طالبت 6 منظمات حقوقية السلطات المصرية، بمناسبة اليوم العالمي لضحايا التعذيب، بوضع تشريع يجرم التعذيب ووقف سياسة الإفلات من العقاب، و للانضمام للبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب.
وقالت المنظمات الحقوقية التعذيب جريمة لا تقع فقط بحق الذين يقع عليهم الانتهاك، ولكنه جريمة تمس أمن المجتمع ككل وتجعل روح الخوف وعدم الشعور بالأمان هي المسيطرة على التعاملات بين الأنظمة ومواطنيها، مما يفقد الأنظمة دورها في حماية أمن المجتمع، وينزع عنها صفة الشرعية باعتبارها تعمدت عدم التقيد بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بمنع التعذيب وتجريمه.
مصر: وفاة صالح رحيم بالتعذيب داخل مركز شرطة العدوة تشغل غضب أهالى الفردوس في المنيا
اليوم العالمي لضحايا التعذيب
يأتي ذلك في الوقت الذي يحتفل فيه العالم الحر باليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، والذي يوافق 26 يونيو من كل عام، حيث دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة – وهي إحدى الأدوات الرئيسية في مكافحة التعذيب -، حيز التنفيذ في عام 1987، واليوم توجد 173 دولة طرفا في هذه الاتفاقية.
شهادة معتقل تكشف عن أنواع التعذيب في السجون المصرية
دستور 2014 وتجريم التعذيب
وفي مصر، مثل دستور 2014 الدستور الأحدث في مصر، تقدما تجاه فرض مجال للحماية القانونية في حق الأفراد في عدم التعرض للتعذيب، حيث جاءت المادة (52) لتعتبر أن “التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم”، على عكس الدساتير السابقة، فقد أفرد دستور 2014 مادة مستقلة للتعذيب واعتبرها جريمة لا تسقط بالتقادم.
منظمة حقوقية دولية تطالب بوقف الانتهاكات وحفلات التعذيب في سجن ليمان المنيا
إضافة إلى ذلك أتاحت المادة رقم (99) الحق في الادعاء المباشر في أي جرائم تتضمن الاعتداء على الحقوق والحريات الشخصية. ونصت على أنه “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر.
وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء، وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق، وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منضما إلى المضرور بناء على طلبه، وذلك كله على الوجه المبين بالقانون.
مصر: أحمد عماشة عضو حركة كفاية يواجه الموت في سجن بدر
التعذيب في مراكز الاحتجاز عملية ممنهجة
ورغم كل التشريعات والمواثيق الدولية والمحلية التي تدين التعذيب وتعاقب مرتكبه، إلا أن الوضع داخل مراكز ومقار الاحتجاز في مصر يؤكد على أن التعذيب ليس مجرد ظاهرة ناتجة عن تصرفات فردية، ولكنها ظاهرة ممنهجة مرتبطة ببقاء النظام والدفاع عنه، كما أن سياسة الإفلات من العقاب التي أدمنتها السلطات المصرية أكدت على منهجية التعذيب، حيث لا يوجد رادع لمن يرتكب التعذيب ضد أي مواطن، وخصوصا من ينتمون إلى هيئات وجهات معارضة لأراء النظام.
مصر: اختفاء المعارض السياسي أحمد جيكا لليوم الثالث
تقارير دولية عن التعذيب في مصر
ويدعم ذلك ما أبدته لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في تقريرها حول مراجعة ملف مصر، الذي صدر مايو 2023، من قلق اتجاه الاستخدام المنهجي للتعذيب على أيدي الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في مصر، وأن التعذيب وسوء المعاملة منتشران في أماكن الحرمان من الحرية، وأن هذه الأفعال تمارس على نطاق واسع من قبل الشرطة وأجهزة أمن الدولة أثناء مراحل التوقيف والاستجواب والتحقيق.
51 منظمة حقوقية تطالب السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن صلاح سلطان “يواجه خطر الموت” في سجن بدر
كذلك تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حالة حقوق الإنسان في مصر لعام 2020، الذي ذكر أن التعذيب شائع في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية، وأن الإفلات من العقاب يشكل ظاهرة خطيرة بين قوات الأمن.
ويؤيد كل ذلك أيضا، التقرير الذي أصدرته مؤسسة “لجنة العدالة” حول الانتهاكات التي رصدتها طوال العام 2022، والتي كان للتعذيب فيها نسبة لا بأس بها، حيث تم رصد 48 انتهاكا ضمن التعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر خلال 2022.
مصر: 11 منظمة حقوقية تطالب تشكيل لجنة تقصي حقائق في انتهاكات سجن بدر1
الانضمام للبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب
طالبت المنظمات الحقوقية ” تحالف المادة 55- لجنة العدالة- الشهاب لحقوق الإنسان- الشبكة المصرية لحقوق الإنسان –حقهم- نحن نسجل” السلطات المصرية بوضع تشريع يتلاءم مع متطلبات مصر الدولية وفقا للعهود والمواثيق التي وقعت عليها، وأهمها اتفاقية مناهضة التعذيب، ويتعامل مع الثغرات والعوار القانوني الموجود بقانون العقوبات الحالي والذي لا يعالج ظاهرة التعذيب قانونيا.
أنتهاكات جسيمة بحق مسنة في سجن النساء بالقناطر
ودعت المنظمات الحقوقية السلطات المصرية للانضمام للبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والذي يسمح لخبراء دوليين مستقلين بإجراء زيارات دورية لأماكن الاحتجاز بغرض تقييم ظروف الاحتجاز، وتقديم التوصيات من أجل تحسينها.
وطالبت المنظمات الحقوقية أيضا السلطات في مصر بوقف سياسة الإفلات من العقاب، وذلك عن طريق تحديد التعذيب كجريمة تقتضي فصل الموظف العام المحكوم عليه بجناية التعذيب، وعدم عودته للعمل مرة أخري.