شهدت العلاقات بين روسيا وإيطاليا توترًا جديدًا بعد أن أعلنت السفارة الروسية في روما أن الوزير المستشار ميخائيل روسيسكي زار وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية (فارنيزينا)، “بناءً على طلب مُلح من الجانب الإيطالي”.
وجاء في بيان السفارة أن الجانب الروسي وجّه خلال اللقاء احتجاجًا رسميًا شديد اللهجة ضد ما وصفه بـ“الحملة العدائية والمرفوضة ضد روسيا التي تُحرّكها روما عبر وسائل الإعلام الإيطالية”، معتبرًا أن هذه الحملة تُسيء لصورة روسيا وتخدم أغراضًا دعائية.
خلفية الأزمة: تصريحات زاخاروفا تثير الغضب في روما
أوضحت السفارة أن هذه “الحملة” الإعلامية جاءت ردًّا على تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي كانت قد انتقدت خفض التمويل المخصص لصون التراث الثقافي الإيطالي، معتبرة أن هذا التخفيض سببه تحويل الموارد المالية لدعم أوكرانيا، التي وصفتها في بيانها بأنها “نظام إرهابي وصل إلى السلطة بعد انقلاب عام 2014”.
تصريحات زاخاروفا أثارت استياءً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية الإيطالية، ما دفع وزارة الخارجية إلى استدعاء الدبلوماسي الروسي لطلب إيضاحات رسمية حول الموقف الروسي.
احتجاج روسي على توقيت اللقاء
من جانبها، انتقدت السفارة الروسية توقيت استدعاء الدبلوماسي في يوم 4 نوفمبر، الذي يصادف عيد الوحدة الوطنية في روسيا، ووصفت الخطوة بأنها “تفتقر إلى اللياقة الدبلوماسية”.
كما أشارت السفارة إلى أن طلبها السابق لعقد لقاء عمل رسمي مع السفير الإيطالي لمناقشة قضايا ثنائية ذات طابع عملي لم يُجاب عليه بعد، في إشارة إلى أن التواصل بين الجانبين يشهد فتورًا وتراجعًا في التنسيق.
رسالة تعزية وسط التوتر
ورغم حدة اللغة الدبلوماسية، تضمن البيان الروسي فقرة إنسانية عبّرت فيها السفارة عن تعازيها لضحايا حادث انهيار برج “دي كونتي” في روما، الذي أدى إلى مقتل العامل الروماني أوكتاف سترويشي، مع تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين.
وقد فُسرت هذه اللفتة على أنها محاولة روسية لتلطيف الأجواء دون التراجع عن موقفها النقدي.
صراع على الخطاب أكثر منه على المواقف
تعكس هذه الحادثة مرحلة جديدة من التوتر السياسي والإعلامي بين موسكو وروما، حيث تتجاوز الخلافات حدود الملفات الأمنية أو الاقتصادية إلى معركة على الصورة والرواية.
فإيطاليا، الحليف الأوروبي الداعم لأوكرانيا، تحاول الحفاظ على موقف متماسك داخل الاتحاد الأوروبي، فيما تستخدم روسيا الدبلوماسية التصادمية للرد على ما تعتبره “حربًا إعلامية” ضدها.
ويشير مراقبون إلى أن ما جرى بين فارنيزينا والسفارة الروسية ليس سوى فصل جديد من “دبلوماسية الشجار” التي أصبحت سمة من سمات العلاقات بين القوى الكبرى، حيث يُستبدل الحوار بالتصعيد اللفظي، والمجاملة بالاتهام.










