في تطور لافت، سجلت الأيام الأخيرة تصعيدا أمنيا جديدا في الساحل السوري، تحديدا في محافظتي اللاذقية وطرطوس، عقب رصد بارجات حربية مجهولة الهوية تبحر قبالة الشواطئ السورية.
التقارير الواردة حتى صباح اليوم تثير مخاوف شعبية واستفهامات سياسية حول الجهة التي تقف وراء هذا التحرك العسكري، ومدى ارتباطه بالتطورات الإقليمية في شرق المتوسط، وخاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
بارجات غامضة في مياه متوترة
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان (SNHR)، في بيان صدر يوم 11 سبتمبر، أنه تم رصد انتشار بارجات حربية قبالة الساحل السوري، دون تحديد الجهة المالكة لها. ورغم تداول معلومات على منصات التواصل (خصوصا منصة “إكس”) تفيد بأنها قد تكون إسرائيلية أو روسية، لم يصدر أي بيان رسمي من دمشق أو من الجهات الإقليمية المعنية حتى الآن.
هذه البارجات وصفت بأنها “ضخمة وذات تسليح ثقيل”، وتمركزت ضمن المياه الإقليمية القريبة من اللاذقية وطرطوس، ما أثار حالة هلع بين المدنيين، وسط تكهنات بإمكانية وقوع تصعيد بحري وشيك.
صراع مصالح في شرق المتوسط
روسيا:
رغم أن موسكو خفضت حضورها البحري في سوريا بعد اشتباكات مارس 2025 مع فلول النظام المنهار، إلا أنها لا تزال تحتفظ بـ وجود عسكري في قاعدة طرطوس. بعض التقارير ترجح أن البارجات قد تكون روسية ضمن تحركات روتينية أو استعراض قوة أمام الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، التي توترت علاقتها بالكرملين مؤخرا بسبب اتهامات بتسليح جماعات متمردة في الساحل.
إسرائيل:
إسرائيل، التي تنفذ غارات دورية على أهداف إيرانية في الداخل السوري، ربما تقف وراء انتشار البارجات أيضا، خاصة بعد سقوط طائرة مسيرة مجهولة قرب الجليل الأعلى في فبراير الماضي، قادمة من الأراضي السورية. تشير مصادر إلى أن تل أبيب تراقب نشاطات تهريب الأسلحة عبر البحر، خصوصا إلى جماعات كـ”لواء درع الساحل” أو الفصائل المرتبطة بإيران.
الساحل السوري بعد الأسد
يعتبر الساحل السوري، تاريخيا، المنطقة الأكثر ولاء لنظام الأسد، وهو معقل للطائفة العلوية التي ارتبطت بمؤسسات النظام السابقة، ما يجعله نقطة حساسة في التوازن الطائفي والسياسي.
لكن بعد سقوط النظام، تحول الساحل إلى بؤرة لعدم الاستقرار، مع تكرار حوادث مسلحة ومجازر طائفية، كان أبرزها في مارس 2025، عندما أدت اشتباكات بين فصائل متنازعة إلى مقتل المئات ونزوح آلاف العائلات نحو الداخل.
وفي هذا السياق، فإن أي تحرك عسكري خارجي، خصوصا من روسيا أو إسرائيل، يفهم على أنه تدخل في منطقة رمزية ومعقدة للغاية.
تحليل أولي: هل هو استعراض قوة أم تحضير لصدام؟
تباينت التفسيرات حول وجود البارجات:
بعض المحللين يعتبرون أن الأمر لا يتجاوز دوريات بحرية روتينية لروسيا في ظل التغيرات الأمنية.
بينما يرى آخرون أن إسرائيل قد ترسل رسالة ردع واضحة ضد أي تموضع إيراني أو تهريب أسلحة نحو الجماعات التي يعتقد أنها تحتمي بالساحل.
في حين لم يستبعد أيضا احتمال تدخل قوى ثالثة (مثل فرنسا أو تركيا) في ظل تعدد الأجندات البحرية شرق المتوسط.
الظهور المتزامن لفصائل جديدة مثل “سرايا الجواد”، والحديث عن “درع الساحل” يعيد للأذهان مخاوف من عسكرة المنطقة وغياب سلطة مركزية قادرة على فرض الاستقرار.
تحديات الحكومة الجديدة: سيادة في مهب الريح؟
تعاني الحكومة السورية الجديدة، التي تشكلت بعد انهيار النظام السابق، من صعوبات كبيرة في بسط سلطتها على الساحل. الانتشار البحري الغامض يشكل تحديا مباشرا، ويضع القيادة في دمشق أمام خيارات محدودة:
الاحتجاج الدبلوماسي قد ينظر إليه كضعف إن لم يكن مدعوما بقدرات أمنية على الأرض.
أما الصمت الرسمي فقد يعزز الروايات المتداولة عن تواطؤ أو فقدان سيطرة.










