منذ عام 2014، ينظر كثير من الأوكرانيين بعين الشك والتخوين إلى نشاط “الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية”، وباتوا يضيفون دائما إلى اسمها الرسمي عبارة “التابعة لبطريركية موسكو”، على المستويات الرسمية والدينية والشعبية، في إشارة إلى أن ولاءها ليس للبلاد.
وهكذا استمر الحال حتى نهاية 2018، عندما أُعلن في مدينة إسطنبول التركية عن قيام “الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية المستقلة”، باعتراف الكنيسة الأرثوذكسية المسكونية هناك، ليكون الأمر رسميا عالميا، وأكثر وضوحا وتفريقا.
ومنذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير
الماضي، كثرت الدعوات إلى حظر نشاط الكنيسة التابعة لبطريركية موسكو بالكامل، خاصة وأنها لم تصدر ما يدين صراحة الحرب الروسية أو السلطات في موسكو.
لكن القشة التي قصمت ظهر البعير، وحسمت الجدل وكانت سببا لما يشبه “التفرغ الحكومي والشعبي” لهذه الكنيسة، كانت ترتيلة في إحدى كنائسها الرئيسية بالعاصمة كييف خلال شهر أكتوبر الماضي، مجدت “العالم الروسي” وعلاقات الأخوة مع الروس، التي أصبحت أبرز عوامل استفزاز وغضب الأوكرانيين.
وخلال شهر نوفمبر الماضي، تطور الأمر بين الدولة والكنيسة ليشمل حملات مداهمة وتفتيش في عدة أديرة وكنائس، ونشر أجهزة الأمن وثائق وصورا “فاضحة” لنشاط رموز في الكنيسة وبعض ممارساتهم “الشاذة”، قبل أن تفرض على تلك الرموز قيودا وعقوبات هي الأولى من نوعها منذ بداية الأزمة واشتعال الحرب.
وأصدرت السلطات في كييف قرارا بمنح “الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية المستقلة” حق إقامة الصلوات والشعائر في بعض كنائس “دير الكهوف” بالعاصمة كييف، الذي يعتبر واحدا من أبرز معالم المدينة، وأقدم وأكبر الأديرة الأرثوذكسية (التابعة لبطريركية موسكو) في أوكرانيا والعالم.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل عمدت مقاطعات غربية رئيسية، منها لفيف (أهم مقاطعات الغرب الأوكراني)، إلى حظر نشاط الكنيسة الموالية لبطريركية موسكو لأول مرة منذ قرون.