نقص شرائط قياس السكر في التأمين الصحي وجرعات الأنسولين بمصر بالنسبة للمرضى و الأهالي، يضطرهم إلى خوض معركة البحث عن الاحتياجات اليومية لمرضى السكري، في ظل نقصها وارتفاع أسعارها خلال الشهرين الماضيين، والتي تجاوزت 100%.
يتكلف مريض السكري أكثر من أربعة آلاف جنيه شهريًا للتعامل مع مرضه بشكل يومي، للتأكد من نسبة السكر بالدم، وتلقي جرعات الأنسولين، ومعرفة ما إذا دخل المريض في غيبوبة سكر أم لا، وذلك دون احتساب تكاليف المتابعة الدورية مع الأطباء، وتكاليف التحاليل والفحوصات، خاصة في حالات الأطفال.
حال توفر شرائط قياس السكر والأنسولين في التأمين الصحي الحكومي، سيوفر ذلك أكثر من 3500 جنيه هي تكلفة شراء الأنسولين وعبوات شرائط قياس السكر خارج نظام التأمين.
هذا جانب من معاناة بعض المرضى وذويهم هذه الأيام. بعد مرور حوالي عام على قرارات وقف وتقييد الاستيراد التي بدأتها الحكومة والبنك المركزي منذ فبراير 2022، وكذلك التدهور السريع في سعر الصرف ونقص الدولار، تفاقمت أزمة نقص المستلزمات الطبية، وبعض الأدوية الحرجة، لتظهر بوضوح شديد فيما يتعلق بجراحات القلب والعظام ومرضى السكري وأمراض الصدر، وبمستويات أقل في أمراض أخرى.
وعلى الرغم من اتباع البنك المركزي نظام الاعتمادات المستندية في الاستيراد، بعدد من الاستثناءات، مثل السلع الاستراتيجية، من بينها مواد غذائية وأدوية وأمصال ومستلزمات الإنتاج، ثم قراره اللاحق برفع الحد الأدنى المُستثنى من الاعتمادات المستندية من خمسة آلاف إلى 500 ألف دولار، وانتهاءً بإلغائه استخدام الاعتمادات المستندية والعودة إلى مستندات التحصيل في نهاية ديسمبر الماضي، إلا أن كل ذلك لم يُوقف التأثير السلبي الشديد على قطاع المستلزمات الطبية بالنقص وزيادات الأسعار.
تأتي الاحتياجات الطبية في المرتبة السادسة على قائمة الواردات سنويًا بقيمة 5.1 مليار دولار. في المقابل، الصناعات الطبية تُصدّر سنويًا بقيمة أقل من ذلك بكثير، حوالي 692 مليون دولار، ما يعني أن القطاع يعاني من عجز بالسلب بقيمة 4.4 مليار دولار سنويًا.
قالت طبيبة بإحدى مستشفيات التأمين الصحي بالقاهرة، إن الأطباء بالمستشفى تلقوا تعليمات بقيود على إجراء تحاليل وظائف الكبد ووظائف الكلى، تقضي بإجرائها فقط للمرضى بالعناية المركزة والحضّانات، مع استحداث ضرورة تحديد الوظائف المطلوبة في هذا التحليل، وذلك خلافًا للوضع السابق بإجراء تحليل لجميع وظائف الكبد والكلى دون انتقائية. كما تنص التعليمات الجديدة على ضرورة توقيع الطبيب الاستشاري أو رئيس القسم ووجود ختم على طلب إجراء التحليل.
أحد المصادر المسؤولة بقطاع الأجهزة والمستلزمات الطبية بالتامين الصحى بمصر ، اعتبر أن سوق المستلزمات الطبية يُعاني من «كارثة»، مع تراكم طلب غير مُلبى خلال كل الشهور التي أوقف خلالها «المركزي» الاستيراد، مُضيفًا أنه حتى مع الاستثناءات، لم يحدث تحسن في توافر احتياجات القطاع، إلى جانب أن الإفراجات الأخيرة التي بدأتها الحكومة منذ نوفمبر الماضي، شهدت الكثير من المماطلة، والإفراج عن كمية محدودة لا توفي الطلب المحلي. بحسب تقدير المصدر، تأثرت 20% من تلك المستلزمات التي تُصنع محليًا بسبب العجز في مدخلات الإنتاج المُستوردة.
ويقول
هيثم ممدوح، وهو طبيب صيدلي يعمل بإحدى شركات الادوية أن أزمة قطاع المستلزمات والأجهزة الطبية تتمثل الآن في أمرين: الأول، هو نقص بدرجات متفاوتة لمستلزمات عديدة، وارتفاعات في الأسعار تتجاوز 100% خلال آخر شهرين، نتيجة تعامل السوق بما تم استيراده قبل وقف الاستيراد، والاقتراب من نفاد بعض السلع، ما رفع أسعارها في ظل أن استمرار الطلب لأنها احتياجات ضرورية.
«السوق بدأ يفضى»، هكذا وصف رئيس شعبة المستلزمات الطبية بالغرفة التجارية، محمد إسماعيل، سوق المستلزمات الطبية، والذي يشمل حوالي تسعة آلاف صنف، من بينها الحقن والكانيولات والآلات اللازمة للعمليات الجراحية والأجهزة الطبية، مثل أجهزة قياس الضغط والسكر والأشعة المقطعية والبلاستيك الذي لا يتفاعل مع الدواء الذي تُصنع منه أنابيب المحاليل الوريدية، وغيرها.
أعطى إسماعيل مثالًا بالمستلزمات الطبية التي تندرج تحت بند المُستهلَك، أي التي تُستخدم مرة واحدة فقط مثل الحقن، هذه السلع نُصنع منها حوالي 60%، إلا أن هذا التصنيع أيضًا تعطل. اتفق ممدوح مع ذلك، فلم يعد هناك فارق بين المستلزمات المستوردة أو المُصنّع محليًا، لأن السلسلتين تأثرتا بوقف الاستيراد، فالمُصنّع محليًا يحتاج أيضًا إلى مدخلات إنتاج مستوردة. و
أشار المحامي الحقوقي بمبادرة الحق في الدواء، محمود فؤاد، إلى تبعات نقص الدعامات التي تسببت في وقف عمليات جراحة القلب بمستشفى عين شمس التخصصي لعدة أيام لحين توفير القساطر، مُضيفًا أن مستشفيات أخرى أجّلت العمليات.
وأشار فؤاد إلى حدوث ارتفاعات كبيرة في الأسعار نظرًا لارتباط القطاع بالدولار، ضاربًا مثال بحقنة الصبغة «الليبدول» التي كانت تُباع في حدود 250 جنيهًا، وأصبح أقل سعر لها 1300 جنيه، بخلاف الأسعار الخرافية التي تُباع بها في المستشفيات الخاصة، التي وصلت فيها إلى أربعة آلاف جنيه.
نفس الأزمة طالت جراحات العظام، التي تعتمد على مفاصل صناعية وشرائح ومسامير كانت من أكثر الجراحات التي تأثرت سلبًا، بحسب الطبيب، الذي أوضح أن الغرض من هذه الجراحات بالأساس تركيب هذه الأجزاء لتحسين حالة المريض، إلا أن هذه الجراحات معطلة الآن على نطاق كبير بسبب اختفاء هذه المستلزمات من السوق. لذلك اتجه بعض الأطباء إلى إحضار بعض من هذه المستلزمات معهم أثناء عودتهم من أحد المؤتمرات خارج مصر، إلا أن بعضهم يتم إيقافه في المطار وتُصادر الجمارك هذه المستلزمات منه، وتتعامل مع الأمر على أنه تهريب.