رأى خبراء سياسيون فلسطينيون أن تنفيذ إعلان الجزائر للمصالحة الفلسطينية يحتاج إلى إرادة سياسية لدى جميع الأطراف، وخطة عمل محكمة ومنظمة، وتشكيل لجنة فلسطينية عربية إسلامية لمتابعة تنفيذ الخطة.
والخميس، وقعت الفصائل الفلسطينية إعلان الجزائر للمصالحة وإنهاء الانقسام، برعاية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
ويتضمن نص الإعلان على “التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود والتصدي ومقاومة الاحتلال، وتكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك عن طريق الانتخابات، اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام”.
كما تتضمن البنود “تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها، وانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج حيث ما أمكن، خلال مدة أقصاها عام واحد، و الإسراع بإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في مدة أقصاها عام من تاريخ التوقيع”.
ونص الإعلان على تولي فريق عمل جزائري عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود الاتفاق.
واعتبر مراقبون فلسطينيون، أن إعلان الجزائر يمثل خطوة في اتجاه إنهاء الانقسام، بينما رأى آخرون أنها خطوة شكلية ومجرد إرضاء للجزائر ولا تحمل أي جديد عن الاتفاقيات السابقة
ورأى الصحافي الفلسطيني محمد دراغمة، أن تقدما كبيرا أحدثته الفصائل الفلسطينية بتوقيعها على إعلان الجزائر.
وأضاف: “الاتفاق يتحدث عن جدول زمني للانتخابات العامة، وهذا تقدم كبير وقوي يأتي في ظروف حساسة مرافقة لهبة شعبية في الأراضي الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي”.
وتابع: “هنا الفصائل تؤكد احترامها للشعب والدماء وتتصالح، هذا تطور مهم”.
وأشار إلى أن الفصائل والسلطة الفلسطينية تعبّر من خلال الاتفاق على أهمية الدور الجزائري الذي يعد الداعم الأكبر للسلطة والشعب الفلسطيني.
وذهب دراغمة إلى القول بأن “تشكيل لجنة عربية برئاسة الجزائر لمتابعة تنفيذ الاتفاق أمر هام من شأنه العمل على تطبيقه على الواقع، وهو تطور في منتهى الأهمية”.
غير أنه أشار إلى أن التطبيق بحاجة إلى إرادة والنوايا الحقيقية من جميع الأطراف.
وقال: “ربما لديهم هذه المرة هناك نية حقيقية، نحن نراقب، والشعب الفلسطيني حذر وينتظر .
من جانبه، يرى مدير مركز “يبوس” للدراسات، سليمان بشارات، أن “إعلان الجزائر أحدث نقلة في ملف الانقسام الفلسطيني بالاتجاه الإيجابي”.
وأضاف بشارات: “مجرد اللقاء والبحث عن أفكار ومخرجات للخروج من الأزمة السياسية الفلسطينية الداخلية، وإنهاء الانقسام أمر إيجابي”.
وأشار إلى أهمية تشكيل لجنة عربية برئاسة الجزائر لمتابعة تنفيذ آليات الاتفاق.
وبيّن بشارات أن المطلوب لتجسيد الاتفاق على أرض الواقع وضع خطة عمل تقوم على 3 محاور، أولها تشكيل جسم عربي مساندة لتحقيق المصالحة تلعب فيه دول وازنة للدفع نحو المصالحة كمصر والأردن والسعودية، وحتى دول إسلامية لها تأثير على طرفي الانقسام مثل تركيا.
أما المحور الثاني بحسب بشارات، وجود قرار سياسي من طرفي الانقسام (فتح، وحماس)، للعمل على التنفيذ وإزاحة العقبات من أمام الاتفاق، فيما المحور الثالث يتمثل في تهيئة الأجواء السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي ذلك أشار بشارات إلى أن الأجواء التي تعيشها الضفة الغربية إيجابية وتدعم تطبيق اتفاق وحدة، والمتمثلة بالهبة الشعبية في مواجهة إسرائيل، وما تشكله من عنصر يوحد الجميع
في السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، طلال عوكل، أن المطلوب لتنفيذ إعلان الجزائر قرار سياسي من السلطة الفلسطينية، ومن طرفي الانقسام “فتح” و”حماس”.
وتابع عوكل: “في مرات سابقة عددية وقعت اتفاقيات وذهبنا نحو التطبيق وفشلت، ما السبب؟ بكل تأكيد عدم وجود إرادة سياسية”.
وقال: “مطلوب بعد القرار السياسي وضع خطة عملية نبدأ من أين؟ وننتهي أين؟ ووضع آليات للتطبيق، وجدول زمني متفق عليه بين الجميع”.
وبالرغم من ذلك يبدي عوكل، عدم تفاؤله بتنفيذ الاتفاق، قائلاً: “الورقة الجزائرية لا تصنع مصالحة، هي مجرد إعلان للقمة العربية بوجود اتفاق فلسطيني وتحسين صورة الفلسطينيين أمام القمة”
بدوره، يرى بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، أن “الإعلان ليس له أهمية، ويعود ذلك إلى أن حزب السلطة الفلسطينية الذي يقوده الرئيس محمود عباس (في إشارة إلى حركة فتح)، مستعد للتوقيع على أي اتفاق عام ليس له انعكاس على أرض الواقع كإصلاح منظمة التحرير مثلا، أو عقد انتخابات”.
وتابع الشوبكي: “ماذا بعد التوقيع، هل يمكن عقد انتخابات؟ طبعا لا، فإسرائيل تمنع عقدها في القدس وبالتالي لن تجرى”.
ومضى قائلاً: “العبرة في التنفيذ، لا يوجد مؤشرات على نية أي من طرفي الانقسام تنفيذ أي اتفاقيات”.
واعتبر أن “إنهاء الانقسام على المنظور القريب غير ممكن”.
وانطلق في الجزائر، الثلاثاء، اجتماع الحوار الفلسطيني الشامل للمصالحة، بمشاركة 14 فصيلا
( المصدر : القدس العربي )