قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، إن العقوبات المفروضة على بلاده قد يكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد، فيما أشارت تقارير إلى صعوبات تواجه المالية الروسية مع انخفاض النمو، والتهام الحرب للموازنة، بعد انتعاشة أولية أسهم فيها ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي عقب الأشهر الأولى لغزو أوكرانيا.
وشدد بوتين على ضرورة عدم السماح للتضخم بالارتفاع، وقال إن التضخم سينخفض إلى ما دون 4% في مارس، مشيراً إلى أثر سلبي محتمل للعقوبات “على المدى المتوسط”.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن قطاع الصناعة لا يزال راكداً، مشدداً على ضرورة استعادة صناعة السيارات المحلية وصناعة الأخشاب، وتسريع نمو الدخل الحقيقي للروس.
وقال إن العودة إلى مسار النمو في الاقتصاد “لا ينبغي أن يريح المسؤولين، إذ من الضروري ضمان السيادة الاقتصادية. وأضاف أن النظام المالي “يجب أن يلعب دوراً كبيراً في دعم الشركات التي تحل مكان تلك التي غادرت السوق الروسي (الشركت الغربية).
ولفت إلى أن معدلات البطالة سجلت انخفاضاً قياسياً في روسيا، لكن “المشاكل في سوق العمل لا تزال قائمة”.
ويأتي هذا فيما أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إلى أنه بينما قادت الأشهر الأولى للغزو الروسي، زيادة كبيرة في أسعار النفط والغاز الطبيعي، وجلبت عوائد ضخمة إلى موسكو، فإن هذه الأيام “قد ولت”.
وقالت إنه فيما تستمر الحرب للعام الثاني، فإن أثر العقوبات يشتد قسوة، مع انخفاض عوائد الحكومة الروسية، وانتقال الاقتصاد إلى مسار انخفاض النمو، على المدى الطويل.
وخسرت صادرات الغاز والنفط الروسي عملاء كباراً، وسط ضغوط على المالية العامة للبلاد، وفقدان الروبل 20% من قيمته منذ نوفمبر أمام الدولار.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى تقلص سوق العمل، مع إرسال الشباب إلى جبهة القتال أو اضطرارهم للفرار من البلد خوفاً من التجنيد، إضافة إلى أن مناخ عدم اليقين “كبح الاستثمارات في البلد”.
وتوقعت محافظة البنك المركزي الروسي السابقة ألكساندرا بروكوبينكو، والتي تركت روسيا عقب الغزو أن الاقتصاد الروسي يدخل في مرحلة “انحسار على المدى الطويل”.
وقالت “وول ستريت جورنال” إنه فيما لا تواجه روسيا صعوبات اقتصادية سيئة لدرجة تشكل تهديداً على المدى القصير لقدرتها على شن الحرب، فإن نقص عوائد الدولة يشير إلى تعقد معضلة توسع الإنفاق العسكري بشكل متزايد، وتوفير التمويل للدعم والإنفاق الاجتماعي، والذي ساعد بوتين في حماية المواطنين من ضغط العقوبات.
وحذر الملياردير الروسي أوليج ديرباشكا الشهر الجاري، من أن النقد ينفد من روسيا، وقال في مؤتمر اقتصادي في مارس: “لن تكون هناك أموال في روسيا العام المقبل، نحن بحاجة إلى مستثمرين أجانب”.
وأشارت “بلومبرغ” إلى أن روسيا باتت تخفي ثلث إنفاقها الذي لم يسبق له مثيل من الموازنة بعيداً عن أنظار العامة، في “مؤشر صارخ يظهر كيف أعادت الحرب، التي مر عليها عام، تشكيل الشؤون المالية الحكومية وأولويات موسكو الاقتصادية”.
وقالت “بلومبرغ” الثلاثاء، إن الإنفاق العسكري الروسي بات يلتهم جزءاً كبيراً من الموازنة، وأن حجم المصروفات السرية المتزايد يدل على أن الإنفاق العسكري آخذ في الارتفاع.
وكشفت بيانات وزارة المالية أن النفقات السرية أو غير المحددة حتى 24 مارس الجاري صعدت لـ2.4 تريليون روبل (ما يعادل 31 مليار دولار أميركي)، أي ما يفوق ضعف مستواها خلال نفس الفترة من السنة الماضية، بحسب تقديرات بلومبرغ إيكونوميكس. توضح حسابات بلومبرغ أن خطط سنة 2023 تقدر الحصة السرية من الميزانية بمقدار الربع تقريباً.
أكدت ألكسندرا سوسلينا، خبيرة الاقتصاد الروسية المستقلة، أن ارتفاع حجم المصروفات السرية يدل على أن الإنفاق العسكري المرتبط بالحرب آخذ بالتزايد. أضافت أنه “من المنطقي افتراض أن تكاليف الأقاليم الجديدة مدرجة فيها أيضاً”، في إشارة إلى مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا والتي ضمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال سبتمبر الماضي وتعهدت القوات الأوكرانية باستردادها.
وفي ظل ارتفاع الإنفاق على الجيش الروسي بصورة هائلة، يحتل قطاع الدفاع- بالإضافة إلى مجال الأمن القومي المرتبط به- المرتبة الثانية من حيث حصة الإنفاق بعد برامج الرعاية الاجتماعية الحكومية.
وتكشف السرية المتعلقة بأكبر بند منفرد من حيث التكلفة عن حجم الالتزام المالي المخصص للمجهود الحربي الذي تعهد بوتين بأنه “سيكون غير مُقيَّد”. وكانت حصة الإنفاق السري قد سجلت ذروة في السابق عند 21% تقريباً في 2015، أي بعد سنة من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا.