أعلنت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختصة، اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025، رسمياً تفشي المجاعة في قطاع غزة، في أول إعلان من نوعه في منطقة الشرق الأوسط منذ إنشاء نظام مراقبة الجوع العالمي.
جاء الإعلان من خلال بيان مشترك أصدرته أربع منظمات أممية كبرى: منظمة الصحة العالمية، صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، صدر من جنيف.
البيان الأممي المشترك: أرقام صادمة
نصف مليون شخص في مجاعة
أكد البيان الأممي المشترك أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة، في ظروف وُصفت بـ”الكارثية” تتسم بالجوع والعوز والموت.
معايير المجاعة الثلاثة مستوفاة
استند الإعلان إلى التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو النظام المعترف به دولياً لتصنيف شدة انعدام الأمن الغذائي. وقد تم استيفاء المعايير الثلاثة الصارمة لإعلان المجاعة 20% من الأسر على الأقل تواجه نقصاً حاداً في الغذاء، و30% من الأطفال على الأقل يعانون من سوء التغذية الحاد،ووفاة شخصين يومياً من كل 10 آلاف شخص بسبب “الجوع الصريح”
النطاق الجغرافي والتوقعات المستقبلية
المناطق المتأثرة حالياً
يشمل إعلان المجاعة محافظة غزة (مدينة غزة وثلاث بلدات محيطة وعدة مخيمات لاجئين)، والتي تغطي حوالي 20% من مساحة القطاع ويقطنها نحو نصف مليون شخص.
وحذر التقرير من أن المجاعة ستمتد إلى محافظتي دير البلح وخان يونس بحلول نهاية سبتمبر 2025، مما يعني تغطية 65.5% من مساحة القطاع بحلول ذلك الوقت.
وتوقع أن يرتفع عدد من يواجهون ظروفاً كارثية من 500 ألف حالياً إلى 641 ألف شخص بحلول نهاية سبتمبر.
الإحصائيات المأساوية
وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة 271 حالة وفاة بسبب المجاعة وسوء التغذية، بينهم 112 طفلاً، بحسب أحدث الإحصائيات.
وتشير البيانات إلى أن أكثر من 12 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو الرقم الأعلى على الإطلاق، بزيادة 6 أضعاف منذ بداية العام.
وفي مدينة غزة تحديداً، يعاني طفل واحد من كل 3 أطفال من سوء التغذية، وهو معدل أعلى 6 أضعاف مما كان عليه قبل انهيار وقف إطلاق النار في مارس 2025.
أسباب المجاعة: الحصار والعرقلة الممنهجة
وتغلق سلطات الاحتلال الإسرائيلي جميع المعابر مع القطاع منذ 2 مارس 2025، وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، مما تسبب في تفشي المجاعة.
وأكد التقرير الأممي أن 98% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة متضررة أو غير قابلة للوصول، مع انهيار كامل لمنظومة الأسواق والخدمات.
الموقف الأممي: “مجاعة من صنع الإنسان”
من جانبه وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجاعة في غزة بأنها “كارثة من صنع الإنسان” وليست لغزاً، مؤكداً أنه “لا يمكن السماح باستمرار هذا الوضع دون عقاب”.
وقال غوتيريش: “في الوقت الذي يبدو فيه أن الكلمات قد نفدت لوصف جحيم غزة أُضيف جحيم جديد: المجاعة”.
كما صرّح توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية: “هي مجاعة كان من الممكن تفاديها لو تسنّى لنا القيام بذلك. غير أن المساعدات الغذائية تتكدّس عند الحدود بسبب العرقلة الممنهجة الممارسة من إسرائيل”.
الدعوات الأممية العاجلة
دعا البيان المشترك إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة،والوصول الإنساني الكامل دون عوائق لإنقاذ الأرواح،وضمان وصول المساعدات للحد من الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية.
وكذلك عدم التصعيد العسكري خاصة ضد مدينة غزة لما له من عواقب مدمرة إضافية على المدنيين
الرد الإسرائيلي: رفض قاطع
رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية نتائج التقرير، معتبرة أنه “يستند إلى أكاذيب حماس التي تغسلها منظمات لها مصالحها الخاصة”.
وقالت في بيان: “لا توجد مجاعة في غزة”، متهمة المنظمات الأممية بالانحياز.
موقف وزير الخارجية الإسرائيلي
سبق أن شكك وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في “أزمة التجويع”، زاعماً أن ما ترصده المنظمات الدولية بشأن أزمة الجوع “أكاذيب”، رغم إقراره بأن الوضع في غزة “صعب”.
الأهمية التاريخية للإعلان
يُعد هذا أول إعلان رسمي للمجاعة في منطقة الشرق الأوسط منذ إنشاء نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عام 2004.
ولم يستخدم التصنيف المرحلي المتكامل للإعلان عن المجاعة سوى 4 مرات فقط منذ إنشائه، كان آخرها في السودان العام الماضي، ليصبح إعلان غزة هو المجاعة الخامسة عالمياً.










