عمرو الشوبكي
فاجعة الزلزال وخلافات السياسة
تعاطفت دول العالم مع ضحايا الزلزال فى تركيا وسوريا، وشهدنا معابر فتحها النظام السورى لإيصال مساعدات إلى المناطق التى تسيطر عليها المعارضة فى الشمال، وشهدنا دخولًا لعشرات الشاحنات من معبر باب الهوى قادمة من تركيا ومختلف دول العالم.
مشهد الزلزال جعلنا نرى مشاهد كان من الصعب مشاهدتها قبله، فزار وزيرا خارجية أرمينيا واليونان تركيا وعبَّرا عن دعمهما للبلد ولضحايا الزلزال.
واللافت أنه تم فتح معبر حدودى بين أرمينيا وتركيا ظل مغلقًا منذ 35 عامًا للسماح بدخول مساعدات للمتضررين من الزلزال، كما أرسلت أرمينيا فريق إنقاذ إلى المنطقة المنكوبة للمساعدة فى البحث عن ناجين.
تعليق وزير الخارجية التركى على هذه الخطوة كان إيجابيًّا؛ فقد قال إن أرمينيا مدت يدها بالصداقة وأظهرت التضامن والتعاون فى هذا الوقت العصيب… «نحتاج لمواصلة هذا التضامن». وأضاف «تعاوننا فى المجال الإنسانى سيدعم هذه العملية»، وهو ما أكده أيضًا الوزير الأرمينى.
والمعروف أن علاقة تركيا بأرمينيا تحكمها عقدتان إحداهما تاريخية متعلقة بالحرب التى جرت بين الجانبين ومقتل مئات الآلاف من المدنيين الأرمن على يد القوات العثمانية، والأخرى جيو سياسية تتعلق بدعم تركيا لأذربيجان فى حربها مع أرمينيا والتى قطعت على إثرها تركيا علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع أرمينيا عام 1993.
أما زيارة وزير الخارجية اليونانى لتركيا فبدت لافتة هى الأخرى، فقد تابع جهود الإنقاذ للفرق اليونانية التى قال إنها أنقذت ٥٠ تركًّا حيًّا من بين الأنقاض، وإنها ستبذل جهودها لإنقاذ المزيد.
كما أن الحديث الودى الذى دار بين الوزير اليونانى ونظيره التركى مثّل خطوة أخرى فى اتجاه تطبيع العلاقات بين البلدين رغم تباين وجهات النظر فى بعض الملفات، «وأن الجار الجيد يظهر فى وقت الشدة» كما ذكر مولود شاويش أوغلو وزير الخارجية التركى.
يقينًا لولا مأساة الزلزال ربما ما تمت هذه الزيارات، كما أن الوجه الأوروبى لتركيا ظهر أيضًا عقب الزلزال فالمساعدات الأكبر والأكثر تأثيرًا جاءت من أوروبا وأمريكا كما حضرت الفرق الروسية والصينية ولم تغب المساعدات العربية وخاصة القطرية.
أما فى سوريا فقد بدا واضحًا بعدها (وعمقها) العربى رغم حضور الروس والإيرانيين بقوة، فجاءت فرق إنقاذ من الجزائر ودول عربية أخرى، كما قدمت مصر والسعودية والإمارات مع آخرين مساعدات قوية لسوريا.
ورغم أن كثيرًا من المساعدات الإنسانية لم تخل من حسابات سياسية وفتح الباب أمام سؤال يتعلق بتأثيرها على العلاقات بين الدول وقدرتها على حل ولو لجانب من الخلافات الموجودة؟، فهل سنشهد تقاربًا مصريًّا سعوديًّا مع سوريا؟ وهل سنشهد حلًّا للخلافات العميقة التى تفصل بين تركيا وكل من اليونان وأرمينيا؟.
يقينًا الدعم الإنسانى لكلتا الدولتين مثّل بيئة مواتية لحل الخلافات السياسية، ولكن لا يعنى بالضرورة حلها!.
( المصري اليوم )