إضراب مرشد الإخوان و محاولات انتحار في السجون.. عن دولة الانتقام في مصر
بدر الساري
مع أول أيام دراسة القانون في أي كلية حقوق بمصر ، يدرس الطالب أن ” العقوبة ” في الدولة الحديثة لها أهداف كثيرة ليس من بينها الانتقام .
لكن نفس الطالب ، لو لم تحالفه ” الواسطة ” لينضم لنادي علية القوم في مصر من خلال العمل في السلك القضائي ، و لو كان محروما من وجود شخصيات نافذة في البلد ضمن أقاربه ، أو لها علاقة بشخصيات نافذة ، سيكتشف أن أول سمات القانون و من يطبقونه في مصر ” الإهانة ” و ” الانتقام ” .
الإهانة و الانتقام يهاجمان الإنسان المصري في أي موقف يحتك فيه بالسلطة و الدولة و من يمثلهما : في كمين المرور على يد الضابط و أمين الشرطة ، في المصالح الحكومية ، أثناء إنجاز أي ورقة رسمية في أي جهة يتواجد بها ممثل للأمن !
باختصار، علاقة أجهزة الأمن المصرية مع المواطن بكل صنوفها ، قائمة بكل مستوياتها ، على الإهانة و الانتقام .
و الدولة المصرية بكل مؤسساتها تعتبر أن الإهانة و الانتقام هما دليل قوتها و ضمانة فرض هيبتها !
و النتيجة التي يراها الجميع : مواطن يكره حياته و يكره بلده !
و دولة تتلقى الصفعات و الإهانات من كل اتجاه ، و صارت مضرب الأمثال في تسول المعونات و استجداء الدعم !!
ذلك أن الإهانة و الانتقام اللذان تتعامل بهما أجهزة الدولة المصرية مع الإنسان المصري ، هما جزء من احتقارها له ، ذلك الاحتقار الذي يجعل نظامها السياسي يتعالى على الخبراء و المتخصصين ، المدنيين في كل المجالات ، و يرى نفسه نظاما يحترف الفلسفة و الطب و الاقتصاد و تجارة العقارات و السمسرة في البورصة و كتابة الدراما و كل شيء !
” بتاع كله ” كما يقول التعبير الشهير لدى أهلنا و أصدقائنا المصريين .
انا شخصيا سافرت مصر كثيرا في مهام عمل و بحث ، و بسبب ملامحي العربية كان أفراد الأمن يظننونني مصريا ، لكن ما إن كنت أشعر أن إساءة قادمة في الطريق من فرد الأمن هذا او ذاك ، كنت أخرج جواز سفري الألماني فتتغير المعاملة فورا !!
كل تلك الخواطر جالت في ذهني و أنا أقرأ خبرا عن رسالة مسربة من سجن بدر ، أو ” مجمع سجون بدر ” ، لأنهم في مصر يبنون السجون بالجملة !
تقول الرسالة أن معتقلين مصريين حاولوا الانتحار بسبب الضغط و حرمانهم من حقوقهم.
أحدهم حاول شنق نفسه لأن إدارة السجن حرمته من الاطمئنان على أهله المقيمين في تركيا بعد الزلزال !!
حتى أن مرشد الإخوان محمد بديع – بحسب الأخبار – بدأ إضرابا عن الطعام !!
مرة أخرى : العقوبة هي السجن .
و فقط .
أما التضييق على المعتقلين و الضغط عليهم و حرمانهم من حقوقهم فهي جميعها : إهانة و انتقام !
و هما أمران ضد القانون وضد العدل
لكن منذ متى كان في مصر قانون أو عدل ؟
علما بأن إحدى حقائق الحياة في مصر أن المعتقل ” غالبا ” بريء !!
لأن الاعتقال و المحاكمة بل و الإعدام ، في مصر ، لا يعنيان أبدا أن من تعرض لهما ، نال حقه من التحقيقات الفعلية و المثول أمام قضاء عادل !!
مصر دولة تنتقم من أهلها .
ثم تخرج عليهم في الإعلام لتكذب وتقول أن شعبها صبور حمول و يحب القيادة !!
بينما واقع الأمر أن المصريين مقهورون مغصوبون على الصمت و الصبر لا أكثر و إلا فمجمع سجون بدر و غيره في انتظارهم !!!
( بدر الساري ، كاتب عراقي ، من فريق عمل ” المنشر ” )