أكد الخبير الاقتصادي العالمي، وعضو مجلس المستشارين الاقتصاديين في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ريغان، ستيف هانكي، أن مصر تواجه مخاطر الإفلاس، وأن المشاريع الضخمة التي تدشنها الحكومة ستؤدي إلى كوارث اقتصادية.
وقال هانكي ان ،
“التضخم الآن في مصر 101 بالمئة، حوالي خمسة أضعاف المعدل الرسمي، وأعرف من أصدقائي المصريين الذين أتحدث معهم بانتظام، يقولون لي إن رقم 101 في الشارع قريب جداً، ويمكنني القول إننا قمنا بالكثير من البحث العلمي حول ذلك، وفي هذه البيئات من معدلات التضخم المرتفعة، فإن معيار تكافؤ قوة الشراء بالشكل الذي أستخدمه دقيق جداً”.
وعن تضارب الأرقام بين بياناته وبيانات الحكومة المصرية، أوضح: “في مكان مثل مصر يوجد الكثير من الفساد، إنهم يتلاعبون بالبيانات وقد تلاعبوا بها بالفعل، تلك هي المشكلة، حيث تتوافر كل أنواع الانتقاء والأخطاء البيانية والأخطاء الفنية، لذلك فإن الثقة في الخدمة المدنية والحكومة معدومة”.
وأكمل هانكي موضحا عوامل التضخم وارتباطها بالعملة: “سبب التضخم وانهيار العملة لا يعود لعوامل خارجية مثل حرب أوكرانيا، بل لأن التضخم يكون دائماً محليا، والسيسي فقط يحاول صرف الناس عن المشكلة الحقيقية، وهي حقيقة أن لديك عملة ما هي في الواقع إلا خردة”.
وأضاف: “فقد الجنيه 22 بالمائة من قيمته مقابل الدولار الأمريكي، وإذ يتراجع الجنيه فإن التضخم يُستورد، ولماذا يُستورد؟ بسبب مشكلة محلية وليس مشكلة عالمية، فالجنيه عملة محلية إنه النقود المصرية وليس عملة عالمية، ولا يوجد خارج مصر من يستخدم الجنيه لأنه خردة بلا قيمة، ولا يُستخدم في المعاملات الدولية”.
وعن تأثير التضخم على الشعب المصري، قال هانكي: “أشعر بالأسى على المصريين، وكثيرون منهم يعيشون في فقر الآن بسبب ضريبة التضخم (الغلاء)، بالمناسبة إن التضخم ضريبة هائلة لم يصوت عليها أحد، إنه ضريبة تُفرض بشكل خاص على الناس الفقراء، لأن الفقراء بحاجة لإنفاق كل دخلهم حتى يبقوا على قيد الحياة، وفي كل مرة ينفقون فيها دخلهم يضربهم التضخم، تلك هي الضريبة”.
وتحدث هانكي بشأن صندوق النقد وعدم قناعته بقدرته على انتشال مصر من أزمتها، وذكر أن: “الجيش والحكومة يحكمان قبضتهما على الاقتصاد المصري، والمشكلة تكمن في أن صندوق النقد الدولي لا يملك وسيلة لفرض التقيد بشروطه، وهذا هو السبب من وراء فشل جميع برامج صندوق النقد الدولي، لأن صندوق النقد الدولي لا يتحكم بمقاليد الأمور في مصر، والحكومة هي التي تسيطر والحكومة في تقديري قد لا تفعل الكثير، بل قد ينتهي بهم المطاف إلى ارتكاب حماقات”.
وأضاف: “مثلا هذا المشروع الضخم للعاصمة الجديدة، سيكون مشروعاً أجوف بكل المقاييس، الهدر والفساد والغش المرتبط به سيكون هائلاً، وسيكون الفساد عارماً، أعتقد أنه من أكثر الأمور سفهاً، إنه مجرد إلهاء، أو بمعنى آخر هو صرف للأنظار عن المشاكل الحقيقية، فما تفعله الحكومة هو أنهم يقولون سوف نبني مدينة جديدة، وأثناء ذلك كلوا أنتم أيها المصريون أرجل الدجاج!”.
وتحدث الاقتصادي الأمريكي عن الأموال الخليجية والمساعدات التي تعتمد عليها مصر، وبين: “باعتبار الموقع الجغرافي لمصر، فقد كانوا باستمرار المستفيدين من كثير من المساعدات العسكرية والأجنبية، وذلك لأسباب استراتيجية وهذا جزء من المشكلة مع مصر بالمناسبة، فلم يزالوا يعيشون على الديون، يمررون إناء التسول ويحصلون على المال لأنهم في تحالفات مع شركاء آخرين، وهؤلاء الشركاء يعتقدون لسبب ما أنهم بحاجة إلى مصر، من أجل غايات جيواستراتيجية”.
واستطرد: “لكن ما يحصل هو أن المال الذي يذهب إلى مصر ينتهي في الجيوب السياسية وجيوب الحكومة بشكل أو بآخر، وكل ما يعمله هو تغذية الفساد وفي نهاية المطاف يدمر مصر”.
وعن مشروعات الحكومة وإمكانية أن تعود بفائدة على الاقتصاد، قال هانكي: “واحد من المجالات التي أتخصص فيها هي اقتصاديات البنى التحتية، وبإمكاني أن أؤكد أن كل هذه المشاريع الضخمة تنتهي إلى كوارث اقتصادية، يكاد هذا يكون نمطياً، لأن التكاليف أكثر من الفوائد، وذلك ينطبق على كل تلك المشاريع الضخمة، والتي يسمونها في بعض الأوقات مشاريع الخيلاء، مثل التي يريد السيسي أن يتفاخر بها”.
وشدد: “أتأمل في تاريخ مثل هذه المشاريع، ليس هكذا تعمل وإنما هكذا يتم الدعاية لها، ولكن الدعاية دائماً زائفة، فلا تأتي الوظائف والوظائف تكلف أكثر من قيمتها، وفي النهاية الأمر بأسره مجرد زيف”.
وتوقع هانكي أن مصر ربما تواجه خطر الإفلاس على غرار سريلانكا، واستشهد بتقرير وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية عن أن مصر هي الدولة الخامسة على قوائم الدول المهددة بالتخلف عن سداد ديونها.