( المنشر – خاص )
ما تزال أوساط المعارضة المصرية الموجودة في تركيا تحت وقع صدمة المفاجآت التي فجرتها الجمعة ، الإعلامية المصرية “آلاء زارع” ، ابنة جماعة ” الإخوان المسلمون ” ، عبر حسابها الشخصي على انستجرام ، و التي سردت فيها وقائع ملاحقة غرامية تتعرض لها منذ 3 سنوات يقوم بها أحد شباب الإخوان موجود بالولايات المتحدة الأمريكية ، و والده قيادي بالجماعة .
خلال قصص انستجرام التي نشرتها المذيعة الإخوانية السابقة ، ورد اسم ” تسنيم النخيلي ” الصحفية الإخوانية التي تعمل بموقع ” عربي بوست ” المملوك لمدير قناة الجزيرة الأسبق ” وضاح خنفر ” ، و الذي أسس الموقع بتمويل قطري ضمن منظومة مؤسسات يديرها بنفس التمويل ، من بينها ” منتدى الشرق “.
وضاح خنفر شخصية بارزة في المشهد الإعلامي الممول قطريا ليس فقط لكونه يدير عدة مؤسسات إعلامية كبيرة بل أيضا لأنه منذ التسعينيات لعب و يلعب عدة أدوار ضمن ملفات مهمة تتقاطع عندها ملفات ثلاثة هي : قطر ، الإسلام السياسي ، الولايات المتحدة الأمريكية .
في السطور التالية يسرد ” المنشر ” قصة ” وضاح خنفر أحد أهم رجال قطر في تشكيل قوتها الناعمة المرتكزة على الإعلام في الأصل .
كما ينفرد المنشر بتفاصيل شبكة الصحفيين ” الإخوان ” الذين يديرون مملكة خنفر الإعلامية .
ولد وضاح خنفر في العام 1968 ، في ” جنين ” بفلسطين المحتلة ، و مع تنقله بين مراحل التعليم المختلفة كان أحد الكوادر النشطة لجماعة ” الإخوان المسلمون ” في فرعها الفلسطيني ، ولاحقا بدأت علاقاته بحركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” منذ تأسيسها أواخر ثمانينيات القرن الماضي .
منذ عهده الأول بها أدركت حماس أن ” وضاح ” لديه عدة ملكات منها الثقافة الواسعة و اللباقة في الحديث ، فقررت الاستثمار فيه .
تخرج وضاح في كلية الهندسة بالجامعة الأردنية عام 1990 ، ثم درس الفلسفة بالأردن أيضا ، بعدها انتقل لجنوب أفريقيا لدراسة العلوم السياسية و العلاقات الدولية .
مرحلة جنوب أفريقيا في حياة ” خنفر ” كانت نقطة تحول كبيرة في حياته ليس فقط بسبب ترقيه في أنشطة حماس الخارجية و لكن أيضا لأن هناك بدأت علاقته بالمخابرات الأمريكية ، خصوصا و أنه في تلك الفترة كانت قطر بتنسيق مع الولايات المتحدة تجهزان لمرحلة تمكين الإسلاميين سياسيا و إعلاميا في العالم العربي.
علاقة خنفر بالمخابرات الأمريكية كانت سبب ترقيه و تحقيق أحلامه ، و كانت أيضا سبب أفول نجمه لاحقا !
بدعم أمريكي التحق خنفر بقناة الجزيرة في بداياتها و تحديدا عام 1997 ، و ساعده ذلك الدعم في تمكين أقدامه داخل القناة و التنقل كمراسل لها بين عدة مناطق ساخنة منها أفغانستان إبان الغزو الأمريكي لها ، و الهند ، و العراق و جنوب أفريقيا .
الغريب في رحلة وضاح الصحفية أنه في كل بلد سافر إليه كان لا يكتفي بالعمل الصحفي و لكنه كان أيضا ينقل رسائل سياسية ، و ينسق لقاءات بين مسؤولين أمنيين أمريكيين و بين قيادات بالحركات الإسلامية .
و خلال رحلته المهنية أيضا نشأت علاقات وثيقة بين خنفر و بين شخصيات سياسية أوروبية بارزة منها توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق و أحد الشركاء الدوليين الرئيسيين في غزو العراق و أفغانستان .
في العام 2007 ، و خلال العقد الأول من القرن الحالي ، و مع تمدد و تمكين الإسلاميين في عدة دول ، استلم وضاح خنفر منصبه الأهم في حياته المهنية كمدير لقناة الجزيرة الفضائية القطرية التي لعبت الدور الأبرز في دعم ذلك التمكين .
نال وضاح خنفر موقعه الجديد لعدة أسباب أولها الدعم الأمريكي الذي كان يرى فيه وجها إسلاميا مناسبا للمرحلة ، و ثانيها قربه من أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني ، و ثالثها دعم عزمي بشارة ، الأكاديمي و عضو الكنيسيت الإسرائيلي السابق ، و المستشار المقرب من العائلة القطرية الحاكمة ، و الفلسطيني مثل خنفر ، و أحد مهندسي صعود الإسلاميين بالمنطقة .
استمر خنفر في موقعه من العام 2007 حتى سبتمبر 2011 ، حين تمت إقالته على نحو مفاجيء رغم أن تلك الفترة كانت ذروة صعود الإسلاميين في أغلب دول المنطقة خصوصا مع الربيع العربي .
كانت إقالة وضاح خنفر من إدارة الجزيرة مثيرة للتساؤلات لكن موقع ” ويكيليكس ” ألقى أضواء كثيرة على ملابسات تلك الإقالة ، حين نشر وثائق ذكرت أن خنفر كان أحد رجال المخابرات العسكرية الأمريكية ، و أنه كان ينسق مع الجانب الأمريكي بخصوص كل الأخبار التي كانت تتعلق بممارسات أمريكا بالمنطقة العربية و أنه كان يتلقى تعليمات من الأجهزة الأمنية الأمريكية ، في اجتماعات مع مسؤولين تابعين لها ، بهدف تخفيف المواد الإعلامية التي تنشرها الجزيرة حول جرائم الاحتلال الأمريكي في العراق و أفغانستان .
و بحسب صحف غربية فإن إقالة خنفر جاءت بسبب افتضاح الدور الذي كان يلعبه في التنسيق مع المخابرات العسكرية الأمريكية .
لكن مصادر في قناة الجزيرة تحدثت لـ ” المنشر ” و رفضت ذكر أسمائها قالت أن أحد أسباب إقالة خنفر أيضا أن عزمي بشارة كان يحضر وقتها لإطلاق مشروعه الإعلامي الضخم ” التليفزيون العربي ” و جريدة ” العربي الجديد” ليكونا محضنا لشباب الربيع العربي ، و هذا الدور ما كان له أن يتم في وجود أحد رموز الإسلاميين على رأس قناة الجزيرة ، فقام عزمي بإقناع أمير قطر الجديد ” تميم بن حمد ” الذي خلف والده ، بأن ولاء وضاح ليس بالكامل لقطر و إنما للأمريكان و دول أخرى ، و بسبب التأثير البالغ لبشارة على الأمير الشاب فقد تم استدعاء خنفر و إبلاغه أن أمامه 6 أشهر للانسحاب من قناة الجزيرة ، لكن بعد أيام من ذلك الاستدعاء و بتحريض من عزمي بشارة أيضا ، تمت إقالة وضاح بشكل مفاجيء.
و بهذا يكون عزمي بشارة من أسباب خلع خنفر من الجزيرة مثلما كان من أسباب وصوله لإدارتها .
لكن كعادة النظام القطري ، الذي لا يفرط في رجاله ، فقد استمرت امتيازات خنفر المالية و منها راتبه الشهري كمدير للجزيرة ، حتى الآن كما أنه حامل للجنسية القطرية .
بعد مغادرته إدارة قناة الجزيرة تم تعويض وضاح خنفر بتمويل قطري ضخم لتأسيس امبراطورية إعلامية و مركز للتدريب السياسي ، على أن تكون هذه الامبراطورية مساحة لاحتواء شباب جماعة الإخوان المسلمين تحديدا باعتبارهم من أهم أدوات القوة القطرية الناعمة بالمنطقة و العالم .
كما تم تكليف وضاح بعدة مهام سياسية كان يفترض أن تتم في سرية لكن أخبارها تسربت لوسائل الإعلام ، و منها دوره في تنظيم صفوف جماعة الإخوان المسلمين في فرعها الليبي ، لكنه فشل في تلك المهمة فتقرر أن يكتفي بالإشراف على امبراطوريته الإعلامية .
تمثلت مملكة وضاح خنفر الإعلامية والسياسية في ثلاثة مسارات رئيسية :
أولا :
منتدى الشرق ، و هو مؤسسة تدريب سياسي مقرها اسطنبول في تركيا ، و جميع الشباب العاملين و المتدربين بها هم من أعضاء جماعة ” الإخوان المسلمون ” سواء الذين مازالو في صفوف الجماعة أو الذين صدرت لهم تعليمات بعدم إعلان ارتباطهم بها .
و ينظم المنتدى مؤتمرا سنويا تشارك فيه شخصيات سياسية عالمية من كل أنحاء العالم ، في رغبة من خنفر ليؤكد للقيادة القطرية أنه مازالت لديه علاقات عالمية واسعة ، و أيضا رغبة منه في منافسة أستاذه القديم عزمي بشارة .
ثانيا :
يدير وضاح خنفر شبكة واسعة من الإسلاميين من كل أنحاء العالم ، بالوكالة عن قطر ، و يعقد ندوات أسبوعية يحضرها عدد كبير من قيادات التيارات الإسلامية .
ثالثا :
موقع عربي بوست .
و هو موقع إخباري بدأ باسم ” هفنجتون بوست عربي ” كنسخة عربية من الموقع الأمريكي الشهير الذي يحمل نفس الاسم و بترخيص منه ، قبل أن تسحب الشركة المالكة للاسم التجاري ترخيصها من موقع خنفر ليتم تغيير اسمه في ابريل 2018 إلى ” عربي بوست ” .
و منذ تأسيس الموقع كان واضحا أنه مصمم ليكون منصة إعلامية تستوعب شباب جماعة الإخوان المسلمين المصرية ، كخدمة إعلامية مستقلة عن قنوات المعارضة المصرية الممولة قطريا و التي تبث من تركيا أيضا .
و ينفرد ” المنشر ” بنشر معلومات جديدة حول جيش الإعلاميين ” الإخوان ” الذي يديره وضاح خنفر .
عند تأسيس الموقع تحت اسم ” هفنجتون بوست ” كلف وضاح خنفر صحفيا ينتمي للإخوان المسلمين هو ” أنس فودة ” باختيار طاقم الصحفيين ، و كان المعيار الأول هو انتماؤهم للجماعة .
و بالفعل اختار أنس فودة جميع كوادر الموقع من اللجان الإعلامية للإخوان ، بدون سابق تاريخ مهني حيث أن أغلبهم لم يعملو بالصحافة قبل انتقالهم للإقامة بتركيا بعد الانقلاب على الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي .
و أنس فودة صحفي بقناة الجزيرة ، عمل قبلها في مكتب قناة ” ام بي سي ” في دبي بالإمارات ، ثم غادرها للعمل بقسم الأخبار بقناة الجزيرة ثم استقدمه خنفر ليدير ” هفنجتون بوست ” براتب شهري 15 ألف دولار أمريكي .
بدوره ، استقدم أنس فودة جيشا من شباب الإخوان منهم مساعده السابق في مركز دراسات إماراتي عمل به و اسمه ” غاندي عنتر ” ليدير قسم التحليلات السياسية بالموقع و مازال في منصبه حتى الآن و يتقاضى شهريا خمسة آلاف دولار أمريكي .
كذلك استقدم أنس فودة صحفيا إخوانيا هو ” محمد حسين ” الذي عمل بكل محطات الإعلام الإخواني في مصر حيث بدأ في جريدة ” آفاق عربية ” خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك ، ثم موقع ” إخوان أون لاين ” ثم موقع ” برلماني ” الذي كان يغطي أخبار نواب الجماعة في البرلمان زمن مبارك ، ثم عمل حسين في جريدة ” الحرية و العدالة ” خلال حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي ، كما عمل حسين خلال حكم مرسي ، معدا ببرنامج الإعلامي المصري محمود مسلم ، المقرب من السلطة في مصر ، و بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013 انتقل حسين إلى اسطنبول بتركيا حيث شارك في تأسيس فضائية ” الشرق ” عندما كان يرأسها الدكتور باسم خفاجي ، بعدها شارك في تأسيس قناة ” مكملين ” الفضائية المعارضة ، ثم استقر في هفنجتون بوست فـ ” عربي بوست ” و هو الآن رئيس تحرير الموقع .
ويتقاضى حسين في منصبه الحالي 10 آلاف دولار .
من شباب الإخوان الذين يعتمد عليهم خنفر أيضا ” هيثم سعد ” العضو حاليا بمكتب إخوان جبهة ” منير ” ، و الذي تولى إدارة قسم السوشيال ميديا بعربي بوست ، و هو الآن يدير شركة متخصصة في السوشيال ميديا يشاركه فيها عضو آخر بالإخوان هو ” محمود السعداوي ” .
و قد كان سعد يتقاضى في موقعه بعربي بوست راتبا شهريا قدره 3500 دولار .
هناك أيضا ” حذيفة حمزة زوبع ” نجل القيادي الإخواني حمزة زوبع أحد مشاهير قناة مكملين ، و قد تم تعيين حذيفة على خلاف العادة بينما كان طالبا بالجامعة حيث كان يدرس علم الاجتماع السياسي .
و يتقاضى حذيفة راتبا شهريا 2000 دولار أمريكي .
بجانب هؤلاء ، هناك ” تسنيم النخيلي ” التي اتهمتها الإعلامية الإخوانية آلاء زارع بالمشاركة في عملية ابتزازها جنسيا مع ” عبدالله عزب ” و ” مصعب الجمال ” و آخرين بهدف إجبارها على الزواج من عزب !
تمثل تسنيم النخيلي مع محمد حسين ذراع وضاح خنفر اليمنى حيث يعتمد عليهما اعتمادا كليا في إدارة مملكته الإعلامية و هو ما يمثل علامة استفهام داخل دوائر المعارضة المصرية بتركيا حيث أن ” تسنيم ” لم تعمل بالإعلام قبل تعيينها في موقع قيادي بهفنجتون بوست عربي .
تسنيم النخيلي هي ابنة شقيقة القيادي الإخواني طلعت فهمي ، المتحدث السابق باسم جبهة ” محمود حسين ” .
و اللافت هو أن تسنيم النخيلي رغم انعدام خبرتها الصحفية ، إلا أن أبواب الإعلام في تركيا كانت مفتوحة لها على مصاريعها بما في ذلك الإعلام التركي الناطق بالعربية ، حيث تمكنت النخيلي ، بدون أي خبرة ، من العمل بقناة ” تي آر تي ” التركية في نسختها العربية ، و كذلك عملت في الخدمة العربية بوكالة أنباء ” الأناضول ” و هي خدمة يديرها أحد كوادر الإخوان هو ” حسن مكي ” الذي عمل من قبل مديرا لتحرير جريدة ” الحرية و العدالة ” خلال حكم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي .
في عربي بوست أيضا هناك أحد كوادر جماعة الإخوان المسلمين الشبابية ، هو ” محمد الصنهاوي ” زوج ابنة القيادي الإخواني مصطفى مراد ، شقيق مذيع قناة الجزيرة ” محمود مراد ” و الذي ينتمي أيضا للإخوان ، كما يعمل بالموقع أيضا شقيق محمد الصنهاوي و يدعى ” الحسيني ” و هو زوج ابنة مذيع قناة الجزيرة الشهير أحمد منصور .
هذا بخلاف العديد من شباب ” الإخوان ” الآخرين بينهم الناشطة الإخوانية ” أروى الطويل ” و زوجها .
و يلاحظ من تركيبة شباب الإخوان العاملين بموقع عربي بوست أنهم جميعا أعضاء بجبهة ” إبراهيم منير ” ، مما دفع كثيرا من المعارضين المصريين الموجودين بتركيا للتأكيد باستمرار على أن ” عربي بوست ” هو ذراع إعلامي آخر لجبهة منير بجانب قناة مكملين و موقع عربي 21 .
الاستثناء الوحيد الذي عمل بموقع ” عربي بوست ” من خارج جماعة الإخوان المسلمين ، كان الصحفي السوري الألماني رشاد عبدالقادر ، و الذي أدار الموقع لشهور قليلة بعد عودة أنس فودة للعمل بقناة الجزيرة .
خلال فترة إدارته الوجيزة للموقع ، لم يستطع عبدالقادر التواؤم مع الأجواء الإخوانية السائدة ، و كان دائم الاختلافات المهنية مع آليات العمل المعتمدة به ، كما أنه كان في مرمى مؤامرات لا تتوقف من كل من تسنيم النخيلي ، و محمد حسين ، حتى تمكن الأخير من الإطاحة به ، ليصبح رئيسا لتحرير الموقع حتى الآن .