في عام 2023، كشفت نتائج الحصانة الممنحة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبدأت تظهر في 2022، عن انتهاكات وممارسات استثنائية لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.
بالإضافة إلى الإعدامات السرية والأحكام التعسفية، ظهر نهج تصاعدي للاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، مع تجاوز حكومة السعودية للقوانين التي تروج لإصلاحات جذرية، وفقا المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
اعدامات واسعة في السعودية
في أوائل 2023، نفذت السعودية إعدامات سرية لمواطنين يمنيين دون إصدار بيانات رسمية. تبع ذلك إعلان عن أول إعدامات في مارس، حيث تابعت المنظمة حالة الأردني حسين أبو الخير، وقدّمت دعمًا للعائلة في استعادة جثمانه. خلال رمضان، أعلنت السعودية عن إعدامات أخرى، وسعت المنظمة لتسليط الضوء على هذه الانتهاكات ومحاولات التضليل من قبل الحكومة.
في النصف الأول من 2023، بلغ إجمالي الإعدامات 61، مع استمرار المخاوف بشأن الحق في الحياة وسط التصاعد الخطير لعقوبة الإعدام. سجلت السعودية إعدامات بحق معتقلين، وقد حاولت المنظمة دعم الضحايا ورصد انتهاكات حقوق الإنسان في هذا السياق.
كما اتسمت السياسة السعودية بحظر الإعدام للقاصرين، حيث رصدت المنظمة مصادقة المحكمة العليا على أحكام الإعدام للقاصرين عبد الله الدرازي وجلال اللباد، مع تسليط الضوء على الانتهاكات التي واجهها هؤلاء الشبان.
الممارسات المناهضة لحرية الرأي والتعبير
في عام 2023، شهدنا تصاعدًا في الممارسات المناهضة لحرية الرأي والتعبير في المملكة العربية السعودية. تمثل هذه الممارسات في حكم الإعدام الصادر بحق محمد الغامدي بسبب استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى حُكم طويلة الأمد بحق ناشطات أُدينّ بهن على منصات التواصل الاجتماعي.
يأتي هذا في سياق استناد الحكومة إلى القوانين المحلية، بما في ذلك قانون مكافحة جرائم المعلوماتية وقانون مكافحة الإرهاب، لجعل ممارسات شرعية تعتبر انتهاكًا للقوانين.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، نشرت المنظمة تقريرًا يكشف عن قمع الحكومة السعودية لحرية الصحافة وتضييق الخناق على أي نوع من أنواع الصحافة الحرة لإخفاء الحقائق وتمويه الانتهاكات.
وتوسعت نطاق الممارسات المناهضة لحرية الرأي والتعبير والاعتقالات، مع منع رياضيين من التضامن مع فلسطين، ويبدو أن هذا يهدف إلى تقييد دور الرياضة في تلميع صورة الحكومة. تمت أيضًا اعتقال مواطنين ومقمين وزوار بشكل تعسفي بسبب تضامنهم مع غزة، بما في ذلك عبد الرحمن محمد عبد الرحيم.
أحكام قاسية وغير قانونية بحق القاصرين
في إطار صدور أحكام قاسية وغير قانونية بحق القاصرين، ركزت المنظمة على سحق السعودية لقانون الأحداث الذي أظهر تقصيرًا واضحًا في تطبيقه، كما في حالة القاصر سجاد آل ياسين الذي حُكم عليه بالسجن لمدة سبعين عامًا.
في مجال الإخفاء القسري، بالرغم من أنها كانت ممارسة مستمرة، إلا أن عام 2023 شهد ظهور اتجاه ناشئ حيث تم إخفاء معتقلين كان من المفترض الإفراج عنهم، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان عيسى النخفي ومحمد القحطاني، اللذين تمت إخفاؤهما لفترة تزيد عن عام.
وعلى الرغم من عدم وجود شفافية، تم توثيق عدة حالات إخفاء قسري، مما يبرز حجم المشكلة في مجتمع متعدد الجوانب.
انتهاكات حقوقية عابرة للحدود:
في 14 يناير، أظهرت معلومات تفيد باعتقال المغرب للمواطن حسن آل ربيع، بناءً على طلب من السعودية، أثناء محاولته السفر. بدأت المنظمة حملة لوقف ترحيله وتسليمه للسعودية، وقدمت الدعم له عبر التواصل مع محام في المغرب. شاركت أيضًا في تحالف مع منظمات أخرى للضغط من أجل منع الترحيل، ونظمت وقفة أمام السفارة المغربية في برلين للتأكيد على رفض هذا القرار.
رغم الجهود المبذولة، تم تسليم آل ربيع إلى السعودية، مما أثار مخاوف من تعرضه لانتهاكات، بما في ذلك التعذيب والإخفاء القسري. تمت إرسال رسائل لرئيس الوزراء المغربي وتقديم شكوى قانونية للجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة.
ارتفاع صخب الاحتفالات ومحاولات الغسيل:
في عام 2023، ظهرت ملامح الغسيل الرياضي بوضوح، خاصة مع فوز السعودية بتنظيم كأس العالم 2034. أكد ولي العهد محمد بن سلمان في مقابلة أن السعودية تواصل ممارسة الغسيل الرياضي.
وفي إطار الفعاليات الرياضية، نظمت السعودية مهرجانات واحتفالات، وشهد اليوم الوطني 93 محاولات لفرض الولاء من خلال أحكام قاسية وترهيب.
فازت السعودية بتنظيم اكسبو 2030 في ديسمبر، على الرغم من معارضة منظمات حقوقية، مؤكدة أن السجل السعودي المروع في حقوق الإنسان يستوجب استبعادها.
خلال حوارها مع الاتحاد الأوروبي في نوفمبر، حاولت السعودية تحسين صورتها، ورغم مشاركة هيئة حقوق الإنسان الرسمية، أظهرت المنظمة دورها في غسيل صورة السعودية في أروقة الأمم المتحدة. تقاسمت المنظمة التقرير مع هيئات دولية وشاركت في لقاءات مشتركة للحديث عن دور الهيئة في غسيل ملف عقوبة الإعدام.
حملة استمرارية ضد النساء:
في عام 2023، تعرضت النساء في السعودية لاعتقالات وأحكام تعسفية، حيث استمر حظر أي نشاط ومنع الناشطات من السفر والتنقل.
في يناير 2023، عرضت مناهل العتيبي أمام المحكمة الجزائية، التي حكمت بعدم اختصاصها، لتحال القضية إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، حيث وجهت لها تهمًا بالمساس بالآداب العامة والمبادئ الدينية. بعد أشهر، تعرضت مناهل لتعذيب وسوء معاملة في السجن.
في مايو 2023، اعتقلت المواطنة الكويتية منيرة القحطاني مع عدد من أبنائها وأقاربها بغرض الابتزاز، وارتباط القضية بدعوى قضائية مرفوعة ضد ولي العهد السعودي في الولايات المتحدة. كما أشارت المعلومات إلى استمرار إخفاء مواطنة يمنية قسريًا في 2023.
في يونيو 2023، حكمت المحكمة المتخصصة بالسجن 30 عامًا على فاطمة الشوارب بسبب التعبير عن الرأي على وسائل التواصل. كما حُكم على القاصر منال القفيري بالسجن 18 عامًا، وعلى الشابة سارة الجار بالسجن 27 عامًا.
في يوم المرأة العالمي، نشرت المقررة الخاصة في الأمم المتحدة ماري لولور تقريرًا، سلطت فيه الضوء على إنجازات المدافعات عن حقوق الإنسان، وكشفت المنظمة عن انتهاكات تعرضت لها النساء، خاصة عبر الإنترنت.
إلى جانب ذلك، فندت المنظمة ادعاءات هيئة حقوق الإنسان الرسمية، ونشرت ملخصًا يكشف عن المغالطات والادعاءات غير الواقعية في تقريرها السنوي عن المرأة.
فصول لا تنتهي من التعذيب وسوء المعاملة:
رغم الترهيب وسحق المجتمع المدني، تواصلت معلومات عن انتهاكات وتعذيب في السجون. في سبتمبر، أكدت معلومات تعذيبًا جسديًا ونفسيًا للمدربة مناهل العتيبي داخل سجن الملز، بما في ذلك الضرب والتهديد بالقتل.
كما وضع المهدد بالإعدام سعود الفرج في السجن الانفرادي بعد إعلانه الإضراب عن الطعام بسبب التعذيب الذي تعرض له. صادقت المحكمة على أحكام بحق معتقلين، بينهم قاصرين، رغم اعترافهم بتعرضهم للتعذيب. تم تنفيذ أحكام الإعدام بحق أفراد أكدت الأمم المتحدة تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
تتواصل هذه الممارسات مع احتجاز الجثامين وتأخير إصدار الأحكام، رغم التحذيرات والضغوط الدولية.
الأمم المتحدة توجه انتقادات حادة لانتهاكات الحقوق الإنسان في السعودية
وعلى الرغم من محاولات التعتيم وغسيل الصورة، فإن الدول وآليات الأمم المتحدة قد وجهت انتقادات حادة لانتهاكات الحقوق الإنسان في السعودية. في فبراير، أعرب خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة عن قلقهم إزاء وضع ثلاثة مدافعين عن حقوق الإنسان في السجون السعودية. وفي إبريل، أعرب مقررون خاصون عن قلقهم بشأن انتهاكات في تنفيذ مشروع نيوم، فيما أكد خبراء آخرون في مايو على ضرورة وقف الإعدامات وسط تحفظات دولية.
كما أظهرت تقارير متعددة في يونيو ويوليو عن تورط شركة أرامكو في انتهاكات حقوق الإنسان، وفي سبتمبر، أشار تقرير للفريق العامل المعني بالإخفاء القسري إلى أن السعودية لا يمكن أن تبرر انتهاكاتها تحت أي ظروف.
على الرغم من جهود الإصلاح المعلنة، فإن التقارير السنوية تؤكد استمرار السعودية في ممارسة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بعقوبة الإعدام وتمييز المرأة.