بينما تسعى العديد من الدول الأوربية إلى تقليل اعتمادها على الشحنات الروسية من الغاز، تتجه الأنظار نحو القارة الأفريقية، وخاصة النيجر، حيث تتنافس الجارتان الجزائر والمغرب للظفر بصفقة أنابيب الغاز المتّجهة نحو أوروبا.
واللافت للانتباه أن نيجيريا توقع اتفاقيات مع البلدين المغاربيين المذكورين، كل واحد على حده، بشراكة مع بلدان أخرى سيمرّ عبرها المشروع الكبير، الذي لم يحدد بعد مداه الزمني، سواء بالنسبة للمغرب أو بالنسبة للجزائر.
هكذا، إذن، تحققت خطوة جديدة في مشروع خط أنابيب الغاز نيجيرياـ المغرب، بالتوقيع في نواكشوط، أول أمس السبت، على مذكرتي تفاهم بشأن خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، بين المغرب ونيجيريا وموريتانيا، من جهة، والمغرب ونيجيريا والسينغال، من جهة أخرى.
وأفاد بيان مشترك للأطراف الموقّعة أنه جرى توقيع المذكرة الأولى من قبل “المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن” في المغرب، ممثلا بمديرته العامة، أمينة بنخضرا، وشركة البترول الوطنية النيجيرية، ممثلة بمديرها العام، مالام ميلي كولو كياري، والشركة الموريتانية للمحروقات، ممثلة بمديرها العام، التراد عبد الباقي، وفق ما أوردت وكالة الأنباء المغربية.
وأضاف المصدر ذاته أن المذكرة الثانية تم توقيعها من قبل المكتب المغربي والشركة النيجيرية، والشركة القابضة للبترول في السينغال “PETROSEN Holding”، ممثلة بمديرها العام، أداما ديالو.
وقال البيان المشترك إن هاتين المذكرتين تؤكدان التزام الأطراف في إطار هذا المشروع الإستراتيجي الذي بمجرد استكماله سيوفر الغاز لجميع بلدان غرب إفريقيا، كما سيفتح طريقا جديدة بديلة للتصدير نحو أوروبا.
وأشار إلى أن هذا الأنبوب سيمتد على طول ساحل غرب إفريقيا من نيجيريا إلى المغرب، مرورا عبر السينغال وموريتانيا، حيث سيتم توصيله بخط أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، ومن هناك إلى شبكة الغاز الأوروبية.
وستساهم هذه البنية التحتية في تحسين الظروف المعيشية للسكان، واندماج اقتصاديات المنطقة، والتخفيف من حدة التصحر بفضل الإمدادات المستدامة والموثوقة من الغاز، مع احترام الالتزامات الجديدة للقارة في ما يتعلق بالحفاظ على البيئة. كما سيمنح هذا المشروع إفريقيا بعدًا اقتصاديًا وسياسيًا واستراتيجيًا جديدًا، وفق ما جاء في البيان.
وكان المغرب وقع، الشهر الماضي، على مذكرة تفاهم مع نيجيريا بشأن مشروع خط أنابيب الغاز، بحضور ممثل عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المسؤولة عن الطاقة.
المشروع، الذي لم يتم تحديد جدول زمني له، هو جزء من سياق جيوسياسي يتميز بالطلب الدولي القوي على الغاز والنفط وارتفاع الأسعار بعد غزو روسيا لأوكرانيا، حيث تسعى العديد من الدول، ولا سيما الدول الأوروبية، إلى تقليل اعتمادها على الشحنات الروسية.
والجدير بالذكر أن المشروع النيجيري- المغربي، الذي يبلغ طوله 6000 كيلومتر، سيعبُر، وفق ما هو مخطط له مبدئيا، ثلاث عشرة دولة أفريقية على طول ساحل المحيط الأطلسي، كما سوف يزود الدول غير الساحلية، مثل النيجر وبوركينا فاسو ومالي بهذه المدة الحيوية، ويسمح بنقل أكثر من 5000 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى المغرب. ومن ثم، سيتم ربطها مباشرة بخط أنابيب الغاز المغاربي- الأوروبي وشبكة الغاز الأوروبية.
ويأتي المشروع المغربي/ النيجيري الذي جرى الإعلان عنه نهاية عام 2016، على خلفية التنافس الإقليمي المتزايد بين المغرب والجزائر، هذه الأخيرة التي تعدّ أكبر مصدر أفريقي للغاز الطبيعي والسابع في العالم.
وبلغت الأزمة بين الدولتين المغاربيتين الجارتين ذروتها بقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في آب/ أغسطس 2021 بإجراء من قصر “المرادية”. وفي أعقاب هذه القطيعة، حرمت الجزائر الرباط من غازها بإغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي ينقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا ويمر عبر المغرب. ومنذ ذلك الحين، سعت الرباط إلى تنويع السبل لتغطية احتياجاتها.
على الجانب الآخر، وقع وزراء الطاقة الجزائريون والنيجيريون تموز/ يوليو المنصرم على مذكرة تفاهم لتجسيد مشروع ضخم منافس لخط أنابيب الغاز عبر الصحراء، يبلغ طوله أكثر من 4000 كيلومتر، من أجل نقل الغاز النيجيري إلى أوروبا عبر النيجر والجزائر. ولم يتم تحديد موعد للانتهاء من عملية عبر الصحراء.
ويتوقع أن ينقل خط الأنابيب مليارات الأمتار المكعبة من الغاز النيجيري إلى الجزائر عبر النيجر، ومن ثم نحو دول الاتحاد الأوروبي عبر شركة “ترانسميد” التي تربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس والغاز الطبيعي المسال الذي تنقله ناقلات الغاز الطبيعي المسال.
( المنشر – وكالات )