يظهر أن الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تتغاضى عن الدمار في غزة يزيد من احتمال توسع المقاومة ضد إسرائيل إلى جهاد عالمي، مما يزيد من التهديد الإرهابي ضد الولايات المتحدة. قد يؤدي غياب تسوية الصراع إلى ظهور جيل جديد من الجهاديين العالميين.
يُطرح السؤال عما إذا كانت السياسات الأمريكية تأخذ في الاعتبار العواقب الطويلة الأمد لمثل هذا التطور المحتمل.
فيديو حماس
تبدو مقاطع الفيديو التي ينشرها متحدث حماس تشبه إعلانات تنظيمات مثل القاعدة وداعش، مع استخدامها للمقاطع القرآنية والاستشهادات.
تعتبر حماس الولايات المتحدة عدوًا بسبب دعمها للحملة العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، مما يجعل الولايات المتحدة هدفًا للجهاد العنيف.
مقاطع الفيديو المتكررة التي يبثها أبو عبيدة، المتحدث العسكري باسم حماس، على قناة الجزيرة والتي تؤرخ للنجاحات المزعومة لكتائب القسام ضد القوات الإسرائيلية في غزة، بدأت تشبه إعلانات المتحدثين العسكريين السابقين لتنظيم القاعدة وداعش. وفي حروب غزة السابقة (2008-2021)، اعتبرت حماس إسرائيل خصمها الأساسي، أو ما يسمى بـ “العدو القريب”،و ففقا لتقرير صحيفة ” ريسبونسيبل ستايتكرافت”.
مع ازدياد التطرف والإحباط، قد يتجه المقاتلون الفلسطينيون والمتشددون نحو اعتبار الولايات المتحدة عدوًا، مما يدفعهم لتنفيذ هجمات إرهابية. الرفض المستمر للولايات المتحدة لدعم قرارات الأمم المتحدة بشأن وقف إطلاق النار يقوّض مصداقيتها كوسيط نزيه في الصراع الفلسطيني.
بموجب التقارير، يتزايد الاستياء الفلسطيني تجاه الولايات المتحدة. هذا قد يجعل حماس وغيرها من المتشددين ينظرون إلى الولايات المتحدة باعتبارها عدوًا، مما يعزز فكرة الجهاد العالمي.
تظهر الاعتبارات التاريخية والثقافية كيف يرى الفلسطينيون تاريخهم وكيف يعتبرون الولايات المتحدة وإسرائيل عدويهم. العدم التسوية في الصراع قد يؤدي إلى تشكيل أجيال جديدة من الجهاديين العالميين الفلسطينيين.
التحول الأيديولوجي المحتمل لحماس
تم التعبير مؤخرًا عن حرب حماس ضد إسرائيل بشكل رئيسي على هيئة مقاومة، سواء كانت عسكرية أو سياسية، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والسيطرة على غزة.
بدأت الولايات المتحدة تظهر في خطاب حماس كعدو ثانوي بعد الهجوم الذي وقع في أكتوبر والرد الإسرائيلي المدعوم من واشنطن.
في رؤيتهم، أصبح الجهاد العنيف ضد هذا العدو الجديد مشروعًا وحلالًا، قد يشير تبني مثل هذا الموقف إلى ابتعاد بعض قادة حماس العسكريين عن الأيديولوجية الإسلامية السائدة لجماعة الإخوان المسلمين واتجاههم نحو التطرف المحلي والدعوة إلى الجهاد العالمي، مستلهمين من سيد قطب، المفكر الإخواني الذي دعا إلى الجهاد ضد “العدو القريب” و”العدو البعيد”، وحث على شن الجهاد ضد الزعماء المسلمين والكفار الأجانب.
قد ابتعدت بعض الشخصيات البارزة في حماس، مثل الشيخ أحمد ياسين، عن الأيديولوجية الإسلامية التقليدية واتجهوا نحو التفسير الوهابي السعودي، مما أثر في الرؤى الفقهية والدينية. وفي سياق الإسلام السني، يعتبر الجهاد عقيدة رئيسية، وقد يحتكر التفسير الحنبلي السعودي عناصر التطرف.
تحت تأثير كتابات سيد قطب، انحرفت حماس إلى الأيديولوجيا الوهابية المتشددة، مما ساهم في صياغة جبهة أيديولوجية مشتركة للجهاد العالمي ضد الكفار، وفتح الباب أمام أحداث مثل 11 سبتمبر. ويُذكر أن أسامة بن لادن كان يشير إلى فلسطين في خطاباته.
بالتالي فإن إيديولوجية حماس حتى الآن في فلسطين من الممكن أن تتطور إلى إيديولوجية جهادية إسلامية عالمية يمكن أن يتردد صداها بين الشباب المسلم المحروم الغاضب والعاطل عن العمل في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك بعض الدول الغربية التي تعيش فيها مجتمعات إسلامية كبيرة.
الطريق الى الامام
مع إدارة بايدن، أصبحت الولايات المتحدة شريكًا أساسيًا في الحملة الإسرائيلية في غزة، مما أدى إلى زيادة دعم الجماهير العربية لحماس. الدمار والتهجير في غزة يعززان دعم الشعوب للمقاومة.
حماس ليست فقط مجموعة مسلحة بل تعبر عن فكرة يغذيها الواقع الفلسطيني الصعب.
لضمان تقليل احتمال وقوع المزيد من الإرهاب، يجب على الرئيس بايدن أن يدرك أن استمرار التدمير غير المسبوق وغير الإنساني في غزة لن يقضي على حماس أو يؤدي إلى إعادة الرهائن بسلام.
ينبغي عليه إنهاء تواطؤه في الحرب الإسرائيلية والتعاون مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين لإقالة نتنياهو ومحمود عباس من مناصبهم القيادية، والتعاون مع الشعبين لانتخاب قادة جدد.
إذا قدمت إدارة بايدن خارطة طريق واضحة للشعبين للعيش معًا، سواء ضمن إطار نموذج الدولتين أو أي ترتيب سياسي آخر، سيتلاشى التهديد الإرهابي الذي يشكله حماس ضد الولايات المتحدة.
يعتني الشعب الفلسطيني، مثل غيره من شعوب المنطقة، بأمور حياته اليومية، مثل تأمين الغذاء وتعليم أبنائه.
عندما يتوصل الإسرائيليون والفلسطينيون إلى اتفاق بشأن الانتقال من تدمير غزة إلى إعادة الإعمار السياسي والاقتصادي من خلال التفاوض، سيتوقف التهديد الإرهابي ويبدأ التاريخ الجديد بنهاية دور بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار، زعيم حماس.