تقترب مصر من تفعيل برنامج الطروحات في عدة قطاعات اقتصادية والذي يمثل الجانب التنفيذي لوثيقة سياسة ملكية الدولة التي أُطلقت مؤخرا، لتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتهيئة المناخ الجاذب والداعم للاستثمار، ومن ثم رفع معدلات النمو الاقتصادي، وفقا للحكومة المصرية.
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، كشف قبل أيام عن اعتزام حكومته طرح أكثر من 20 شركة في البورصة على مدار عام كامل، “وستطرح هذه الشركات كطرح أولي، لتوسيع قاعدة مشاركة المواطنين في ملكية هذه المؤسسات العامة، وأيضا للطرح لمستثمرين رئيسيين”.
وترى الحكومة المصرية أن هذه الخطوة ضرورية وستساعد الاقتصاد المصري في التعافي من خلال إعادة هيكلة الشركات وزيادة رأس مالها ونشاطها والتوسع في خطوط إنتاج جديدة، ومن ثم إضافة فرص عمل وتوسعة عملية الإنتاج.
ولم يكشف مدبولي أسماء الشركات العشرين المطروحة لأول مرة، لكنه أشار إلى أن بعضها سيكون جاهزًا خلال فترة تصل إلى 3 أشهر، فيما سيحتاج البعض الآخر فترة تصل إلى 5 أشهر، على أن يُطرح البعض بنهاية العام، مشيرا إلى أن الطرح سيكون بنسب متفاوتة طبقا لطبيعة كل شركة ونشاطها
ويبلغ حجم الفجوة التمويلية في مصر حوالي 17 مليار دولار على مدى الأشهر الـ46 المقبلة، سيسهم قرض صندوق النقد الدولي البالغ 3 مليارات دولار على سدها، ما من شأنه أن يحفز تمويلا إضافيا بقيمة 14 مليار دولار من الشركاء الدوليين والإقليميين من خلال طرح حصص في أصول الدولة للبيع.
لكن مواقع اقتصادية محلية رشحت أن يشمل برنامج الطروحات شركات عاملة في مجال البترول والطاقة وصناعة الكيماويات والبتروكيماويات والأسمدة والأدوية، وأخرى في مجال التطوير العقاري والتأمينات مثل شركة مصر للتأمين، وبنوكًا حكومية مثل بنك القاهرة، وبعض الشركات المملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة مثل الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية) والشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي).
يشترط البرنامج بين مصر وصندوق النقد الدولي القيام بإصلاحات مالية واقتصادية، بهدف تعزيز مرونتها في مواجهة الصدمات الخارجية، واستعادة احتياطي العملة الأجنبية، وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص، وإجراء إصلاحات هيكلية واسعة النطاق لتقليص دور الدولة في الاقتصاد (بما فيها القوات المسلحة)، وهو ما تكفلت به وثيقة سياسة ملكية الدولة.
إلا أن رئيس الوزراء المصري نفى أن يكون برنامج الطروحات له علاقة بشروط صندوق النقد الدولي، وأكد أن “برنامج الطروحات هو برنامج وطني بالكامل، تم إعلانه قبل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والخطة التي يتم إعلانها في إطار هذا البرنامج هي خطة وطنية أيضا، وضعتها الحكومة المصرية، وتم عرضها على صندوق النقد الدولي أثناء التفاوض معه كجزء من خطط وبرامج الدولة خلال الفترة المقبلة”.
ضمان استرداد أموال الدائنين وصندوق النقد
خبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس ربط بين مدة برنامج صندوق النقد الدولي وبرنامج الطروحات البالغ 46 شهرا، والذي ينتهي في 2026، قائلا “ببساطة برنامج بيع أصول الدولة لمستثمرين أجانب وطرحها في البورصة هو من أجل ضمان استرداد أموال الدائنين (الضامنين للبرنامج)، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، وحصيلة البيع ستنتهي مع انتهاء مدة البرنامجين”.
وأضاف، أن “الحكومة المصرية لم تكن لتبيع أصولها لولا تدهور الأوضاع الاقتصادية، ولا تملك خيارًا آخر سوى البيع من أجل الحصول على باقي المبالغ المعلنة من قبل الصندوق لسد الفجوة التمويلية، لن يكون هناك قروض جديدة بل أصول مقابل أموال، وبالتالي فإن التمويل الإضافي من شركاء إقليميين والبالغ 14 مليار دولار إلى جانب قرض الصندوق البالغ 3 مليارات دولار هم حصيلة بيع أصول الدولة خلال تلك الفترة”.
لكن السؤال الرئيسي، بحسب النحاس، هو “ماذا ستفعل الحكومة المصرية بعد بيع أصول بقيمة 40 مليار دولار في نهاية السنوات الأربع المقبلة لسداد باقي الالتزامات الجديدة والمتبقية من الالتزامات القديمة بعد بيع الأصول؟”، مشيرا إلى أن الأزمة هنا تكمن ليس في بيع الأصول فقط ولكن في الاستغناء عن إيرادات تلك الأصول.
وكانت منظمتا “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “الديمقراطية الآن للعالم العربي” حذرتا الأسبوع الماضي، من بعض البنود في اتفاق القرض الجديد الذي أبرمه “صندوق النقد الدولي” مع مصر مثل التقشف وبيع أصول الدولة.