في خطوة جديدة من نوعها، أصدرت سلطات الاحتلال الهندية، بدعم من الجيش، قرارًا يعاقب كل من يرفع علم باكستان في إقليم كشمير المحتل، في محاولة للحد من الرموز المعبرة عن الانتماء أو التعاطف مع الجارة اللدودة. هذا القرار تلاه إطلاق حملة واسعة لإزالة الرسومات والملصقات التي تتضمن العلم الباكستاني من الجدران والأماكن العامة.
لكن سكان كشمير، الذين يبدو أنهم يملكون حسًا عاليًا بالفكاهة والمقاومة السلمية، لم يتأخروا في الرد على هذا القرار، فقد قرر بعضهم رسم العلم الباكستاني على الأبقار، مستفيدين من المكانة المقدسة التي تحتلها هذه الحيوانات لدى الهندوس، ما يجعل أي محاولة لإزالتها مغامرة محفوفة بالعواقب!
في بلد تتشابك فيه السياسة بالدين، تحول هذا التصرّف إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى في ما فعله الكشميريون عبقرية ساخرة ومقاومة سلمية مبتكرة، وبين من اعتبره تصعيدًا استفزازيًا. إلا أن النتيجة كانت واضحة: لا الجدران آمنة، ولا حتى الأبقار، من حرب الرموز.
ومع تصاعد التوترات في كشمير عقب الهجوم الأخير في باهالجام، والذي خلّف عشرات القتلى، يبدو أن المنطقة تسير في خط متصاعد من التحدي الشعبي للسلطات، حيث لم تعد الأعلام ترفع على الساريات فقط، بل قد تجدها في أماكن غير متوقعة… كظهر بقرة!
تجددت التوترات على خط السيطرة الفعلي في كشمير، بعد تبادل لإطلاق النار بين القوات الباكستانية والهندية خلال ساعات الليل، وسط تصعيد خطير في العلاقات بين البلدين النوويين. ويمثل هذا التطور مؤشراً جديداً على هشاشة الوضع في الإقليم المتنازع عليه منذ عقود.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سيد أشفق جيلاني، وهو مسؤول حكومي في مقاطعة وادي جيلوم بكشمير الباكستانية، قوله إن “تبادل إطلاق نار وقع بين موقعين في وادي ليبا خلال الليل”، مؤكداً أن الاشتباكات لم تطل المدنيين، وأن الحياة لا تزال طبيعية في المنطقة مع بقاء المدارس مفتوحة.
من جانبها، أفادت مصادر عسكرية هندية أن الجيش الهندي “رد على إطلاق نار من قبل القوات الباكستانية استهدف مواقع هندية”، مشيرة إلى عدم وقوع إصابات في صفوف القوات أو المدنيين.
وتأتي هذه التطورات بعد الهجوم الدامي الذي شهدته منطقة باهالجام في الشطر الهندي من كشمير الثلاثاء الماضي، وأسفر عن مقتل 26 سائحاً، ما أثار غضباً واسعاً في الهند، التي سارعت إلى تحميل جماعة مسلحة يزعم أنها مدعومة من باكستان المسؤولية. في المقابل، نفت إسلام آباد أي صلة لها بالهجوم.
رداً على الحادث، اتخذت الحكومة الهندية حزمة من الإجراءات التصعيدية ضد باكستان، شملت تعليق العمل بمعاهدة تقاسم مياه نهر السند، إغلاق المعبر البري الرئيسي، تقليص عدد الدبلوماسيين، ووقف إصدار التأشيرات للمواطنين الباكستانيين، مع مطالبة المتواجدين في البلاد بالمغادرة.
لم تقف باكستان مكتوفة الأيدي، إذ عقدت لجنة الأمن القومي اجتماعاً طارئاً أعلنت في أعقابه إجراءات مماثلة، شملت طرد دبلوماسيين هنود، إلغاء تأشيراتهم، إغلاق الحدود والمجال الجوي، ووقف العلاقات التجارية مع الهند. كما أطلقت تحذيراً شديد اللهجة اعتبرت فيه أي محاولة هندية للمساس بحصتها من مياه نهر السند “عملاً عدوانياً سيُقابل برد قوي”.
معاهدة مياه نهر السند، التي تم التوصل إليها بوساطة من البنك الدولي عام 1960، تنص على تقاسم ستة أنهار بين البلدين، بحيث تذهب الأنهار الغربية (السند، جيلوم، شيناب) إلى باكستان، فيما تستفيد الهند من الأنهار الشرقية (سوتليج، بيس، رافي). وأي مساس بهذه المعاهدة قد يفتح الباب أمام أزمة أعمق، لا سيما أن نهر السند يُعد شرياناً مائياً حيوياً لباكستان.
وزارة الخارجية الباكستانية شددت في بيان رسمي اليوم على أن البلاد “لن تسمح بأي مس بسيادتها وأمنها”، مؤكدة استعداد قواتها المسلحة للرد على أي “مغامرة متهورة”. كما أبلغت نيودلهي أن المستشارين الدفاعيين الهنود في إسلام آباد غير مرحب بهم، ويجب عليهم مغادرة البلاد خلال 48 ساعة.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية متسارعة، وتبدو العلاقات الهندية الباكستانية مقبلة على اختبار جديد قد يحمل عواقب وخيمة، في حال عدم احتواء التصعيد وتغليب لغة الدبلوماسية على صوت الرصاص.