بدر الساري
السوشيال ميديا المصرية مشحونة هذه الأيام بسجال حول ” البرج الأيقوني ” للعاصمة الإدارية الجديدة التي يبنيها النظام على بعد 45 كيلومتر تقريبا من القاهرة ، و المحاط بصحراء مترامية ، و البعض عقد مقارنة ذات مغزى بينه و بين مصنع ” لوسيد “الذي تؤسسه السعودية لتصنيع السيارات الكهربائية .
هذا السجال هو جزء من طوفان تقارير و أخبار تملأ كل الصحف و المواقع الدولية و العربية ، و المصرية المعارضة ، تؤكد – ما لا يحتاج تأكيدا – من فشل النظام المصري اقتصاديا على نحو جعله هو نفسه يندهش ، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قبل نحو ثلاثة أشهر .
نعم ، نيويورك تايمز نقلت ذلك عن مسؤولين مصريين !
لم ينج من ذلك الطوفان سوى إعلام ” السامسونج ” في مصر ” الذي مازال مصرّا على أن البلد تتقدم ، و أن مشروعات النظام ناجحة ، رغم أن نفس النظام أصدر قرارا قبل أيام بوقف المشروعات القومية ذات المكون الدولاري ، بسبب ازمة الدولار !
و رغم أن إعلام السامسونج نفسه دأب منذ عام و أكثر على التبشير بأزمة اقتصادية تهرس عظام المصريين و تطال أقواتهم !
إعلاميو النظام المصري يرون أن مصر تمضي نحو النجاح ، و أن ” الزلزال الاقتصادي ” الذي تمر به البلاد ليس أكثر من نتيجة طبيعية لأزمة ” كورونا ” و من بعدها الحرب الروسية الأوكرانية !
و هم في ذلك يكذّبون صندوق الدولي نفسه ، الذي لجأ له النظام ليضع له روشتة إصلاح و حصل منه على عدة قروض آخرها منذ أسابيع قليلة ، و يطبق الآن تعليماته المتمثلة في تعويم الجنيه أمام الدولار ، و تخارج الدولة من شرائح من الاقتصاد .
مصر تعيش حالة غريبة ، فيها تخبط ، و هزل ، و عناد ، و تعال على الاستماع للمتخصصين و الناصحين الخبراء !
و المصريون لديهم تعبير شهير يصفون به كل أزمات الحياة تقريبا ، التي تحدث نتيجة أخطاء أو خلافا للتوقعات ، هذا المصطلح هو ” خازوق ” .
و الخازوق كاتن قديما وسيلة إعدام احيانا في عصور مضت !
لذا ، استدعى مصريون على السوشيال ميديا تيمة ” الخازوق ” ليصفوا برج العاصمة الإدارية الأيقوني ، الذي صار تجسيدا للفشل السياسي و الاقتصادي ، و الاقتراض الذي لا لزوم له من أجل مشروعات لا جدوى منها و لا قيمة لها، خصوصا و أن تقديرات رائجة تقول أن تكلفة البرج الأيقوني تتجاوز المليار دولار ، و أنه مبني بقرض تجاوز مليار دولار ، هو بدوره جزء من قرض تجاوز 3 مليارات دولار ، بني به الحي الذي يقع البرج فيه !
و الحقيقة أننا إذا تبنينا المصطلح المصري ” الخازوق ” و وضعنا بجواره كل التقارير الاقتصادية الدولية و العربية ، بما في ذلك تقارير الإعلام العربي الصديق للنظام ، مثل قناتي ” العربية ” السعودية و ” سكاي نيوز ” الإماراتية ، و اعترافات إعلام النظام نفسه بأن مصر تعيش أزمة كبيرة ، فسوف ترتسم أمامنا صورة لمصر و هي تجلس على خازوق كبير !!
و الوحيد الذي لا يرى هذا الخازوق هو النظام الذي حار العلماء في التوصل لمصدر ثقته بمشروعاته و سياساته !!
المشكلة الكبيرة أن مصر دولة محورية في الشرق الأوسط كله .
و الخازوق الذي يخشاه المصريون و يتندرون به ، سوف ” تلبسه ” المنطقة بأكملها لو لا قدر الله تخلخل الوضع في مصر أكثر .
و هذا هو الخازوق الأكبر لنا معشر العرب !!
* بدر الساري ، كاتب عراقي يقيم في ألمانيا ، من فريق عمل ” المنشر ” .