واصلت منظمات حقوقية رصد الانتهاكات التي تطال سجناء الرأي في مصر، لا سيما تغريب معتقلين (سياسة تتبعها الأجهزة الأمنية لنقل المعتقلين إلى سجون بعيدة عن محل إقامة أسرهم كنوع من العقاب)، بسبب احتجاجهم على تدويرهم على ذمة قضايا جديدة.
ووفق «الشبكة المصرية لحقوق الإنسان»، قام جهاز الأمن الوطني « بتغريب 34 معتقلا من المحبوسين احتياطياً في محافظة الشرقية على ذمة ما يعرف بالمحاضر المجمعة، إلى سجن مركز بدر للإصلاح والتأهيل، الواقع شرق القاهرة، عقابا لهم لرفضهم الظلم الواقع عليهم، واستمرار تدويرهم على ذمة محاضر جديدة، بعد حصولهم على قرارات إخلاء سبيل إثر حبسهم لسنوات طوال على ذمة قضايا سياسية».
وحسب المنظمة، رفض المعتقلون الأربعة والثلاثون، الأحد الماضي، المثول أمام قاضي غرفة المشورة في محكم جنايات الزقازيق، للنظر في أمر تجديد حبسهم، ما دفع قاضي غرفة المشورة إلى تأجيل الجلسة ليوم أمس الأول الإثنين وهو الأمر الذي رفضه المعتقلون أيضاً، ليصروا على عدم الذهاب والتصعيد، وبالفعل رفض المعتقلون الـ 34 الحضور للمرة الثانية خلال 24 ساعة، ما حدا بضابط الأمن الوطني في محافظة الشرقية إلى تغريبهم.
وأكدت الأنباء المتواترة اقتحام قوات الأمن الوطني في محافظة الشرقية زنازين قسم شرطة ديرب نجم وقسم شرطة بلبيس فى توقيت متقارب، في حملة عنيفة شملت تجريد المعتقلين من ملابسهم، والاعتداء عليهم بدنيا ولفظيا، وانتهت بتغريبهم إلى مركز بدر للإصلاح والتأهيل، تبعا للمنظمة.
وكانت الشبكة نشرت موخرا تقريرها «النفق المظلم»، والذي رصدت فيه «مأساة» 852 مواطنا مصريا من المعتقلين والمحبوسين لسنوات على ذمة قضايا سياسية، الذين تعرضوا للتدوير. فبعد حصولهم على قرارات بإخلاء سبيلهم، رفض الأمن الوطني تنفيذ تلك القرارات وأعاد تدويرهم على ذمة 67 محضرا، بما يعرف بالمحاضر المجمعة، بالتواطؤ المباشر مع بعض وكلاء النيابة في محافظة الشرقية.
ودعت لفتح تحقيق عاجل في مأساة معتقلي المحاضر المجمعة في محافظة الشرقية، الذين فقدوا الأمل في العدالة، بعدما تعرضوا على مدار العام للتنكيل والترهيب، مما أجبر 40 معتقلا من المحبوسين على ذمة 4 من المحاضر المجمعة على رفض المثول أمام القاضي في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتبع ذلك رفض عدد آخر من المعتقلين المثول أمام قاضي غرفة المشورة، رفضا لمحاولات التنكيل بهم، ودفاعا عن حقهم المشروع في تنفيذ قرارات إخلاء سبيلهم، والحصول على حريتهم المسلوبة.
حملة أوقفوا الإعدام
في الموازاة، ناشدت حملة «أوقفوا الإعدام» في مصر، الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتخفيف عقوبة الإعدام عن المواطن أحمد فاروق، بعد تأييد محكمة النقض الحكم.
وحسب بيان الحملة، ألقي القبض على أحمد مع 4 آخرين ومعهم شخص مصاب بقطع في إصبع يده، كانوا يحاولون إنقاذه بالذهاب إلى أقرب مستشفى، وتم القبض عليهم بالطريق الدائري بالقرب من القاهرة الجديدة، حيث حرر ضابط الدورية الشرطية محضر تحريات سطر فيه أن أحمد وأصدقاءه من ضمن ما تعرف بـ«خلية الردع» التي كانت تعذب المواطنين ورجال الشرطة داخل اعتصام «رابعة العدوية».
وأصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بالسجن المشدد ثلاث سنوات لكل المتهمين عما أسند إليهم بوصف التهم «شروعا في قتل وإحداث عاهة مستديمة وحيازة سلاح بدون ترخيص»، وذلك استنادا إلى تحريات الأمن الوطني رغم شهادة المجني عليه أحمد حسن محسن أمام هيئة المحكمة، بأن المتهمين لم يعتدوا عليه بل كانوا يحاولون مساعدته، وأن الضابط قائد دورية الشرطة الذي قبض عليهم هو الذي أجبره على اتهامهم في محضر الضبط.
دعوات لإلغاء الأحكام ضد أبو الفتوح والقصاص ولتخفيف حكم الإعدام عن شاب
ووفق الحملة «الشهادة تكفي لبراءة أحمد في تلك القضية التي شابها قصور في التحقيقات واختلاق حالة تلبس وبطلان إجراءات القبض والتفتيش، بالإضافة إلى أن أحمد أثبت تعرضه لسوء المعاملة والاعتداء والسحل من قبل رجال الأمن واجباره على الظهور في فيديو مسجل، ولكن النيابة العامة لم تتخذ أي إجراء بشأن تلك الاعتداءات.»
إدانة دون أدلة
إلى ذلك، أصدرت «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» تقريرا بعنوان»إدانة دون أدلة: المحاكمة غير العادلة لأبو الفتوح والقصاص، ومعاذ الشرقاوي، طالبت فيه بإلغاء أحكام السجن المشددة الصادرة في القضية رقم 1059 لسنة 2021 (أمن الدولة طوارئ) بحق 25 متهماً، من بينهم المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح عبد المنعم، الذي صدر ضده حكما بالسجن 15 سنة، ونائب رئيس الحزب نفسه محمد القصاص الذي صدر ضده حكما بالسجن 10 سنوات، والقيادي الطلابي السابق معاذ الشرقاوي الذي صدر ضده حكم بالسجن 10 سنوات.
وكانت المبادرة المصرية شاركت في هيئة الدفاع عن المتهمين كممثل قانوني عن الشرقاوي.
ويوثق التقرير تفاصيل الانتهاكات الواقعة بحق المتهمين الثلاثة، بداية من تشكيل القضية، والتحريات، إلى جانب مخالفات القبض والتفتيش والتحقيق، مرورًا بسنوات الحبس الاحتياطي المطول، ووصولًا إلى الإحالة لمحكمة الطوارئ الاستثنائية رغم انقضاء حالة الطوارئ في أكتوبر الماضي.
ورغم صدور الحكم في 29 مايو/ أيار الماضي، والذي لا يسمح قانون الطوارئ بالطعن عليه بالاستئناف أو النقض، فإن الحكم لا يعد نهائياً إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية، والذي يمنحه قانون الطوارئ سلطة قبول أو تخفيف أو إلغاء الحكم، ولم يقم الرئيس السيسي بالتصديق على الحكم حتى الآن، حسب التقرير.
وشددت المبادرة على ضرورة إلغاء الحكم الذي استهدف النشطاء الثلاثة فقط بسبب نشاطهم السياسي أو الطلابي السلمي والمكفول بموجب الدستور المصري والقانون الدولي، وضمن هيئات شرعية منشأة وفق القوانين المصرية.
كما دعا إلى تحرك فوري لتوفير الرعاية الصحية العاجلة لأبو الفتوح (71 عامًا)، ونقله إلى مستشفى لوضع حد لتدهور حالته الصحية، فضلاً عن ضرورة ضمان تمتع كافة السجناء بالحقوق المنصوص عليها في لائحة السجون، بما في ذلك وقف الحبس الانفرادي المطول، والسماح لهم بالزيارة اللائقة والتريض والقراءة.
وأوصي أيضاً بفتح تحقيق جاد في الانتهاكات الواقعة بحق المتهمين في القضية، بما في ذلك الاختفاء القسري والتعذيب للإجبار على «الاعتراف»، والإهمال الطبي، ومحاسبة القائمين على هذه الانتهاكات؛ وتعديل قانون الطوارئ المعيب بما يضمن وقف إصدار أحكام غير قابلة للطعن، والسماح للمتهمين باستئناف الأحكام الصادرة ضدهم؛ فضلاً عن الإفراج الفوري عن كافة المحبوسين احتياطيًا لمدد تجاوزت الحد الأقصى المسموح به قانونًا، وإنهاء ممارسة «التدوير»، من خلال عدم السماح بتوجيه الاتهامات ذاتها لنفس الأفراد على ذمة قضايا مختلفة، وحفظ كافة القضايا الأخرى التي جرى «تدوير» المتهمين في إطارها.
( المنشر – وكالات )