عقدت يوم الأحد 2 نوفمبر أعمال جولة الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة بشأن القضايا الأفريقية، حيث ترأس الجانب المصري بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، فيما ترأس الجانب الأمريكي مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشئون العربية والأفريقية، وبحضور مايكل ريجاس، نائب وزير الخارجية الأمريكي للإدارة والموارد.
ناقشت الاجتماعات عددا واسعا من القضايا الإقليمية، شملت التطورات في السودان، وليبيا، ومنطقة البحيرات العظمى، والساحل الأفريقي، والقرن الأفريقي، إلى جانب ملف الأمن المائي المصري، وسط تأكيد متبادل على عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
إشادة بالشراكة المصرية–الأمريكية
صرح السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن الجانبين أكدا أهمية الشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تجمع مصر والولايات المتحدة باعتبارها ركيزة أساسية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا، واتفقا على مواصلة تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني والتنسيق بشأن الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وشدد الطرفان على أهمية الحوار الاستراتيجي كآلية مؤسسية لتبادل الرؤى وتطوير التعاون الثنائي في شتى المجالات.
عبد العاطي يشيد بجهود ترامب لإنهاء النزاعات
أشاد الوزير بدر عبد العاطي خلال الجلسة بجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أسهمت في وقف الحرب في غزة، معربا عن تطلع مصر للعمل مع الإدارة الأمريكية لتنفيذ رؤيته لإنهاء النزاعات حول العالم، خاصة في القارة الأفريقية.
وأكد الوزير أن مصر تسعى إلى تعزيز الشراكة الثلاثية المصرية–الأمريكية في أفريقيا من خلال أدواتها التنفيذية مثل الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، بما يدعم التنمية والاستقرار في القارة.
السودان: أولوية إنسانية وسياسية
تناولت المباحثات مستجدات الأوضاع في السودان، حيث جدد الوزير عبد العاطي تأكيد الموقف المصري الداعم لوحدة السودان واستقراره ومؤسساته الوطنية، مشيرا إلى جهود مصر في الآلية الرباعية لدعم التهدئة ووقف إطلاق النار.
ودعا الوزير إلى هدنة إنسانية شاملة تتيح وصول المساعدات إلى جميع المناطق المتضررة، مشددا على أن مصر مستمرة في تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للأشقاء السودانيين. كما أدان بشدة الانتهاكات الأخيرة في مدينة الفاشر، مؤكدا ضرورة وقفها فورا وتحسين الأوضاع الإنسانية المتدهورة.
ليبيا: حل ليبي–ليبي وخروج القوات الأجنبية
وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، أكد الوزير عبد العاطي على ثوابت الموقف المصري الداعي إلى الحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها، ورفض أي تدخلات خارجية أو وجود عسكري أجنبي. وشدد على أهمية التوصل إلى حل ليبي–ليبي شامل يمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة لتحقيق الاستقرار.
البحيرات العظمى والقرن الأفريقي: دعم جهود السلام والتنمية
استعرض الوزير رؤية مصر تجاه منطقة البحيرات العظمى، مشيدا بجهود الولايات المتحدة لوقف الحرب في شرق الكونغو الديمقراطية، ومؤكدا استعداد مصر لتقديم خبراتها لدعم تنفيذ اتفاق واشنطن للسلام بين الكونغو ورواندا (يونيو 2025) وإعلان الدوحة، في إطار مبادرات الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات.
كما شدد على أهمية تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، مع دعم بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال لضمان مكافحة الإرهاب والحفاظ على المكتسبات الأمنية.
الساحل الأفريقي: مقاربة شاملة ضد الإرهاب
وفي مناقشة أوضاع منطقة الساحل الأفريقي، دعا الوزير إلى تبني مقاربة شاملة لمكافحة تمدد الإرهاب في القارة، تشمل الجوانب الأمنية والتنموية والفكرية والاجتماعية، مع استمرار التنسيق الدولي لضمان استدامة برامج التنمية والمساعدات الإنسانية لدول المنطقة.
وأشار عبد العاطي إلى نتائج جولته في الساحل وغرب أفريقيا في يوليو الماضي، وكذلك المائدة المستديرة التي استضافتها مصر ضمن منتدى أسوان للسلم والتنمية المستدامين في أكتوبر، والتي ركزت على دعم بناء السلام والتنمية في دول الساحل.
الأمن المائي: النيل خط أحمر
وفيما يتعلق بملف الأمن المائي المصري، أكد الوزير أن نهر النيل شريان الحياة للشعب المصري، مشددا على تمسك مصر بالتعاون مع دول الحوض لتحقيق المنفعة المشتركة دون إضرار، وفقا لمبادئ القانون الدولي والإخطار المسبق والتشاور والتوافق.
وحذر من الإجراءات الأحادية المخالفة للقانون الدولي في حوض النيل الشرقي، مؤكدا أن مصر تتابع التطورات عن كثب وستتخذ كافة الإجراءات التي يتيحها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي لحماية أمنها المائي.
واشنطن تثمن الدور المصري
من جانبه، أعرب مسعد بولس عن تقدير الإدارة الأمريكية للدور المحوري الذي تضطلع به مصر في دعم الأمن والاستقرار في أفريقيا والشرق الأوسط، مشيدا بجهودها في تسوية النزاعات وتعزيز التنمية الإقليمية.
وأكد حرص الولايات المتحدة على مواصلة التنسيق مع القاهرة لتحقيق المصالح المشتركة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الممتدة بين البلدين.
اختتمت أعمال الحوار بالتأكيد على أهمية استمرار التشاور المؤسسي بين البلدين، وتكثيف التعاون في القضايا الأفريقية ذات الأولوية، مع الاتفاق على استمرار التنسيق السياسي والأمني والاقتصادي بما يخدم الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة في القارة الأفريقية.










