أفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدة مطلع فبراير/شباط الماضي بأن التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية على الحكومة الأفغانية التي تقودها حركة طالبان بعد الانسحاب الأميركي تهديد جدي وأن التنظيم بات فعليا “المنافس الأول” للحركة.
وقد واصل تنظيم الدولة -من خلال فرعه “تنظيم الدولة الإسلامية بولاية خراسان”- بشكل شبه منتظم شن هجمات في أنحاء أفغانستان بلغت 248 هجوما منذ وصول طالبان إلى السلطة، مما تسبب في مقتل وإصابة العشرات.
لكن الأمر اللافت والمثير للقلق المتزايد للسلطات الأفغانية هو وجود مؤشرات على سعي التنظيم من خلال دوامة العنف هذه إلى تقويض علاقة حكومة طالبان بالدول التي تدعم نسبيا النظام الجديد في كابل، خاصة الصين التي حافظت على علاقة وثيقة مع الحركة قبيل توليها السلطة وبعده.
وظهر هذا التوجه بشكل أساسي في جهود التنظيم لاستهداف بعض البعثات الدبلوماسية، مثل هجومه على السفارتين الروسية والباكستانية تباعا في سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول 2022.
كما شن في المدة الأخيرة هجمات على المصالح الصينية، فقد أعلنت بكين في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي إصابة 5 من مواطنيها جراء هجوم استهدف فندقا في كابل، وتبنّاه التنظيم.
وفي 11 يناير/كانون الثاني 2023 فجّر انتحاري من تنظيم الدولة حزامه الناسف قرب وزارة الخارجية الأفغانية في كابل، حيث كان مقررا عقد اجتماع مع وفد صيني، مما تسبب في سقوط أكثر من 50 قتيلا.
وترى الباحثة في معهد أوروبا الوسطى للدراسات الآسيوية باربارا كليمن أنه بات من الواضح تماما الآن أن حكومة طالبان غير قادرة على ضمان الأمن في أماكن حيوية مثل العاصمة، وأن قدراتها الأمنية فشلت إلى حد كبير في احتواء خطر التنظيم المتصاعد، رغم ورود تقارير عديدة عن قيامها بتفكيك خلايا ومخابئ لتنظيم الدولة في أنحاء متفرقة من البلاد العام الماضي.
وذكرت الأمم المتحدة -في تقرير لها عام 2022- أن تنظيم الدولة الإسلامية بولاية خراسان يعمل أيضا بشكل نشط من أجل تجنيد مقاتلين من الحزب الإسلامي التركستاني، وهو منظمة مسلحة إيغورية انفصالية تدعو إلى إنشاء دولة إسلامية في إقليم شينجيانغ بشمال غربي الصين.
وأشارت المنظمة إلى أن الجماعتين تعاونتا في إصدار دعاية مناوئة للصين بلغة الإيغور، وفي تبادل المقاتلين والمشورة العسكرية، فضلا عن التخطيط لهجمات مشتركة وتنسيق صفقات لشراء الأسلحة.
ويعد هذا الأمر مثيرا للاهتمام خاصة أن الحزب الإسلامي التركستاني كان في السابق حليفا لتنظيم القاعدة، أحد أبرز المنافسين لتنظيم الدولة بولاية خراسان.
تشكل دوامة العنف التي يقودها تنظيم الدولة في أفغانستان، وفق محللين، خطرا على علاقة بكين بحركة طالبان، القائمة بشكل أساسي على مصالح مشتركة يطغى عليها الشقان الاقتصادي والأمني.
فمنذ سيطرت الحركة على السلطة أعلنت الصين استعدادها لتعميق العلاقات “الودية” وعلاقات “التعاون” معها، ورحبت بتشكيل الحكومة الأفغانية الجديدة في 8 سبتمبر/أيلول 2021، كما دعت لتشكيل هيكل سياسي شامل وواسع ينتهج سياسات داخلية وخارجية “معتدلة”.
ورغم عدم استجابة حكومة طالبان لهذه المطالب بشرعية حكمها، فإنها عززت نفوذها بالبلاد وقدمت مساعدات إنسانية متعددة لكابل، واستقبلت وفودا من طالبان كما حضرت كل المؤتمرات الإقليمية بشأن أفغانستان مثل “مؤتمر موسكو” المنعقد في أكتوبر/تشرين الأول 2021.