أرسلت إيطاليا أسطولًا بحريًا محمّلًا بالمساعدات الإنسانية باتجاه قطاع غزة، في خطوة إنسانية أثارت ترحيبًا أوروبيًا واسعًا، لكنها في الوقت نفسه أذكت مخاوف كبيرة من احتكاك عسكري محتمل مع إسرائيل، التي هددت بمنع أي محاولة لكسر حصار غزة عبر البحر، حتى لو اقترنت بغطاء عسكري أوروبي أو مدني
.تفاصيل المهمة الإنسانية الإيطالية
خرجت عشر سفن تحمل مساعدات إنسانية من ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية الإيطالية، ضمن ما يعرف بـ”أسطول الحرية”، متوجهة إلى غزة، في أحدث محاولة لكسر الحصار البحري الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ أكثر من 23 شهرًا. وتشارك في الأسطول قرابة ستين شخصية مدنية وسياسية من مختلف الجنسيات الأوروبية والعالمية، من بينهم برلمانيون ونواب أوروبيون، في تحرك إنساني هدفه تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية القاسية في غزة وتقديم إمدادات طبية وغذائية ومواد مدرسية، حُددت كأولوية للفلسطينيين داخل القطاع المدمر بفعل الحرب
.دعم عسكري إيطالي لمرافقة الأسطولبعد الهجوم الذي تعرض له “أسطول الصمود العالمي” في البحر المتوسط، والذي نسبته مصادر أممية إلى هجمات بطائرات مسيرة يُعتقد أنها إسرائيلية، قررت الحكومة الإيطالية إرسال سفينتين حربيتين من البحرية الوطنية لمرافقة الأسطول وتأمين مرور مواطنيها المشاركين فيه. وأكّد وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروزيتو، في إحاطة برلمانية، أن حماية رعايا إيطاليا تمثل أولوية بالنسبة للحكومة، وأن الهدف يكمن في ضمان وصول المساعدات بصورة آمنة إلى غزة دون وقوع ضحايا أو تصعيد عسكري
.رفض تسوية مع إسرائيلاقترحت روما وإسرائيل تسوية تعتبرها إيطاليا أكثر أمنًا، عبر إنزال شحنة المساعدات في ميناء قبرصي على أن تتولى بعدها مؤسسات دينية توزيعها على غزة عبر البر. إلا أن الوفد الإيطالي المدني المشارك في الأسطول رفض المقترح، وأكد في بيان أن المهمة الأساسية هي كسر الحصار الغير قانوني وإيصال المساعدات مباشرة للسكان المحاصرين، مع رفض أي التفاف على الهدف الأصلي للتحرك الدولي
.تخوفات من مواجهة بحريةتخيم أجواء القلق على مسار الأسطول وسط تهديدات إسرائيلية رسمية باستخدام القوة لمنع اقترابه من المياه الإقليمية لقطاع غزة، بحجة أن القطاع منطقة عمليات عسكرية. وتتوجس المنظمات الإنسانية والهيئات الأوروبية والدولية من إمكانية تدهور المشهد نحو مواجهة بحرية قد تفضي إلى مأساة. وحذرت الخارجية الإيطالية المشاركين في الأسطول من مغبة مواصلة التقدم ودعتهم إلى قبول المساعدة للعودة بسلام، فيما يجدد الناشطون تصميمهم على بلوغ هدفهم وكسر الحصار
.موقف البرلمانيين الإيطاليين والرأي العامطالب برلمانيون إيطاليون علنًا الحكومة بمواصلة حماية الأسطول والإصرار على موقف أخلاقي داعم للفلسطينيين، مؤكدين أن وجود السفن الحربية ليس تصعيدًا بل للضمان الوقائي وحماية أرواح المتطوعين
. كما دعوا للاعتراف الفوري بدولة فلسطين ودعم حق الشعب في العيش بسلام وصون كرامتهم الإنسانية عبر إغاثتهم في الساعات العصيبة الحالية.
دلالات إنسانية وسياسيةتكشف هذه المبادرة عن تصاعد الضغط الأوروبي على إسرائيل لوقف الحصار وفتح ممرات إنسانية بحرية باتجاه غزة مع تزايد حجم الضحايا وتدهور الأوضاع المعيشية في القطاع
. كما تضع المؤسسات الدولية أمام اختبار حقيقي لإرادة فرض القيم الإنسانية فوق الاعتبارات الأمنية والمصالح السياسية المتشابكة في شرق المتوسط.في ظل هذه التطورات، باتت الأنظار شاخصة إلى البحر المتوسط لمراقبة مصير الأسطول الإيطالي ـ المدني والعسكري ـ وموقف إسرائيل النهائي، وسط قناعة بأن الموقف الأوروبي إزاء قضية غزة يدخل مرحلة جديدة من الراديكالية والمجاهرة الإنسانية النشطة ولو جزئيًا، رغم المخاوف الأمنية الكبرى من تصعيد محتمل قد يُشعل أزمة إقليمية تفوق نطاق القضية الفلسطينية وحدها










