انطلقت اليوم الاثنين بمحكمة سيدي محمد في العاصمة الجزائرية محاكمة مسؤولين كبار سابقين في قضية فساد.
ويحاكم أمام القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بمحكمة سيدي محمد، 3 رؤساء وزراء سابقين، وهم نور الدين بدوي، وأحمد أويحيى، وعبد المالك سلال.
كما يحاكم 7 وزراء سابقين، هم وزير الصناعة الهارب عبد السلام بوشوارب، ووزير المساهمات وترقية الاستثمار عبد الحميد طمار، ووزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال هدى إيمان فرعون، ووزير الأشغال العمومية عمار غول، ووزيرا الري والموارد المائية حسين نسيب، وأرزقي براقي، ووزير المالية محمد لوكال، إضافة إلى 3 ولاة (محافظين).
ويُتهم المتهمون بجنح عدة من ضمنها منح امتيازات واعتمادات وإبرام صفقات وإعفاءات من الضرائب، وتبديد أموال عامة واستغلال الوظيفة.
وفي أغسطس/ آب الماضي تم إيداع نور الدين بدوي، آخر وزير أول في فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، الحبس المؤقت، لينضم إلى رئيس الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وذلك بقرار من غرفة الاتهام لمجلس قضاء الجزائر، بعد مواجهته بتهم فساد ثقيلة.
وجاء قرار غرفة الاتهام، بإيداع بدوي الحبس المؤقت، ليلغي ما صدر عن قاضي التحقيق لمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة، الذي اكتفى بوضع الوزير الأول السابق تحت نظام الرقابة القضائية. وفي النظام القضائي الجزائري، يحق لقاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية، اتخاذ الإجراء الذي يراه مناسبا في حق المتهم، ثم يمكن الطعن في قراره لدى جهة أعلى في النيابة هي غرفة الاتهام التي تقرر إما تأييد قرار قاضي التحقيق أو تقرير مصير آخر بحق المتهم.
ويعد بدوي آخر المتهمين الكبار من فترة بوتفليقة، فقد شغل مناصب حكومية حساسة مثل وزير التكوين المهني بين 2013 و2015 ثم وزير الداخلية بين 2015 و2019 ثم عُيّن وزيرا في آذار/ مارس 2019 بعد استقالة أحمد أويحيى في فترة الحراك الشعبي، وأكمل مهمته على رأس الحكومة بعد استقالة الرئيس بوتفليقة في نيسان/ أبريل 2019 إلى غاية تنظيم الانتخابات الرئاسية نهاية 2019، حيث قدم استقالته للرئيس الجديد عبد المجيد تبون مباشرة بعد أدائه اليمين الدستورية رئيسا للبلاد.
وخلال فترة الحراك الشعبي، لم يتوقف المتظاهرون عن مطالباتهم برحيل بدوي كونه يمثل نظام بوتفليقة، وكان من دوافع رفض الانتخابات الرئاسية لدى قطاع واسع من الحراكيين بقاء بدوي على رأس الحكومة، وهو ما لا يمثل بحسبهم ضمانة لنزاهة الانتخابات. لكن السلطة في الجزائر رفضت التخلي عن بدوي، بمبرر عدم دستورية إقالته، كون الدستور في الجزائر ينص على أن رئيس الدولة الذي يخلف رئيس الجمهورية في حال شغور المنصب، لا يحق له التصرف في الحكومة إلى غاية انتخاب رئيس جديد. في المقابل كان تم تعيين بلقاسم زغماتي، كوزير للعدل، حينها، رغم أنه لم يكن دستوريا طبق لنفس الدستور، كما أكد قانونيون.
وظل بدوي بعد خروجه من الحكومة بعيدا عن قضايا الفساد التي مسّت عددا واسعا من رجال الرئيس السابق. لكن اسمه بدأ يظهر شيئا فشيئا، في قضايا تتعلق بفترة توليه منصب والي (محافظ) في عدد من الولايات )المحافظات) الكبيرة قبل دخوله الحكومة. وبدأ التحقيق معه منذ نحو سنة من طرف الضابطية القضائية لولاية قسنطينة شرقي البلاد، في ملفات فساد تخص عددا من المشاريع المتعلقة بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، ومخالفة قانون الصفقات، والتصرف في أراض بطرق غير قانونية، إلى أن استُدعي قبل أيام أمام قاضي التحقيق ليتحول رسميا إلى متهم مع وضعه تحت الرقابة القضائية، ثم تطورت الأمور بسرعة ليودع الحبس المؤقت.
ولا تختلف التهم الموجهة لبدوي عن الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، اللذين أدينا في عدة قضايا بأكثر من 10 سنوات سجنا نافذا، في قضايا تخص سوء استغلال الوظيفة ومخالفة قانون الصفقات وتبديد أموال عمومية والإثراء غير المشروع، وغيرها من التهم الواردة في قانون مكافحة الفساد التي تصل عقوبتها القصوى إلى 20 سنة سجنا نافذا.
( المنشر – وكالات )