في مواجهة الجوع الشديد، لجأ الفلسطينيون في غزة إلى نبتة تعرف باسم “الخبيزة”، وهي عشبة خضراء تشبه السبانخ، تنمو على جوانب الطرق وفي بقع فارغة من التراب بعد هطول أمطار الشتاء الأولى، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ويقوم فلسطينيون بقلي هذه النبتة في زيت الزيتون ويتبلونها بالبصل أو يسلقونها في الحساء لإعداد وجبات منخفضة التكلفة في مواجهة الجوع.
وقال أمين عابد (35 عاما) عبر الهاتف من غزة: “لقد دعمتنا (الخبيزة) أكثر من أي شخص آخر في العالم”، مضيفا: “نجا الناس من أحلك فصول الحرب بسبب الخبيزة وحدها”.
ومع فرض إسرائيل حصارا شبه كامل على القطاع، حذرت جماعات الإغاثة ومسؤولو الأمم المتحدة بشكل متزايد من أن كمية الغذاء التي تدخل غزة لا يمكن أن تطعم ما يقرب من 2.2 مليون نسمة، ما يدفع أعدادا متزايدة من سكان غزة نحو جوع كارثي.
وأصبحت الوفيات المرتبطة بسوء التغذية أكثر شيوعا، وحذرت مجموعة دولية من الخبراء، الشهر الماضي، من أن جميع سكان غزة يواجهون نقصا حادا في الغذاء وأن الظروف الشبيهة بالمجاعة أصبحت “وشيكة” في الشمال، حيث تندر المساعدات.
وقال سليمان أبو خديجة (32 عاما) وهو عامل زراعي: “نحن نأكل الخبيزة منذ زمن أجدادنا. لقد نقلها جيل إلى جيل آخر”.
بعد جولات من المفاوضات غير الناجحة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تبادل الاتهامات “بالتعنت” بين إسرائيل وحماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، برزت مؤخرا مسألة عودة سكان شمال غزة كعقبة رئيسية في المحادثات غير المباشرة التي تتوسط فيها القاهرة والدوحة وواشنطن.
ويعيش أبو خديجة وزوجته وأطفالهما الثلاثة في دير البلح، وسط قطاع غزة، وأحيانا يمشي بعيدا للوصول إلى أرض مفتوحة حيث يمكنه قطف الخبيزة.
وأضاف: “لقد تناولها الكثير من الناس خلال هذه الحرب، لأنه لا توجد خيارات للخضروات المختلفة… من السهل الحصول عليها في أي مكان ويمكن طهيها بشكل سريع وبسيط”.
لكن عملية البحث عن الخبيزة تبقى محفوفة بالمخاطر وسط الحرب المستمرة منذ 6 أشهر وندرة المساعدات الغذائية، لا سيما في شمالي القطاع.
وقالت روان الخضري (22 عاما) في إشارة إلى عمليات الإنزال الجوي للأغذية التي تقوم بها الولايات المتحدة ودول أخرى: “لا تصلنا أي مساعدات أو أي شيء آخر”.
وأضافت أنه مع تزايد ندرة الطعام في المنطقة التي تعيش فيها في شمالي غزة، ذهب زوجها في كثير من الأحيان إلى الأراضي الزراعية بالقرب من الحدود مع إسرائيل لجمع الباذنجان والخبيزة.
لكن خلال إحدى الرحلات، قُتل زوج ابن عمها بالرصاص على يد شخص تعتقد العائلة أنه قناص إسرائيلي.
ونددت وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثية أخرى، الأحد، بالحصيلة المدمّرة الناجمة عن 6 أشهر من الحرب في غزة، محذرة من أن الوضع “أكثر من كارثي”.
وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، إن “6 أشهر عتبة فظيعة”، محذراً من أنه “تم التخلي عن الإنسانية”.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر مع شن حركة حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى)، هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أوقع 1170 قتيلا غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا ما زال 129 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
وردّت إسرائيل بشن حملة قصف مكثف وهجوم بري واسع النطاق، ما تسبب بمقتل 33175 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق السلطات الصحية في غزة.
ندّدت وكالات تابعة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإغاثية، الأحد، بالحصيلة المدمّرة الناجمة عن ستة أشهر من الحرب في غزة، محذّرة من أنّ الوضع “أكثر من كارثي”.