(المنشر )
في أجواء مصرية مليئة بالتوتر نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد ، تولدت عن السياسات الاقتصادية للنظام الحاكم ، دارت الجمعة الماضية وقائع معركة جديدة مقرها هذه المرة نقابة الصحفيين المصرية .
فقد شهدت النقابة انتخابات التجديد النصفي ، حيث مطلوب من الصحفيين انتخاب نقيب جديد بالإضافة لستة من أعضاء مجلسها الذي يضم 12 عضوا .
يتنافس على مقعد نقيب الصحفيين المصريين 11 مرشحا ، أبرزهم مرشحان تدور بينهما المنافسة الفعلية هما ” خالد البلشي ” رئيس تحرير موقع ” درب ” ، و هو صاحب تاريخ مهني و نقابي معروف .
أما المرشح الثاني فهو الصحفي ” خالد ميري ” رئيس تحرير جريدة ” الأخبار” الحكومية المصرية.
و أقيمت الجمعة 3 مارس الجاري ، الجولة الأولى من انتخابات نقابة الصحفيين المصرية ، و التي يشترط لإتمامها حضور أكثر من نصف عدد أعضاء الجمعية العمومية البالغ قرابة عشرة آلاف عضو .
غير أنه لم يحضر سوى 3 % تقريبا من عدد الأعضاء ، بواقع 296 عضوا .
و بسبب فشل الجمعية العمومية تقرر تأجيل الانتخابات للجمعة 17 مارس الجاري .
و تأتي انتخابات الصحفيين المصريين في أجواء يسودها التضييق على الحريات العامة في مصر من قبل النظام الحاكم و خصوصا حرية الرأي و التعبير .
و بسبب تلك الأجواء تأتي مصر في مرتبة متأخرة جدا في حرية الصحافة عالميا وفقا لمؤشر حرية الصحافة العالمي للعام 2022 .
و مؤشر حرية الصحافة العالمي تصدره سنويا منظمة ” مراسلون بلا حدود ” ، و قد حلت مصر في المرتبة 168 العام الماضي ، بعد دول مثل موريتانيا و جيبوتي و الصومال و السودان !
و منذ وصول النظام الحالي للحكم عام 2014 تم حجب أكثر من 500 موقع صحفي إليكتروني و إغلاق العديد من الصحف و وسائل الإعلام .
كما وصل عدد الصحفيين المعتقلين في مصر إلى مستوى غير مسبوق حيث تعتقل السلطات المصرية قرابة الـ 70 صحفيا لأسباب متعددة جميعها ذات خلفية سياسية .
كما شهدت نقابة الصحفيين المصرية واقعة غير مسبوقة في تاريخها في مايو 2016 عندما اقتحمت قوات الأمن مقر النقابة و اعتقلت صحفيين هما عمرو بدر و محمود السقا على خلفية مشاركتهما في مظاهرات اعترضت على تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية .
و يترشح الصحفي عمرو بدر حاليا لعضوية مجلس النقابة .
و في مايو 2016 أيضا اعتقلت السلطات المصرية خالد البلشي ، المرشح حاليا على مقعد نقيب الصحفيين ، و اتهمته بنشر أخبار كاذبة و إيواء مجرمين في مقر النقابة ، حيث كان وقتها مقررا للجنة الحريات بمجلسها .
نتيجة تلك الأجواء الضاغطة على الصحافة و الصحفيين في مصر ، تسود انطباعات بأن المنافسة على مقعد نقيب الصحفيين حاليا تجري بين ممثل لحرية الصحافة و استقلالها هو خالد البلشي في مواجهة ممثل النظام و الأجهزة الأمنية هو خالد ميري .
و في تصريحات متعددة لوسائل الإعلام قال البلشي أن معركته على مقعد نقيب الصحفيين تمثل مسعى لاسترداد النقابة و استعادة دورها الذي اعتادت القيام به في مناصرة القضايا المصرية المختلفة و منها حقوق الإنسان و الحقوق الاجتماعية و السياسية .
و المعروف أن نقابة الصحفيين خلال عهد الرئيس المصري الراحل مبارك طالما كانت منبرا لاحتجاجات متنوعة سياسية و حقوقية ضد سياسات النظام وقتها .
تلك الأدوار التي لعبتها نقابة الصحفيين المصرية طالما كان خالد البلشي جزءا منها حيث كان دائما ضمن صفوف الصحافة المستقلة و المعارضة منذ كان يعمل مديرا لتحرير جريدة ” الدستور ” في عهد مبارك و صولا لموقعه الحالي كرئيس لتحرير موقع ” درب ” المستقل .
و بسبب ذلك التاريخ يحظى البلشي بشعبية كبيرة في أوساط شباب الصحفيين و صحفيي المعارضة الذين يرون فيه أملا لنيل بعض حقوقهم .
في المقابل ، تتركز تصريحات مرشح الدولة خالد ميري على القضايا المالية للصحفيين و التي طالما كانت أداة يساوم بها النظام ، الصحفيين على حقوقهم و حريتهم في التعبير .