تتواصل سلسلة هروب شركات التكنولوجيا المالية الناشئة العاملة في مصر، حيث تعاني من أزمات أدت إلى تخارج وتوقفت أعمال ثلاث شركات منها خلال الأشهر الستة الماضية.
وبعد أيام من إعلان شركة إماراتية عاملة في التكنولوجيا المالية تعليق أعمالها في السوق المصري بعد دخوله بـستة أشهر، فقد أعلنت شركة مصرية عاملة في القطاع المالي أيضا عن تصفية أعمالها، وذلك بعد انهيار شركة للتجارة الإلكترونية قبل ستة أشهر.
ومؤخرا أعلنت شركة “ماني ماستر” المصرية الناشئة ومزود خدمات جمعيات الإدخار والائتمان الدورية عبر الإنترنت، بدء إجراءات تصفية نشاطها في مصر، بعدما أطلقت أعمالها بالبلاد عام 2021، بحسب بيان للشركة.
والأربعاء الماضي، أعلنت شركة “تابي” الإماراتية لخدمات البيع بالتقسيط “الشراء الآن والدفع لاحقا” تعليق عملياتها في السوق المحلية بعد 6 أشهر فقط من دخولها البلاد، بسبب ما قالت عنه “الظروف الاقتصادية الصعبة”.
ورغم نجاح الشركة في جمع 275 مليون دولار من مستثمرين عالميين وإقليميين، منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، إلا أنها قررت إيقاف عملياتها التجارية بالسوق المصرية بداية من 23 آذار/ مارس المقبل، والإبقاء على أعمالها بالإمارات والسعودية والكويت.
وقبل نحو ستة أشهر وتحديدا في أيلول/ سبتمبر الماضي، ظهرت أولى أزمات تلك الشركات بانهيار شركة التجارة الإلكترونية “كابيتر”، وهروب مؤسسيها بنحو 33 مليون دولار، تمويلات حصلوا عليها من بنوك محلية.
ذلك الخروج المثير للتساؤلات يأتي برغم الحجم الكبير للسوق المصرية المهيأة لهذا النوع من الاستثمارات بسبب حجم السكان والمخزون الهائل من المواهب الشابة والبارعين في قطاع التكنولوجيا، بحسب وصف تقرير مبادرة “فينتك مصر” التابعة للبنك المركزي المصري، منتصف العام الماضي. و
يعتقد الخبير الاقتصادي المصري الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، أن “السبب الرئيسي يرجع لعدم قدرة هذه الشركات، على توقع سعر مستقر للجنيه المصري مقابل الدولار في الأجل القصير”.
وأوضح ، أن “الشركات العاملة بمجال التكنولوجيا، أو مجال المدفوعات المالية لا تمتلك المرونة المطلوبة للتعامل مع تغيرات سعر الصرف”.
ولفت إلى أنه “ومع تراجع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري، وقطاع المصارف في مصر، ثم صدور توقعات انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار في العقود الآجلة، فقد يكون تعليق هذه الشركات أعمالها في مصر أمرا طبيعيا”.
عبدالمطلب، وفي إجابته على التساؤل: “هل المناخ الاقتصادي والاستثماري في مصر غير ملائم لهذا النوع من الاستثمار؟، قال: “لا أعتقد أن المشكلة في مناخ الاستثمار، خاصة أن هذه الشركات تحقق أرباحا كبيرة في السوق المصري”.
وأكد أنه “لا يوجد منغصات أو قرارات أو إجراءات تعوق عمل هذه الشركات”، مضيفا: “ولذلك فاعتقادي أن السبب يعود إلى مشاكل سعر الصرف، وعدم القدرة على وضع تنبوءات بخصوص مستقبل الجنيه المصري”.
وحول خطورة توالي هروب وتخارج شركات التكنولوجيا المالية من مصر، يرى الخبير المصري أن “الموضوع لن يسبب مشاكل خطيرة”، مضيفا: “ومع ذلك، أعتقد أن الأمر لن يتضح إلا بعدما تُعلن الحكومة المصرية تفاصيل تقريرها حول برنامج الطروحات”. وفي نهاية حديثه توقع أن “تكون هناك خطة حكومية محفزة لهذه الشركات”.
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة شهد قطاع التكنولوجيا المالية في مصر تطورا لافتا، وحصل على تمويلات تتضاعف من عام إلى عام، إذ تعتمد مصر استراتيجية الرقمنة وتوسيع عمليات الشمول المالي.
في هذا الإطار، وفي 16 كانون الثاني/ يناير الماضي، أطلق “صندوق مصر” السيادي و”اتصالات مصر”، شركة جديدة للعمل بمجال التكنولوجيا المالية، تحت مسمى “إرادة”.
وأطلقت القاهرة قانونا جديدا في آذار/ مارس الماضي، تسمح بنوده للبنك المركزي المصري بتسليم التراخيص المصرفية لشركات التكنولوجيا المالية، في ظل توقعات أن تصل المدفوعات الرقمية إلى 19.4 مليار دولار عام 2025.
ومن أهم شركات التكنولوجيا المالية الناشئة العاملة في مصر، “دوباي”، التي تقدم خدمات الشمول المالي”، و”بايموب”، وتعمل في مجال المدفوعات، و”ماني فيلو” وتنشط في الإقراض الجماعي والادخار، بحسب رصد لموقع “تقني” المتخصص بأخبار التكنولوجيا، في شباط/ فبراير 2022.
وشركة “تيلدا” المتخصصة في الخدمات المصرفية الرقمية، و”دايرة” التي تقدم خدمات الشمول المالي، وأيضا “ناو باي”، المتخصصة في منح سلفة على الراتب، و”كاشات” المنوط بها تقديم عمليات الإقراض الصغير للشركات، و”كسبانة”، المتخصصة بخدمات الشمول المالي.