كشفت وثائق بريطانية تعود لسبعينيات القرن الماضي سأم الرياض من مشكلات مصر الاقتصادية المزمنة.
ووفق الوثائق التي نشرتها “بي بي سي”، فإن بريطانيا ساورها قلق بالغ على مصير نظام حكم محمد أنور السادات في مصر، التي كانت تعاني أسوأ أزمة اقتصادية.
ونظرا لعدم قدرتها على مساعدة القاهرة، حملت لندن دول الخليج، خاصة السعودية، مسؤولية إنقاذ مصر.
وتكشف الوثائق أن وزير الخارجية البريطاني آنذاك جيمس كالاهان، طلب إجراء مراجعة شاملة للوضع في مصر عام 1975.
ورسمت التقارير ملامح هذه الأزمة على النحو التالي: ارتفاع حاد في معدل التضخم، ما نجم عنه ارتفاع حاد في الأسعار، وظهور فئة قليلة بالغة الثراء، بينما تعاني الغالبية الساحقة من المصريين فقرا مدقعا، وتفشي الفساد، وتدني الخدمات العامة، بعد فشل الحكومة في الوفاء بوعود تحسينها.
وفي تقرير إلى لندن، أبلغ السفير البريطاني في القاهرة سير ريتشار بيمونت حكومته أن كل هذا يعني أن مصر في حاجة ماسة إلى دعم اقتصادي كبير “كي يمكن لنظام السادات تخفيف آثار المشكلات الاقتصادية الصعبة والاستياء الشعبي، الذي لم يصل بعد إلى حد الخطر الداهم على بقاء النظام”.
لم ير البريطانيون سبيلا لمساعدة نظام السادات سوى تدخل دول الخليج بقيادة السعودية. ونصح السفير بأن تلك الدول أقدر وأحق بإنقاذ مصر من براثن أزمتها.
لكن تقارير البريطانيين، التي تستند على معلومات من مصادر مختلفة، أثارت حينها القلق، لأن السعوديين “لم يعودوا متحمسين لإسناد مصر” بعد أقل من عامين تقريبا من حرب 1973.
وأبلغ سير بيمونت حكومته بأن “حماس” السعوديين للاستثمار في مصر “يفتر”، وأن هذا لن يتغير “حتى ترتب الحكومة المصرية بيتها المالي والاقتصادي”.
ومضى السفير يقول “بل إنني حتى سمعت أن السعوديين يقولون إن السودان دولة واعدة بقدر أكبر للاستثمار فيها”.
وأكد “سأم السعوديين” من مشكلات مصر المزمنة المتعلقة بالميزانية وميزان المدفوعات، وأرجعه إلى “شعورهم بأنه لا جديد بشأن مستويات الأزمة الحالية”، في إشارة إلى أن النظام في مصر لا يتخذ التدابير الصحيحة اللازمة لمواجهة الأزمة.
وأضاف السفير سببا آخر لموقف السعودية وهو “الشك في أن نظام السادات ربما يبالغ في تضخيم أزمة مصر الاقتصادية لاستدرار المزيد من الدعم”، مشيرا إلى “عدم الثقة على الإطلاق” في الإحصاءات المصرية.
وعبر عن اعتقاده بأن السعوديين والخليجيين عموما “قصار النظر للغاية إن طبقوا فقط المعايير الاقتصادية الضيقة على استثماراتهم في مصر. فبدون المعونة السخية، لن يكون المصريون قادرين على ترتيب بيتهم المالي والاقتصادي، كما أن المصلحة المحققة للسعوديين والدول الخليجية من وراء بقاء ونجاح الرئيس السادات هي تقريبا بنفس ضخامة مصلحة السادات نفسه”.
وأبدى السفير تشاؤما بشأن خروج مصر من أزمتها بسبب سوء الإدارة.
وقال: “لا أرى أي مجال أمامنا لعمل أي شيء فعال للمساعدة في علاج نقص الإدارة الاقتصادية الماهرة الذي تعاني منه مصر معاناة هائلة”.