تتواصل الاحتجاجات في الشارع التونسي، حيث تراهن الأحزاب والتشكيلات الرافضة لـ”الانقلاب” على الحفاظ على زخم الشارع، وسط تساؤلات عن الخطوات اللاحقة للاحتجاجات.
قال عضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك في تصريحات صحفية إن “مسيرة الأحد هي تكملة ومسار متواصل لمسيرات تقاوم الانقلاب منذ أيلول/ سبتمبر 2021، نحن في تحرك متواصل لشد الشارع السياسي”.
وأكد بن مبارك أن “المسيرات المتكررة هي رسالة مفادها أن الشارع يقاوم الانقلاب، الشارع السياسي ما زال مدافعا شرسا عن المسار الديمقراطي”.
وبين عضو جبهة الخلاص: “نعم نكرر التحركات والرسائل ولا توقف حتى عودة الشرعية والديمقراطية وإسقاط الانقلاب”.
بدورها قالت نائبة رئيس البرلمان المنحل سميرة الشواشي في تصريحات لوسائل الإعلام إن “التحركات والمسيرات لن تتوقف، نحن بمسيرة ضخمة بالآلاف نفتتح سنة سياسية جديدة”.
واعتبرت الشواشي أن “النزول للشارع باستمرار هو تأكيد أن ما حصل انقلاب ومقاومته متواصلة ولا تتوقف وسيتم إسقاطه”.
من جانبه قال السياسي ورئيس “منتدى آفاق جديدة” عبد الحميد الجلاصي في تصريحات لموقع “عربي21” إن “الشارع السياسي لا يزال حيا بعد سنة ونصف من الانقلاب، رغم مراهنة المنظومة على عامل الزمن لتهرئته”.
واعتبر الجلاصي أن المسيرة الأخيرة يوم عيد الجلاء قد تكون الأضخم منذ انطلاق الاحتجاجات في سبتمبر/أيلول 2021، وكسرت مسار الإنهاك الذي لوحظ في التحركات الأخيرة.
وأكد الباحث أن التحركات الأخيرة رسمت الخارطة الحقيقية لما يمكن تسميته بقدر كبير من المجازفة مقاومة الانقلاب، إذ نجد “جبهة الخلاص” في طليعة هذه المقاومة في حين يتخبط “الدستوري الحر” داخل نواته الصلبة، أما الأحزاب الخمسة فيصعب أن تهتدي بمفردها إلى رواق يكسر عزلتها البنيوية عن الجمهور.
بانتهاء مسيرة الأحد الماضي بات السؤال المطروح هل تكفي هذه التحركات في مقاومة الانقلاب خاصة وأنها تتكرر؟ حتى أن انتقادات كبيرة طالت القائمين على “جبهة الخلاص” وأشدها من أنصارها.
وقال المحامي وعضو جبهة الخلاص الوطني سمير ديلو في تصريحات إعلامية إن “التحركات الاحتجاجية المتواصلة أبدا ليست عبثا وتكرارا بل هي مقاومة مستمرة لأن الانقلابات لا تسقط في يوم واحد بل بالصبر والمثابرة”.
وشدد ديلو على أن “المسيرات ستتكرر ولا عودة للوراء، نحن اليوم نقاوم انقلابا ولن نخاف من قمع الانقلاب وترهيبه، تونس من دون قيس سعيد أفضل”.
وانتهى ديلو بالقول: “سعيد مشروع دمار للبلاد، هناك اتفاق من المعارضة على التوحد في انتظار اتفاق رسمي على الرغم من أنه صعب، ولكن أبدا لا كلل ولا ملل”.
بدوره يرى الباحث عبد الحميد الجلاصي “أن مأزق القوى المقاومة للانقلاب بأن الرياح تمشي باتجاهها، ولكنها عاجزة أو غير راغبة في الانتقال من استراتيجية دفاعية سقفها حماية مربع الحريات إلى استراتيجية إيجابية هدفها إسقاط الانقلاب”.
وتحدث الباحث عن ثلاث نقاط قوة أمام المعارضة، فهي تتوفر على بنية أساسية متينة وصلبة تتمثل في آلاف المناضلين الخلص المنبثين في كامل البلاد، والذين تعودوا على معارك المسافات الطويلة.
وأضاف: “ثانيا الانقلابي يغرق كل يوم أكثر في أزماته المركبة السياسية والاجتماعية والدبلوماسية، وينعزل كل يوم أكثر عن أقرب مسانديه”.
وتابع: “ثالثا المزاج الشعبي بصدد الانتقال السريع من المراهنة على سعيد وتفهمه وإمهاله إلى الاحتجاج الذي يتوقع أن تتوسع رقعته”.
ونبه الجلاصي قائلا: “المكون الرئيسي للمعارضة يتكرر من صورة وجمهور وخطاب ومنصة.. ذلك كان ضروريا في السنة الأولى، ولكنه لم يعد مناسبا بعد الذي يسميه سعيد الاستفتاء وكان المفروض الانتقال إلى برنامج جديد واستراتيجية نضالية جديدة”.
وفي رده على سؤال بخصوص المطلوب وخاصة من السياسيين أجاب الجلاصي: “التحرر من الأوهام، فحصر المعركة في السياسي والحقوقي وفِي مربع النخبة وفِي المراهنة على الخارج المنشغل بقضاياه لا جدوى منه”.
وتابع مفسرا: “الخارج نفسه لن يتحرك إلا إذا تغيرت المعادلة الداخلية، وجوهر المعادلة الداخلية الشارع الاجتماعي وليس الشارع السياسي، ومن ثم فإن الانقلاب ينتهي حين يلتقي الجناح الاجتماعي للاحتجاج مع الجناح السياسي”.
وشدد الباحث على أن “هذا لن يكون إلا حينما يمتلك الساسة الجرأة على المراجعة والاعتذار وتغيير صورة المنصة ثمنا لاحتمال استعادة ثقة الجمهور، وهذا يتطلب في صيغ النضال الانتقال من الساحات والشوارع الكبرى إلى الأحياء والمقاهي، ومن المراهنة على صورة الزعماء إلى المراهنة على المناضلين المندمجين في نسيج مجتمعهم”.
( المصدر : عربي 21 )