تشهد محافظة السويداء جنوب سوريا واحدة من أفظع الكوارث الإنسانية في تاريخها الحديث، حيث يُعدّ ملف المخطوفين والمفقودين من أشد الملفات تعقيداً وحساسية جرّاء الاجتياح العسكري الذي نفذته قوات الحكومة المؤقتة ومجموعاتها المسلحة منذ 14 يوليو 2025.
إحصائيات الكارثة:
- 1,386 قتيل (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
- 450 مفقود (تقديرات محلية)
- 176,000 نازح (الأمم المتحدة)
- 238 إعدام ميداني خلال 8 أيام
ملف المفقودين: أرقام مرعبة وحقائق صادمة
إحصائيات رسمية موثقة
وثّقت اللجنة القانونية العليا التي شكّلتها الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية قوائم أسمية تضمنت 230 مفقوداً، بينهم:
- 17 امرأة
- 8 أطفال (أحدهم رضيع لا يتجاوز عمره ثلاثة أشهر)
في المقابل، تلقت الطبابة الشرعية في السويداء بلاغات عن 170 مفقوداً تشتبه عائلاتهم باستشهادهم، حيث تعرض صور الجثامين المجهولة على الأهالي للتعرف عليها.
بمقارنة أرقام المصادر المختلفة، فإن الحصيلة التقديرية للمفقودين لا تقل عن 450 شخصاً، بينهم نحو 80 امرأة وحوالي 20 طفلاً، لا يزال أكثر من نصفهم مجهولي المصير.
النساء المفقودات: مأساة خاصة
أكثر من 80 امرأة مفقودة
وثّق ناشطون حقوقيون حصيلة أولية ضمّت ما لا يقل عن 80 امرأة وفتاة تعرضن للاختطاف في عمليات جماعية منظمة، بعضهنّ تأكدت وفاتهنّ، وأخريات عدن إلى عائلاتهن، بينما لا يزال مصير العدد الأكبر مجهولاً.
قائمة بأسماء المختطفات
تضمنت لائحة المختطفات من النساء الدرزيات أسماء موثقة منها:
رغد سامر أسد، لونا الباروكي، تاج منذر، ضحى علم الدين، ماجدة أحمد نصر، منال أسد نصر، ميساء نصر، ناهدة حمد نصر، شذى دليقان، رؤى الأطرش، عُلا شرف الدين، باسمة العوام، سمرا حكمت ذيب، ريم بريك، مياسي قطيني، ريما قطيني، نادية صقر، خالدة حمد، وفاء دارب نصر وأحفادها: بانا، غنى، جواد تميم نصر، رنا الحلبي، دعاء غرزالدين، الطفلات سيرين وتالا الخطيب، شمس سائر سلامة، شريفة الصالح، هالة صلاح الدين، روان سليمان، سهام صافي نصر، ريما أسعد بوشبلي نصر وأطفالها، حياة بوشبلي نصر، ماجدة ريدان وبناتها شهد وسيرين الخطيب وعشرات الأسماء الأخرى.
الإعدامات الميدانية: جرائم موثقة
وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتكاب 238 حالة إعدام ميداني خلال 8 أيام فقط (13-21 يوليو)، بينهم:
- 30 امرأة
- 8 أطفال
- رجل مسن
هذه الإعدامات نُفذت على يد مسلحين يرتدون زي وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين، وجرت في مناطق متفرقة من المحافظة.
شهادات حية من الميدان
عائلة ماجدة تركي ريدان
تُجسد قصة السيدة ماجدة تركي ريدان من قرية رضيمة اللواء حجم المأساة، حيث اختُطفت مع ابنتها وحفيدتيها الطفلتين بعد مقتل زوجها وابنها وزوجة ابنها. ظهرت العائلة في مقاطع مصورة أثناء احتجازها قبل أن تُسلَّم لاحقاً إلى “الأمن العام” ويتم الإفراج عنها في عملية “تبادل”.
أكرم جميل زهر الدين
خُطف المدني المسن أكرم جميل زهر الدين من قرية الصورة الكبيرة شمال السويداء، ولا يزال محتجزاً في بلدة السهوة بريف درعا الشرقي. طالب الخاطفون بالكشف عن مصير أقارب لهم فُقدوا، رغم أن الرجل وأقاربه لا صلة لهم بالموضوع إلا بالانتماء الديني.
القرى المنكوبة ومسارح الجريمة
تركّزت عمليات الخطف والإعدامات الميدانية في:
القرى الغربية:
- الثعلة والدور والمجدل والمزرعة وتعارة والدويرة
القرى الشمالية:
- الصورة الكبيرة وصولاً إلى المتونة
- بعض الأحياء في مدينة السويداء حين اقتحامها
ظهرت مشاهد فيديو بثها مسلحون محسوبون على السلطات المؤقتة توثق عمليات خطف جماعي لنساء ورجال وأطفال، منها مقطع فيديو من قرية الدور في ريف السويداء الغربي.
اختطاف العاملين الإنسانيين
في إطار استهداف العمل الإنساني، اختُطف حمزة العمارين رئيس مركز الاستجابة الطارئة في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) يوم 16 يوليو 2025 أثناء توجهه لتنفيذ مهمة إجلاء إنسانية لفريق من الأمم المتحدة في مدينة السويداء.
أوقفه مسلحون محليون في منطقة دوار العمران واقتادوه إلى مكان مجهول وأخذوا سيارته التي تحمل شارات الخوذ البيضاء.
الاستجابة الدولية والإنسانية
موقف الأمم المتحدة
وثّق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية نزوح 176,000 شخص بسبب الأعمال العدائية في السويداء، معظمهم باتجاه محافظتي درعا وريف دمشق المجاورتين.
أكدت منظمة الصحة العالمية وقوع 5 هجمات على المرافق الصحية، منها قتل طبيبين على الأقل واستهداف سيارات الإسعاف والاحتلال المؤقت للمستشفيات.
موقف منظمة هيومن رايتس ووتش
وصفت هيومن رايتس ووتش الوضع بأنه “أزمة إنسانية خطيرة” وأكدت أن القتال أدى إلى “انقطاع واسع النطاق للكهرباء والمياه والرعاية الصحية” وأجج “خطاب الكراهية الطائفية”.
الوضع الإنساني الكارثي
انهيار الخدمات الأساسية
- انقطاع شبكات المياه لأكثر من أسبوع
- انقطاعات كبيرة في الكهرباء والاتصالات
- نقص حاد في الغذاء والوقود
- خروج معظم المستشفيات عن الخدمة
- تكدس الجثث في الممرات والمشارح
المساعدات الإنسانية
دخلت أول قافلة مساعدات محدودة في 20 يوليو عبر الهلال الأحمر السوري، لكن الشيخ الهجري رفض دخول الوفد الحكومي المرافق للقافلة.
ملف معقد ووسيلة ضغط سياسية
يبقى ملف المخطوفين والمفقودين أداة ضغط معقدة، حيث تشير الوقائع إلى أن بعض الإفراجات تجري عبر السلطات المؤقتة بآلية “الوساطات”، ما يشير إلى تحكّمها بالملف وزيادة معاناة الأهالي الذين يعيشون حالة من القلق والترقب.
تشكيل مكتب تنفيذي منفصل
أعلنت اللجنة القانونية العليا في أغسطس 2025 تشكيل “مكتب تنفيذي” برئاسة ماهر غالب العنداري لإدارة شؤون السويداء غير مرتبط بالحكومة المركزية في دمشق، في خطوة تُفسر كمحاولة لإقامة إدارة ذاتية في المحافظة.
