تواصل جمهورية مصر العربية استعداداتها لنشر وحدات من قواتها المسلحة فى الصومال، وذلك فى إطار مشاركتها ضمن بعثة الاتحاد الأفريقى لدعم الاستقرار فى الصومال (AUSSOM).
ويهدف انتشار القوات المصرية إلى الإسهام فى جهود بناء الدولة الصومالية وتعزيز الأمن فى مواجهة التهديدات المتواصلة من قبل حركة الشباب المسلحة.
قواعد عمليات متقدمة فى أربع مدن
وقد حددت لجنة فنية من الجيش المصرى، كانت قد زارت الصومال الأسبوع الماضى، أربع مناطق رئيسية لإنشاء قواعد عمليات متقدمة، وهى: بلعاد، جوهر، بوران، ومهاداى، وجميعها تقع فى منطقة شبيلى الوسطى، حيث تنتشر حاليا قوات بوروندية تعمل ضمن بعثة حفظ السلام.
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن اختيار هذه المناطق جاء بعد تقييم شامل للظروف البيئية، والمناخية، ومدى التفاعل المجتمعى المحتمل مع الوجود المصرى العسكرى.
موقف إثيوبى معارض وتوترات إقليمية
قوبل التحرك المصرى بردود فعل متباينة فى المنطقة، حيث أعربت السلطات الإثيوبية عن معارضتها الصريحة لوجود القوات المصرية فى الصومال، معتبرة أن هذه الخطوة “ستعرقل بشكل كبير” العمليات العسكرية ضد مسلحى حركة الشباب. ويأتى هذا الموقف فى سياق الخلاف الدبلوماسى المستمر بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سد النهضة الإثيوبى الكبير، والذى من المقرر تدشينه اليوم، ما يضيف بعدا سياسيا حادا للوجود العسكرى المصرى فى القرن الأفريقى.
مساهمة جديدة فى بعثة AUSSOM
تنضم مصر إلى دول أفريقية أخرى تشارك فى بعثة AUSSOM، من بينها: إثيوبيا، أوغندا، بوروندى، جيبوتى، وكينيا. وكانت بعثة AUSSOM قد بدأت فى تقليص وجودها العسكرى مؤخرا، تمهيدا لنقل مسؤوليات الأمن إلى القوات الصومالية المحلية، ضمن استراتيجية “الانتقال الكامل للأمن”.
ومع ذلك، يرى خبراء عسكريون أن القدرات المحدودة للجيش الصومالى تضعف فرص نجاح هذه الاستراتيجية، خاصة فى ظل التوسع المستمر لحركة الشباب وسيطرتها على بلدات استراتيجية مثل موكورى، أدن يابال، ومحس، التى سقطت مؤخرا من أيدى القوات المحلية.
تهديد متزايد للقواعد الأمامية
تعد القواعد التشغيلية الأمامية أهدافا رئيسية لهجمات حركة الشباب، وقد سبق أن تعرضت قواعد تديرها قوات كينية مثل “إل-عدى” و”كولبيو” لهجمات عنيفة، انتهت بسيطرة الحركة عليها ومقتل عدد من الجنود. ويخشى مراقبون من تكرار هذه السيناريوهات ضد القواعد التى ستقيمها القوات المصرية، خصوصا فى المناطق المتقدمة التى تقع على خطوط تماس نشطة مع المسلحين.
مستقبل القوات المصرية
رغم التحديات الأمنية والسياسية، ينظر إلى المشاركة المصرية فى بعثة AUSSOM على أنها خطوة استراتيجية لإعادة بناء النفوذ المصرى فى أفريقيا، خصوصا فى منطقة القرن الأفريقى ذات الأهمية الجيوسياسية العالية. كما أنها تعكس تحولا فى سياسة القاهرة الدفاعية، باتجاه تعزيز الأمن الإقليمى والمشاركة المباشرة فى حل النزاعات الأفريقية.
لكن يبقى نجاح هذه المهمة مرهونا بمدى التنسيق بين الدول المشاركة، والقدرة على تحييد الخلافات السياسية، وعلى رأسها الخلاف المصرى-الإثيوبى، لضمان ألا تتحول بعثة حفظ السلام إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين قوى إقليمية متنافسة.










