في تطور لافت على الساحة المالية، واصلت أسعار الفضة صعودها الحاد، لتقترب من عتبة 50 دولارا للأونصة لأول مرة منذ عام 2011، متجاوزة بذلك وتيرة ارتفاع الذهب، الذي يتداول بدوره عند مستويات قياسية.
استقرت العقود الآجلة لمعدن الفضة الأكثر نشاطًا عند مستوى 48.994 دولارًا للأونصة، بعد أن لامست 49.02 دولارًا خلال التداولات اليومية يوم الأربعاء، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من 14 عامًا.
وتقترب الفضة بذلك من كسر حاجز الخمسين دولارًا، والذي يُعد من أهم المستويات النفسية والتاريخية في السوق.
ورغم أن سعر الفضة لا يزال بعيدًا عن الذهب الذي وصل إلى 4070.50 دولارًا للأونصة هذا الأسبوع، فإن أداء المعدن الأبيض هذا العام كان أكثر قوة، حيث سجل مكاسب بنسبة 67.55% منذ بداية 2025، مقارنة بارتفاع الذهب بنسبة 54.13%، بحسب بيانات السوق.
أسباب التفوق: الطلب الصناعي والتحوط المالي
يرى محللون أن صعود الفضة بهذا الشكل السريع يعود إلى عاملين رئيسيين، الطلب الصناعي المتزايد، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة (مثل الألواح الشمسية والبطاريات).
ودورها كـوسيلة للتحوط المالي، مشابه للذهب، لكنها أكثر تقلبًا وأسرع استجابة للتحولات في معنويات السوق.
وقال محلل المعادن الثمينة في بنك “جلوبال تراست” إن “الفضة بدأت تجتذب اهتمام المستثمرين بعد الارتفاع القياسي في الذهب، إذ يبحث المضاربون الآن عن فرصة الصعود التالية”، مضيفًا:”الفضة كانت دائمًا تُعرف بأنها ذهب الفقراء، لكنها الآن تفرض نفسها كأصل رئيسي بحد ذاته.”
الفرق في السعر… والفرص الكامنة
مع استمرار الفجوة الكبيرة في السعر بين الذهب والفضة، يتساءل البعض: هل لا تزال الفضة “رخيصة” مقارنة بالذهب؟
تاريخيًا، نسبة سعر الذهب إلى الفضة (Gold/Silver Ratio) تُستخدم كمؤشر لتقييم أي من المعدنين مبالغ في سعره. ومع وصول الذهب إلى مستويات تفوق 4000 دولار، فإن ارتفاع الفضة يبدو وكأنه تصحيح تأخّر كثيرًا.
ويقول محللون إن “نسبة الذهب إلى الفضة” انخفضت بشكل حاد هذا العام، ما يشير إلى أن الفضة بدأت تستعيد مكانتها النسبية في السوق.
ما الذي قد يحدث بعد تجاوز 50 دولارا؟
في حال تجاوز الفضة حاجز 50 دولارا للأونصة، فقد يؤدي ذلك إلى:
زيادة في الزخم الشرائي من قبل المستثمرين الأفراد والمؤسسات
عمليات تغطية مراكز بيع مكثفة قد تدفع الأسعار إلى مستويات أعلى
اهتمام أكبر من قبل المضاربين الباحثين عن أرباح سريعة في سوق متقلبة
لكن في المقابل، يحذر خبراء من احتمال حصول تصحيح سريع، خصوصا أن الفضة معروفة بتقلباتها الحادة مقارنة بالذهب.
الفضة: معدن تقني أم ملاذ آمن؟
مع استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، وتزايد المخاوف بشأن التضخم، وتراجع الثقة في السياسات النقدية، باتت الفضة تلعب دورا مزدوجا: معدن صناعي حيوي ومخزن للقيمة في الوقت ذاته.
وقال خبير المعادن في “ماركت ستراتيجيز”، إن “الفضة لم تعد مجرد تابع للذهب، بل أصبحت مرآة أوسع لمزيج من الاقتصاد الكلي والتكنولوجيا”.
تقترب الفضة من تجاوز أحد أهم الحواجز النفسية والتاريخية في سوق المعادن، مدفوعة بالطلب الصناعي والتدفقات الاستثمارية. وإذا نجحت في كسر حاجز 50 دولارا، فقد نشهد فصلا جديدا من الصعود الحاد لهذا المعدن الأبيض، وربما تغيرا في النظرة التقليدية التي طالما وضعته في ظل الذهب.










