أعلنت وكالة “ميزان” التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، أن محكمة الثورة في طهران أصدرت أحكاما بالسجن تزيد على 60 عاما بحق مواطنين فرنسيين، بعد إدانتهما بتهم متعددة تتعلق بالتجسس والتعاون مع إسرائيل وتهديد الأمن القومي الإيراني.
وبحسب تقرير الوكالة الصادر يوم الثلاثاء 12 أكتوبر، فقد صدر على أحد المتهمين حكم بالسجن ست سنوات بتهمة “التجسس لصالح جهاز المخابرات الفرنسي”، وخمس سنوات إضافية بتهمة “التجمع والتواطؤ لارتكاب جريمة ضد الأمن القومي”، إلى جانب حكم بالنفي لمدة 20 عاما بسبب “التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل، كجريمة حرب”.
أما المتهم الآخر، فقد أدين بالسجن عشر سنوات بتهمة التجسس، وخمس سنوات أخرى للتواطؤ، إضافة إلى حكم بالسجن 17 عاما بتهمة “المساعدة في التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل”.
أحكام ابتدائية قابلة للطعن
أكدت وكالة ميزان أن هذه الأحكام لا تزال ابتدائية، وقد تم إبلاغها إلى محامي المتهمين، مع إمكانية الطعن أمام المحكمة العليا خلال 20 يوما من تاريخ التبليغ.
ورغم أن التقرير القضائي لم يكشف عن هوية المتهمين، ترجح مصادر إعلامية أن الأمر يتعلق بالناشطين النقابيين الفرنسيين سيسيل كولر وجاك باريس، اللذين اعتقلا في مايو/أيار 2022 أثناء زيارتهما لإيران ومشاركتهما في لقاءات مع ناشطين من الحركات العمالية والتعليمية.
تصعيد قضائي في ظل توتر دبلوماسي
يأتي هذا التطور القضائي في ظل توتر متزايد بين باريس وطهران، خصوصا على خلفية اتهامات أوروبية لإيران بممارسة ما وصف بـ”احتجاز الرهائن” من الرعايا الأجانب لاستخدامهم كأوراق ضغط في المفاوضات السياسية والملفات النووية.
وكانت الحكومة الفرنسية، إلى جانب دول أوروبية أخرى، قد طالبت مرارا بالإفراج عن مواطنيها المحتجزين في إيران، معتبرة أن محاكماتهم تفتقر إلى الشفافية والعدالة، فيما تنفي السلطات الإيرانية ذلك، وتؤكد أن الاعتقالات تمت وفق القوانين وبناء على أدلة.
مفاوضات تبادل سجناء ومطالب متبادلة
تزامن إعلان الأحكام القضائية مع تصريحات للمتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أصغر جهانغير، أشار فيها إلى أن باريس لم تف بالتزاماتها المتعلقة بالإفراج عن المواطن الإيراني مهدية اسفندياري، المحتجز في فرنسا بتهمة “تمجيد الإرهاب” ودعمه حركة حماس.
وأكدت مصادر إيرانية أن طهران وباريس كانتا تجريان مفاوضات غير معلنة لتبادل سجناء، تشمل المواطنين الفرنسيين مقابل الإفراج عن اسفندياري، لكن المفاوضات تعثرت، على ما يبدو، في اللحظات الأخيرة.
سياق سياسي وأمني متشابك
تشير هذه التطورات إلى تصعيد جديد في العلاقات الفرنسية الإيرانية، في وقت تواجه فيه إيران ضغوطا دولية بشأن ملفها النووي، وانتهاكات حقوق الإنسان، واحتجاز رعايا أجانب بتهم تتعلق بالأمن القومي.
ورغم أن السلطات القضائية الإيرانية تنفي بشدة الاتهامات باستخدام المعتقلين الأجانب كورقة ضغط سياسي، إلا أن منظمات حقوقية دولية، منها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، طالبت مرارا بضرورة توفير محاكمات عادلة لهؤلاء المعتقلين، والكشف عن ظروف احتجازهم، والتوقف عن استخدام الاعترافات القسرية كدليل في المحاكم.










