارع التضخم في مدن مصر خلال مارس الماضي، ليبلغ 13.6% على أساس سنوي مقابل 12.8% في فبراير.
ومن المتوقع أن تؤدي زيادة أسعار الوقود إلى مزيد من الارتفاع في معدلات التضخم، مما يزيد من الضغوط المعيشية على المواطنين.
ارتفاع أسعار السلع والخدمات
أكد مراقبون، أن أي زيادة في أسعار الوقود تؤدي إلى رفع تكلفة النقل، مما ينعكس مباشرة على مؤشر أسعار المستهلكين، بالإضافة إلى تأثير هذه الزيادة على معظم السلع، خاصة أن الزيادة تُحمّل في النهاية على المستهلك.
تشكل تكاليف النقل عنصراً أساسياً في سلسلة التوريد لمعظم السلع، وبالتالي فإن زيادتها تنعكس على أسعار جميع المنتجات تقريباً.
زيادة معدلات التضخم
توقع الخبراء المصرفيون أن تستمر معدلات التضخم في الارتفاع للشهر الثاني على التوالي خلال قراءة شهر أبريل.
فمن شأن زيادة أسعار كافة فئات المحروقات أن تغذي التضخم في مصر، وهو ما سيزيد من تكاليف المعيشة على المواطنين.
وقد كان التضخم قد تسارع بالفعل في مدن مصر خلال مارس الماضي، ليبلغ 13.6% على أساس سنوي مقابل 12.8% في فبراير.
تأثيرات على قطاعات الإنتاج المختلفة
تؤدي زيادة تكاليف الطاقة والنقل إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية، مما يقلل من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية. وقد قررت الحكومة تثبيت أسعار المازوت المورد للكهرباء والصناعات الغذائية وغاز تموين السيارات، لتخفيف الأعباء على هذه القطاعات الحيوية.