نددت جمعية المعماريين المصريين بتدمير جبانات القاهرة التراثية، معتبر أنه ما يحدث في مصر، لم لم تشهده من قبل خلال أربعة عشرة قرنا منذ نشأتها إلى يـومـنا هـذا، كما لم تشهده حتي فترة الاحـتلال الاجـنبي أو مـن جـراء الحـروب والكوارث الطبيعية.
وقالت جمعية المعماريين المصريين في بيان لها “هـذه الجبانات جـزء مسجل ضمن الـقاهـرة التاريخية المسجلة على قائمة التراث العالمي، تحميها مواثيق عالمية وقوانين محلية، كما أنها مسجلة ايضا كمنقطة تراثية ضمن القاهرة التاريخية طبقا للقانون رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ “.
وقد اكتسبت قيمتها التاريخية والتراثية لما لها من نسيج عمراني متميز ارتبط بمدينة العصور الوسطى وكذلك بمن ضمتهم في ثراها، أجيال متعاقبة من أبناء هذا البلد بجميع فئاته وطبقاته ورموزه ممن ساهموا في نهضة هذا البلد من علماء حكام وسياسيين وفنانين وأدباء وشعراء، واولياء الله الصالحين، وشهداء ضحوا بحياتهم في سـبيل الـدفـاع عـن تـراب هـذا الـوطـن، وفقا للبيان.
وتـضم المنطقة كـنوزا مـعماريـة فـريـدة شـديـدة الـتنوع تـعبر عـن حـقبات مـن تـطور الـعمارة الجنائزية الممتدة عبر العصور، لا تقل قيمة عن تاج محل في الـهند.ويـصل عدد المقابر ذات القيمة التراثية إلى المـئات بـعضها مسجـل كـتراث مـميز عـلي قـائـمة الجهاز القومي للـتنسيق الـحضاري طبقا للقانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ حيث وتـحتوي عـناصـر معمارية فريدة من تركيبات رخامية او حجرية تحمل اجمل نماذج الخط العربـي الذي يعد تراثا في حد ذاته، ومسجل ايضا علي قائمة اليونسكو، ومع ذلك جاري الان الازالة لهذه العناصر المعمارية والزخرفية بما يعرضها للنهب والسرقة والضياع، تقوم لجان وافراد بفك التركيبات وعرضها للبيع، بدون ابلاغ اصحاب الاحواش.
وتابعت جمعية المعماريين المصريين قائلة إن الهجمة التي تـتعرض لـها جبايات القاهرة التاريـخية مـثيرة لـدهـشة الكثيريـن، خـاصـة انـها مـثلت رد السـلطات عـلي الـبدائـل للإزالة الـتي طـرحـتها لـجنة شـكلها مجـلس الـوزراء مـن المـتخصصين فـي التخـطيط الـعمرانـي والـحفاظ عـلي الـتراث، وقـامـت بـدراسـة جدوى مشـروع الـطرق والـكباري المـطروح مـن قـبل الـحكومـة والـذي بـدأ تـنفيذه عـام ٢٠٢٠ واثـبت عـدم جـدواه لـكونـه يوفر دقيقتين فقط للرحلة، وطرحت مشروعا بديلا يعتمد علي استغلال شبكة الطرق وتحسيناتها الحالية دون المساس بـالـجبانـات الـتاريـخية، وتطبيقا لـنموذج ريـاضـي اثـبتت ان مـقترحـها لحـل مـشكلة الحـركـة صـالـح لمـدة عشـر سـنوات قـادمـة… بـل ذهـبت ابـعد مـن ذلـك بـوضـع تـصور لاسـتغلال المـوقـع لـلسياحـة الـديـنية والـثقافـية مـن خـلال انـشاء مـسارات وكـذلـك حـل مـشكلة ارتفاع منسوب المياه الارضية، الخ
الا ان هـذا المـقترح لـم يـؤخـذ فـي الاعـتبار، واستمرت مـعاول الهـدم فـي الـعمل بـلا هـوادة بل اكـثر مـن ذي قـبل وكـإنـها تسابق الزمن لمحو تاريخ الامة وذاكرتها وتراثها وقهر شعبها بنبش قبورهم واهانة رفات ذويهم وتشتيتها
وأضافت جمعية المعماريين المصريين ان كل منزل في مصر متشح بالحداد، بل مصر اغلبها متشحة بالسواد، فكل اسرة مكلومة تخرج رفات ذويها، وتعيد دفـن اخ، اخـت، اب، ام، جـد، ابـن، حـفيد، اي شـرع او ديـن يـقبل ذلـك؟ مـن ايـن جـائـت هـذه الـفظاظـة والـغلظة والـقسوة لمتخـذ الـقرار؟ نـاهـيك عـن ازالـة تـراث فـريـد لا يـقل قـيمة عـن تـراث الاجـداد، فـجبانـات الـقاهـرة هـي بـمثابـة وادي مـلوك ومـلكات مـصر القديمة للمصريين المحدثين، فهل نتركها للزوال؟
وأهابت جمعية المعماريين المصريين الامة المصرية مدعومين بـكل شـرفـاء الـوطـن لـلوقـوف ضـد هـذه الاعمال التخريبية التي تستهدف جزء عزيز بل مقدس من تراثنا الثقافي.