أكد تقرير اقتصادي، أنه رغم معاناة مصر وباكستان من أزمة عملة حادة يغذيها الإنفاق غير المستدام والاقتراض غير الخاضع للمساءلة من المقرضين، فإن الشركاء الاقتصاديين والسياسيين سيضمنون أنهم “يجتازون” الأزمات من خلال فرض التقشف، الذي يحمل عواقبه الخاصة.
وأشار الصحافي المتخصص في الشأن الاقتصادي، توم حسين، في تقرير بعنوان “لماذا باكستان ومصر أكبر من أن تقعا في أزمة اقتصادية على غرار سريلانكا؟” على موقع “South China Morning Post” المهتم بالشؤون الآسيوية، إلى تشابه الأزمة الاقتصادية في مصر وباكستان، حيث ارتفع التضخم، كما أنهما متلقيان رئيسيان للقروض والمساعدات من الصين والمؤسسات الدولية، والحلفاء الإقليميين.
ويضيف، استنادا إلى محللين، أنه رغم أوجه التشابه الظاهرية مع سريلانكا، فإن مصر وباكستان أكبر من أن تفشلا بسبب دعم شركائهما الاقتصاديين والسياسيين المشتركين: دول الخليج العربية الغنية بالنفط، وصندوق النقد الدولي وداعميه في مجموعة السبع، والصين.
كما أن نسب ديون البلدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، عند 80% لباكستان و86% لمصر، وهي نسبة يمكن التحكم فيها أكثر من نسبة 122% التي تجاوزتها سريلانكا عندما تخلّفت عن السداد العام الماضي.
ومع ذلك، لا يزال كلاهما، وفقا للتقرير، “يعاني من وضع ميزان مدفوعاتهما، وقد أدى ذلك إلى أزمة عملة حادة”.
وقال الباحث الاقتصادي نجم علي للصحيفة إن “البلدين من غير المحتمل أن يتخلفا عن سداد الديون على المدى القريب”، مشترطا وجود “الإدارة الاقتصادية الحكيمة إلى جانب اتخاذ القرارات الحاسمة الضرورية لتجنب مثل هذه المخاطر على المدى المتوسط إلى الطويل”.
وفقا للتقرير، فإن “النخب الحاكمة المدعومة من الحكومة تهيمن على السياسة في مصر وباكستان، وكلاهما يعتبر دوليًا حصنًا ضد انتشار ما يسمى بالإسلام السياسي، سواء عبر صناديق الاقتراع أو التطرف”.
وأضاف أن “حكومة البلدين كانا شريكين في الخطوط الأمامية في “الحرب على الإرهاب” التي تقودها الولايات المتحدة “من القاعدة إلى داعش وحركة طالبان باكستان”.
لذا “سمح الافتقار إلى المساءلة المحلية، جنبًا إلى جنب مع الأولويات الجيوسياسية، لكل من مصر وباكستان، بالاقتراض بكثافة من الصين وصندوق النقد الدولي والسعودية والإمارات، لتمويل ميزانيات الدفاع الكبيرة بشكل غير متناسب وبرامج التنمية المثيرة للجدل التي تهدف إلى تعزيز شعبية السلطة الحاكمة”.
في مصر، استثمرت الحكومة بالمثل الأموال المقترَضة في ما يسمى بالمشاريع الضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة بقيمة 50 مليار دولار، والتي تساعد الشركات الصينية في بنائها.
ونقل التقرير عن الخبيرة في مبادرة “سوكركروفت لأمن الشرق الأوسط” التابعة للناتو “Atlantic Council think tank’s Scowcroft Middle East Security Initiative” شهيرة أمين، قولها: “ثبت أن القروض تأتي بنتائج عكسية، مما زاد من ضعف المصريين المحرومين”.
وأضافت أمين، أن القروض أيضا “أدت إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية”، مشيرة إلى أن ذلك “يرجع بالأساس إلى تبديد الأموال من قبل نخب النظام. حيث تم استخدامها لتمويل مشاريع ضخمة مهدرة فوائد اقتصادية مشكوك فيها للمصريين”.
وأكد التقرير أن الفساد والإنفاق غير المستدام والافتقار إلى الإصلاح الهيكلي أديا في نهاية المطاف إلى وصول ماليات البلدين إلى نقطة الانهيار العام الماضي، بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، مع عدم تمكّن أي منهما من تمويل واردات الوقود والغذاء مع تقديم خدماتهما الدولية الهائلة.
وتنفق كل من باكستان ومصر حوالي ثلث ميزانياتهما الوطنية على خدمة الديون، وهي نسبة مماثلة لنسبة سكانهما الذين يعيشون في فقر.
أصبح نقص الغذاء والوقود الآن أمرًا شائعًا في كلا البلدين، حيث ترك الاضطراب الاقتصادي ملايين الأشخاص عاطلين عن العمل.
كما تراجعت قيمة الروبية الباكستانية والجنيه المصري خلال العام الماضي، ما يقرب من 45% في حالة العملة المصرية، بعد سلسلة من التخفيضات الكبيرة لقيمة العملة من قبل البنك المركزي التي طلبها كجزء من اتفاقية قرض بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وتراجعت الروبية بنسبة 10% تقريبًا مقابل الدولار الشهر الماضي، بعد يوم من إلغاء سقف سعر الصرف تماشياً مع مطالب صندوق النقد الدولي.