في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في الشارع السوري والعربي، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسومًا جمهوريًا يُعدل منظومة العطل الرسمية في البلاد، متضمنًا إلغاء عطلة نصر 6 أكتوبر (حرب تشرين التحريرية) وعيد الشهداء، إضافة لإلغاء عيد المعلم واعتماد عطلتين وطنيتين جديدتين هما عيد الثورة السورية (18 مارس) وعيد التحرير (8 ديسمبر)
.خلفيات القرار وتفاصيلهوفق المرسوم الذي وقع عليه أحمد الشرع، يتم اعتماد يوم 18 مارس – ذكرى انطلاق الثورة السورية – كعطلة رسمية وطنية، ويوم 8 ديسمبر كعيد التحرير، واعتبارهما رمزين لمفاصل التحوّل في تاريخ سوريا المعاصر
. في المقابل، شطب المرسوم ثلاث مناسبات سابقة وهي ذكرى نصر حرب تشرين المبجلة تقليديًا في سوريا، وعيد الشهداء الذي يوافق 6 مايو، إضافة إلى عيد المعلم
ووفقًا لمصادر حكومية رفيعة، تعكس هذه الخطوات توجه الدولة نحو إعادة صياغة الهوية الوطنية بما يتلاءم مع المرحلة الجديدة من التحوّل السياسي والاجتماعي، وتثبيت رموز الثورة والتغيير بدلاً من رموز الماضي
.أبعاد القرار وأثره على المجتمع السورييحمل هذا القرار أبعادًا سياسية رمزية حادة، إذ لم تمض سنوات قليلة على ذكرى حرب تشرين التي كانت تمثل لدى أجيال السوريين رمزا للمقاومة والانتصار ورافعة للخطاب القومي في مواجهة إسرائيل
. وكان عيد الشهداء يُمثل حالة إجماع وطنية ويُجسد تضحية آلاف السوريين على مدى عقود، ليصبح الاستغناء عنه مثار نقاش حول توجهات القيادة الجديدة لكتابة سردية تاريخية معاصرة تبدأ من الثورة ولا تعود للوراء
.وأعربت بعض الأوساط السياسية والإعلامية عن دهشتها وسخطها من فقدان رموز جامعة، مشددة على أنّ القرار يُعد قطيعة رمزية مع حقبة الأسد السابقة، بينما اعتبر آخرون المرسوم دليلًا على بداية مرحلة “سيادة الحيوية الثورية” والتقدم الاجتماعي على حساب ذاكرة الحرب والدولة الشمولية
.التفاعل الشعبي والرسميعقب إعلان القرار تباينت ردود الأفعال؛ إذ رحب عديد من الشباب والنخب المنخرطة في المشروع الوطني الجديد بهذه الرمزية، معتبرين أن تخليد الثورة والتحرير أولى من حصر الماضي في رموز تقليدية مرتبطة بالحروب والصراعات القديمة
. في حين عبّر قسم من المواطنين وخاصة قدامى العسكريين والعائلات التي فقدت أبناءها عن أسفهم لـ”اختفاء يوم الشرف من ذاكرة الدولة”، معتبرين ذلك عقابًا مزدوجًا للجنود والشهداء على مر الزمن
.دوافع القرار ومبررات الحكومةأشارت مصادر قريبة من الرئاسة إلى أن اختيار هذه السياسة يستهدف إحداث قطيعة ثقافية تُمهد الطريق لمرحلة انتقالية تعزز قيم الانفتاح والديمقراطية والانطلاق نحو أفق جديد، مؤكدة أن الثورة حررت الشعب من “قفص التقاليد الجامدة وسيطرة الحزب الواحد”
. كما أكدت التصريحات الرسمية أن سوريا بحاجة إلى رموز جديدة تناسب متطلبات التغيير السريع وتعزل مشاعر الانقسام القديمة المرتبطة بالحروب والايديولوجيات المغلقة
.أعياد وطنية جديدة: معالم المرحلة المقبلةلا تقتصر قائمة الأعياد بحسب المرسوم الجديد على الأعياد الدينية والمناسبات الدولية مثل عيد العمال والجلاء، بل تدرج طقوسًا مدنية جديدة يتصدرها عيد الثورة وعيد التحرير، إضافة إلى الحفاظ على أعياد رأس السنة وعيد الأم وعيدي الفصح للمسيحيين
. وتؤكد الحكومة أن ذلك يعكس عصرًا جديدًا من التنوع والاحتفاء بالتاريخ الحديث بعيدًا عن شعارات القرن الماضي
.










