قامت إدارة الحوار الوطني مؤخرًا بنشر عدد من التوصيات التي تم رفعها للسيد رئيس الجمهورية بناءً على الجلسات التي شهدتها ثلاثة عشر لجنة من لجان الحوار التسعة عشر في المحاور الرئيسية الثلاث: السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وكدت الحركة المدنية الديمقراطية أن هذه التوصيات لم تتضمن كل ما تقدمت به أحزاب الحركة المدنية المشاركة في الحوار، خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة بشكل عاجل لضمان بدء مرحلة جديدة تسعى للتعامل مع ما يواجه مصر من تحديات جسيمة.
وفي هذا السياق، اشارتالحركة المدنية إلى عدد من المطالب الهامة التي تقدمت بها الحركة في المحور السياسي والتي لم تنعكس في التوصيات التي تم رفعها لرئيس الجمهورية:
المطالبة بإطلاق سراح جميع سجناء الرأي الذين لم تثبت إدانتهم بأعمال عنف أو تخريب. كما شددت أحزاب الحركة على ضرورة وقف سياسة القبض على المواطنات والمواطنين بسبب التعبير السلمي عن آرائهم في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام.
اطلاق حرية الرأي والتعبير بكافة الطرق والأساليب وباستخدام جميع الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة ورفع الحجب المفروض على المئات من المواقع الإخبارية وتلك التابعة لمنظمات حقوق الإنسان داخل وخارج مصر.
توفير الشروط والضمانات اللازمة لإجراء جميع الانتخابات القادمة في مصر (رئاسية وبرلمانية ومحليات) في أجواء من الحرية والنزاهة والشفافية وإتاحة الفرص المتكافئة للجميع للتنافس علي الفوز بها، وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية.
اجراء الانتخابات البرلمانية والمجالس المحلية القادمة على أساس القوائم النسبية، التي تعكس الأوزان السياسية النسبية لجميع القوى السياسية والتي تعد الأقرب إلى التطبيق الديموقراطي السليم.
إلغاء قانون الحبس الاحتياطي الحالي والذي تم استحداثه إبان فترة الحكم المؤقت التي أدارها الرئيس عدلي منصور، والعودة إلى القانون القديم والذي حدد فترة الحبس الاحتياطي بمدة أقصاها ستة أشهر حتى لا يتحول الحبس الاحتياطي لعقوبة في حد ذاته.
إطلاق حرية تشكيل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المستقلة والسماح لجميع فئات المجتمع بتنظيم أنفسهم في أطر وأشكال ديموقراطية للدفاع عن مصالحهم.
وفيما يتعلق بالمحور الاقتصادي الذي توليه الحركة المدنية اهتمامًا كبيرًا، فإن معظم التوصيات الصادرة تمثل توصيات جزئية وعمومية، وبعضها قد لا يلقى إتفاق كامل على أهميته.
وهناك بالتأكيد توصيات عديدة أكثر أهمية سوف تأتي في محاور العدالة الاجتماعية، وأولويات الاستثمارات العامة، والدين العام وعجز الموازنة، والصناعة، ومحور التضخم وغلاء الأسعار (الذي لم تعقد له جلسة واحدة حتى الان).
وفي هذا السياق، تطالب الحركة المدنية بالوقف الفوري لضخ المزيد من الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية وخاصة شبكات الطرق والكباري، وسرعة إنجاز واستكمال المشاريع المفتوحة عند حدودها الحالية. فما تم توجيهه لتلك المشاريع يفوق بكثير القدرة والطاقة المتاحة وأحدث خللًا هيكليًا في بنية التوازن الاستثماري.
كما طالبت الحركة المدنية بتوجيه المتاح من الاستثمارات الداخلية والتي يمكن جذبها من الخارج نحو مجالات الإنتاج في المجال الزراعي والصناعي وإنتاج المعرفة والتكنولوجيات الدقيقة وتطوير صناعة السياحة، وذلك لخلق فرص عمل حقيقية ولها صفة الاستمرارية للشباب وبما يرفع من القيمة الكلية للناتج المحلي الإجمالي.
كما شددت الحركة المدنية على ضرورة طرح قضايا التضخم وأولويات الاستثمار وملكية الدولة للنقاش الموسع قبل رفع التوصيات الخاصة بها لرئيس الجمهورية.
ودعت الحركة المدنية كذلك إلى إعادة النظر في نسب وأحجام الإنفاق الحكومي والاهتمام بتنمية مواردنا البشرية التي تشكل أكبر ثروة لدينا إذا ما أحسن استثمارها، وذلك بالشروع فورًا في ضخ النسب التي نص عليها الدستور، كحد أدنى للإنفاق على التعليم والصحة مع وضع خطة وبرنامج زمني لمضاعفتها في أقرب وقت.
كما اكدت الحركة المدنية أن قضايا العدالة الاجتماعية، وجوهرها تلبية حقوق المواطنين وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بينهم، لم تنل حظها الكاف من النقاش في جلسات المحور الاقتصادي وتم التركيز فقط على سبل توفير الحماية الاجتماعية للفئات محدودة الدخل.
وينطبق الأمر ذاته على المحور الاجتماعي حيث لم تتضمن التوصيات الجزئية المرفوعة للرئيس عدد من المقترحات الهامة التي تقدمت بها أحزاب الحركة المدنية سواء فيما يتعلق بلجان الصحة والتعليم والأسرة والتماسك المجتمعي والشباب والثقافة والهوية والوطنية.
ومن غير المقبول أن يكون الإنجاز الأساسي لذلك المحور هو تعديل قانون الوصاية على المال، بينما التوصيات الخاصة بالتعليم والصحة هزيلة وعامة ولا يمكن أن تحدث التقدم المطلوب في هذه المحاور الهامة. كما لم يؤخذ في الاعتبار مشروعان قدمتهما الحركة المدنية؛ الأول يتعلق بقانون أحوال شخصية عادل قامت الجمعيات النسوية المصرية باستخلاصه بعد مشاورات واسعة مع كل الجهات المعنية، والثاني يتعلق بالقضاء على أشكال العنف ضد النساء.
ومع تقدير الحركة المدنية لكل الجهد المبذول حتى الآن من قبل مجلس أمناء الحوار والأمانة الفنية، لكنها شددت على ضرورة إلتزام تلك الأطراف بما يصدر عن اللجان المختلفة من توصيات وعدم الخروج بمقترحات لم يتم التوافق عليها بين المشاركين.
كما اكدت الحركة المدنية انها ستواصل متابعة الجلسات المقبلة للحوار والتمسك بالمطالب الواردة في هذا البيان في المحاور الثلاث.