في تطور جديد يعكس تعقيد المشهد السياسي والإنساني في غزة، نقلت شبكة “سي إن إن” عن مصدر مقرب من حركة حماس أن الحركة تعتزم تبني موقف أكثر تشددا في المحادثات المقبلة، بعد انسحاب كل من الولايات المتحدة وإسرائيل من جولة مفاوضات وقف إطلاق النار الأخيرة في الدوحة.
وبحسب المصدر، تراجع حماس مرونتها السابقة بشأن توقيت إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، حيث تبحث الآن خيار الإفراج عنهم تدريجيا خلال هدنة تمتد لـ 60 يوما، بدلا من إطلاق ثمانية من أصل عشرة في اليوم الأول، كما كان مطروحا سابقا.
ويجري أيضا، بحسب المصدر، مراجعة داخلية لمسائل تتعلق بإنهاء الحرب، وهي ملفات كانت ترحل تقليديا إلى مرحلة ما بعد بدء الهدنة.
تصريحات متبادلة وتوتر دبلوماسي
وأكد مسؤول مصري لشبكة CNN هذه التغييرات، مشيرا إلى أن حماس تواجه ضغوطا داخلية متزايدة بسبب النقص الحاد في الغذاء، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
وفي رسالة صوتية نشرت مؤخرا، حمل خليل الحية، القيادي البارز في حماس، الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية تعطيل المحادثات، قائلا:
“لا معنى للمفاوضات بينما غزة تحت الحصار والجوع والدمار”.
وكانت واشنطن وتل أبيب قد علقتا مشاركتهما في المحادثات في 21 أغسطس/آب، متهمتين حماس بـ”عرقلة عملية السلام”. وقال ستيف ويتاكر، الممثل الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الرد الأخير من الحركة “خلا من أي نية واضحة للتوصل إلى اتفاق”.
وفي تصريحات حادة في 23 أغسطس، قال الرئيس ترامب:
“حماس تريد الموت… لقد وصلنا إلى نقطة يجب أن تنتهي عندها الأمور”.
من جهته، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه فقد الأمل في نجاح مفاوضات وقف إطلاق النار مع حماس.
السلطة الفلسطينية تطالب بتسليم غزة
في خضم هذه التطورات، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، خلال كلمته في مؤتمر حل الدولتين المنعقد في نيويورك، إلى نزع سلاح حماس وتسليم السلطة الفلسطينية السيطرة الكاملة على قطاع غزة.
وقال مصطفى إن “الدولة الفلسطينية وحدها لها الحق في السيادة على قطاع غزة”، مؤكدا في الوقت ذاته رفض السلطة “لكل أشكال العنف، وخاصة استهداف المدنيين”.
أزمة إنسانية متفاقمة ومجاعة تلوح في الأفق
على الجانب الإنساني، أقر الرئيس ترامب، خلال زيارة إلى اسكتلندا، بوجود “مجاعة حقيقية في غزة”، وأعلن عن خطة لإنشاء مواقع توزيع غذاء يسهل الوصول إليها، قائلا:
“لا يمكنك إنكار ما تراه. إسرائيل تتحمل مسؤولية كبيرة، وسأطلب من نتنياهو السماح بوصول الغذاء بالكامل”.
وفي إطار تعبئة إنسانية واسعة، أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن إرسال مساعدات جوية عاجلة، تشمل الغذاء والمعدات الطبية، فيما أكدت إسبانيا، عبر وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألفاريز بوينو، تسليم مساعدات خلال الأيام المقبلة بالتعاون مع الأردن، الذي سيتولى إيصالها جوا إلى غزة.
ومع تعليق الهجمات في ثلاث مناطق من القطاع 10 ساعات يوميا، وفتح طرق جديدة للمساعدات، تأمل المنظمات الدولية بتحسن طفيف، وإن كانت تعتبره غير كاف. وقال بوينو:
“المساعدات الجوية تكفي لنحو 5 آلاف شخص فقط. نحتاج إلى ممرات برية آمنة وتدفق مستمر ودون عوائق”.
ضغوط دولية على إسرائيل
تزامنا مع هذه الجهود، اتهمت منظمات إسرائيلية بارزة حكومة نتنياهو بارتكاب إبادة جماعية. وفي واشنطن، قال السيناتور المستقل أنغوس كينغ إنه لن يدعم مساعدات جديدة لإسرائيل ما دام أطفال غزة يموتون جوعا.
ووفقا لوزارة الصحة في غزة، توفي 147 شخصا بسبب الجوع وسوء التغذية منذ بدء الأزمة، بينهم 87 طفلا، في إحصائية صادمة تعكس عمق الكارثة الإنسانية.










