كشف تحقيق مرئي لصحيفة نيويورك تايمز (New York Times) عن أدلة حصرية تحدد الفوج الروسي الذي اتهم بارتكاب ما وصف بأنها واحدة من أسوأ الفظائع التي ارتكبت في أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أنه عندما برزت صور ومقاطع فيديو في أبريل/نيسان تظهر جثث عشرات المدنيين متناثرة على طول شارع في مدينة بوتشا، أعرب الأوكرانيون وبقية العالم عن الرعب والغضب.
لكن في روسيا -تضيف نيويورك تايمز- كان رد فعل المسؤولين مختلفا تماما، وهو الإنكار. ورفض الرئيس فلاديمير بوتين المشهد المروع ووصفه بأنه “استفزاز” وقال إن الجيش الروسي لا علاقة له به.
لكن التحقيق المرئي الذي أجرته الصحيفة على مدى 8 أشهر خلص إلى أن “مرتكبي المذبحة على طول شارع يابلونسكا هم مظليون روس من فوج الهجوم الجوي 234 بقيادة المقدم أرتيوم غوروديلوف”.
وبحسب نيويورك تايمز، تظهر الأدلة أن عمليات القتل كانت “جزءا من جهد متعمد ومنهجي لتأمين طريق بلا رحمة” إلى العاصمة كييف. وأضافت أن بعض الجنود الروس “أعدموا رجالا عُزل في سن القتال، وقتلوا أناسا مروا في طريق عبورهم -سواء كانوا أطفالا يفرون مع عائلاتهم أو سكان محليين خرجوا بحثا عن الطعام، أو أشخاص كان يحاولون ببساطة العودة إلى منازلهم على دراجاتهم”. وقد حدد التحقيق 36 ضحية أوكرانية قتلت على طول شارع يابلونسكا.
ولفتت الصحيفة إلى أن مراسليها أمضوا شهورا في بوتشا بعد انسحاب القوات الروسية وأجروا مقابلات مع السكان، وجمعوا عددا كبيرا من لقطات كاميرات الأمن، وحصلوا على سجلات حصرية من مصادر حكومية.
وتضمنت بعض الأدلة الأكثر إدانة للوحدة رقم 234، سجلات الهاتف وإشارات المكالمات التي فُكت شفرتها التي استخدمها القادة على قنوات اللاسلكي الروسية، والتي تشير كلها إلى “حملة فاضحة ودموية حولت شارعا هادئا في الضواحي إلى ما يسميه السكان الآن طريق الموت”، تضيف نيويورك تايمز.
وحددت الصحيفة بعض النقاط الرئيسية للتحقيق، منها أن وحدة المظليين 234 المتمركزة في مدينة بسكوف في غرب روسيا هي الجاني الرئيسي في عمليات القتل بشارع يابلونسكا، رغم وجود وحدات عسكرية مختلفة في بوتشا.
وبتقصي سجلات هواتف السكان التي حصل عليها مراسلو الصحيفة من السلطات الأوكرانية، ثبت أن الجنود استخدموا بشكل روتيني هواتف الضحايا للاتصال ببيوتهم في روسيا، بعد ساعات فقط من مقتلهم.
وأشار التحقيق إلى أن معظم الضحايا كانوا مواطنين عاديين من الأمهات والآباء والأطفال من كل الأعمار والمهن، من بوتشا وبلدات مجاورة. وأوضحت نيويورك تايمز أن الضحايا لم يلقوا حتفهم بشارع يابلونسكا في تبادل لإطلاق النار، ولم يطلق عليهم النار بالخطأ في ضباب الحرب، بل كان قتلا متعمدا، على ما يبدو كجزء من عملية “تطهير” منهجية لتأمين الطريق إلى العاصمة. وفي حالات أخرى اعتقل وأعدم رجال يشتبه في صلتهم بالجيش الأوكراني.
وكشف التحقيق أن المقدم أرتيوم غوروديلوف، قائد الفوج 234 أشرف على عمليات وحدة المظليين في بوتشا. وحصل محققو الصحيفة الأميركية على وثائق تؤكد إشارة الاتصال التي استخدمها عند التواصل عبر اللاسلكي مع قواته. والتقطت الكاميرات الأمنية على طول شارع يابلونسكا بعضا من هذه الأحاديث لتثبت أنه كان في القيادة.