قالت صحيفة لوموند الفرنسية، إن تراجع سعر الجنيه المصري، يفاقم النقص في المواد الغذائية، كما يؤدي ارتفاع التضخم إلى ارتفاع فواتير الوقود والغذاء، ويزيد من عبء الدين الخارجي للبلاد.
وأضافت الصحيفة أنه بعد ست سنوات من تعرضها لأزمة اقتصادية أدت بها إلى خفض قيمة عملتها الوطنية، والحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ها هي مصر تهتز من جراء موجات صدمة الحرب الصراع في أوكرانيا، الذي يبرز نقاط ضعف الاقتصاد المصري الناشئ، والذي تقوض بالفعل بسبب موجة التضخم في أعقاب جائحة كوفيد-19 وهروب الاستثمار الأجنبي.
وتابعت لوموند التوضيح أن القاهرة تعاني من نقص في الدولارات، يضغط على الجنيه المصري ويؤدي إلى تباطؤ حاد في الواردات التي تعتمد عليها الدولة، والتي يبلغ عدد سكانها 104 ملايين نسمة، بشكل كبير. ويقدر الخبراء أن الجنيه المصري خسر منذ بداية عام 2022، ما بين 20% إلى 25% من قيمته مقابل الدولار. وتشهد العملة المحلية انخفاضا بطيئا منذ نهاية مارس، وقرار البنك المركزي المصري بإنهاء نظام سعر الصرف الثابت، الأمر الذي أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه بأكثر 16 بالمئة، وفي الوقت نفسه زيادة أسعار الفائدة بنسبة 1%.
ونقلت لوموند عن مراقب أجنبي قوله: “حركة انخفاض الجنيه المصري نتجت عن ضغوط السيولة في مصر، حيث تدفقت أكثر من 20 مليار دولار من استثمارات المحفظة إلى خارج البلاد”. ومع تضاؤل احتياطيات النقد الأجنبي، فرضت السلطات في القاهرة قيودا على وصول الدولار لواردات القطاع الخاص في شهر مارس، مما أدى إلى حدوث نقص. وارتفعت فواتير الغذاء والوقود، مع اقتراب التضخم من أعلى مستوى له في أربع سنوات، وتسارع التضخم السنوي الأساسي.
الحلفاء العرب
مضت لوموند إلى التوضيح أن القوى النفطية الخليجية تتدخل لإنقاذ مصر، حيث حصلت القاهرة على تعهدات بأكثر من 22 مليار دولار من الودائع والاستثمارات من حلفائها العرب في المنطقة. وأشار المراقب الأجنبي إلى أن “الوعود الخليجية بطيئة التحقيق لأنهم يريدون شراء أصول في مصر وهذا يستغرق وقتا”. وقال وزير المالية المصري محمد معيط، إن التمويل المحتمل من اليابان والصين مطروح أيضا على الطاولة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى تسجيل البنك المركزي الأوروبي في شهر سبتمبر المنصرم، زيادة طفيفة في صافي الاحتياطيات الدولية لمصر لأول مرة منذ أبريل. وأعلن البنك المركزي الأوروبي، أن هذه الاحتياطيات ارتفعت إلى 33.198 مليار دولار في سبتمبر، مقارنة بـ33.142 مليار دولار في شهر أغسطس. وخلص “المركزي الأوروبي” في تقريره عن الوضع الخارجي للاقتصاد المصري للفترة من يونيو عام 2021 إلى مارس عام 2022، إلى أن ميزانياته قد تعززت بالدخل من السياحة والصادرات، لا سيما النفط والمشتقات النفطية.
ويتطلب البرنامج الأكثر طموحا، تنفيذ إصلاحات هيكلية للحد من مكانة الشركات العامة والعسكرية في الاقتصاد المصري.
ويشير المراقب الأجنبي المذكور سابقا، إلى أن “الصادرات أصبحت أكثر قدرة على المنافسة بسبب الميزات النسبية في أسعار الصرف، لكن القاعدة الصناعية ما تزال ضعيفة”.
وتستمر الواردات في استنزاف عملات مصر. وزادت فاتورة الواردات بين يوليو عام 2021 ومارس 2022 إلى 66 مليار دولار بسبب ارتفاع التضخم العالمي. وبذلك ارتفع إجمالي الديْن الخارجي بمقدار 19.9 مليار دولار ليصل إلى 157.8 مليار دولار في مارس 2022، مما يجعل مصر واحدة من أكثر الدول المثقلة بالديون في العالم العربي. لكن البنك المركزي الأوروبي، يؤكد أن وضع البلاد الخارجي ما يزال ضمن حدودٍ “يمكن إدارتها”.
ومع ذلك -توضح لوموند- فالدولة المصرية بحاجة إلى أن تتحقق الاستثمارات الخليجية، وتوقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، وزيادة عائدات السياحة والغاز وقناة السويس. وقدرت الحكومة المصرية أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي يمكن أن تكتمل في غضون شهر أو شهرين. كما يقدر المحللون أن المبلغ قد يتراوح بين 3 مليارات و5 مليارات دولار من الصندوق.
ونقلت لوموند عن الخبير الاقتصادي إسحاق ديوان، قوله إن هذا سيجبر مصر على ممارسة قدر كبير من التقشف المالي لتعديل ميزان المدفوعات؛ لأن الإشارة المرسلة إلى المستثمرين الأجانب لن تكون كافية.
وفي محاولة لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، أعلنت مصر في أغسطس عن خطة لخصخصة الشركات المملوكة للدولة، بالإضافة إلى خطة -ما تزال الخطوط العريضة لها غير واضحة- لزيادة الصادرات على مدى خمس سنوات.
ويقول الخبير الاقتصادي إسحاق ديوان: “نحن بحاجة إلى الخروج بشكل أكبر من هذا الاستيلاء على الاقتصاد من قبل الدولة والجيش، من جو السيطرة وانعدام الثقة في القطاع الخاص الذي لا يشجع على تطوير بيئة الأعمال”.