عقد المؤتمر الدائم للمرأة العاملة في محافظة المنيا لقاءً موسعًا في مركز سمالوط، حيث شاركت 32 عاملة زراعية، بينهن خمسة أطفال يتراوح أعمارهم بين 11 و 13 عامًا، إضافة إلى خمسة رجال. استهدف اللقاء كشف أوضاع العاملات في الزراعة والانتهاكات التي يتعرضن لها على مستوى القانون والاجتماع والاقتصاد.
الأوضاع الصعبة التي تواجهها عاملات الزراعة
رغم تكرار الكشف عن الأوضاع الصعبة التي تواجهها عاملات الزراعة، إلا أن الهدف كان تسليط الضوء على معاناتهن وتقديم صورة شاملة لأوضاعهن للمجتمع بأسره. فالعديد منهن يعيشن في فقر مدقع يهدد حياتهن وحياة أسرهن يومًا بعد يوم، حيث يعانين من نقص حاد في الموارد الأساسية، مثل الغذاء والرعاية الطبية.
تعتمد الزراعة في مصر بشكل كبير على النساء العاملات، حيث يمثلن نسبة كبيرة من القوى العاملة في هذا القطاع. إلا أنهن يواجهن العديد من التحديات، منها عدم توفر فرص العمل المناسبة وتفاقم الفجوة بين الأجور التي يتقاضاها الرجال والنساء. فالعديد من النساء يعملن في ظروف قاسية ولا يتلقين الأجور العادلة التي يستحقنها.
شهادات حية للعاملات
خلال اللقاء، بتنظيم دار الخدمات النقابية و العمالية يوم الجمعة الموافق 31 مايو 2024، شهد تبادل شهادات حية للعاملات تكشف حجم المعاناة التي يتعرضن لها يوميًا، بدءًا من العنف الجسدي والنفسي في مكان العمل، وصولًا إلى الحياة الأسرية المليئة بالمعاناة والفقر والتهميش.
تتعرض العاملات للعديد من المخاطر أثناء العمل في الحقول، مثل ضربات الشمس وتأثيرات المبيدات الكيميائية، دون حماية صحية كافية. بالإضافة إلى ذلك، يتم استغلالهن من قبل ملاك الأراضي الزراعية، حيث يتم دفع أجور أقل مقابل العمل الشاق الذي يقمن به.
على صعيد أوسع، يعاني العاملات من التهميش الاجتماعي وعدم المساواة في الحقوق، مما يعيقهن عن الحصول على الفرص اللازمة للتقدم وتحسين أوضاعهن.
ظروف العمل في قطاع جمع المحاصيل في مصر
في قطاع جمع المحاصيل في مصر، تكشف الظروف القاسية التي يعمل فيها العمال، وخاصة النساء والفتيات، عن واقع مرير يتطلب تدخل فوري لحماية حقوقهم وتحسين ظروف عملهم، بدايةً، يبدأ يوم العمل منذ الساعة الرابعة فجرًا، حيث ينتظر العمال لساعات طويلة قبل أن يختارهم مقاول الأنفار للعمل. يتبع ذلك ركوب سيارة نقل مزدحمة لمدة أربع ساعات متواصلة إلى إحدى المزارع في الصحراء، حيث يبدأ العمل في الثامنة صباحًا ويستمر لعدة ساعات حتى الانتهاء من جمع المحصول، الذي يمكن أن يستمر لعشر ساعات تقريبًا. وبعد ذلك، يتجه العمال في رحلة عودتهم.
وتتسم وسيلة الانتقال بأنها غير آدمية وغير آمنة على الإطلاق، حيث يتكدس العمال داخل سيارات النقل، مما يشكل خطرًا على سلامتهم. كما يتم اقتطاع ثمن النقل من أجورهم، مما يقلل من دخلهم اليومي، حيث لا تتجاوز أجورهم 60 جنيهًا في اليوم، ويتم خصم يومين من أجرهم كتكلفة النقل اليومية.
تتحدث العاملات عن حياتهن المعقدة، حيث تفترش بعضهن البعض في انتظار فرصة العمل، في حين يضطر البعض الآخر إلى العمل لساعات طويلة دون توفير أي تأمين صحي أو اجتماعي. تتحدث إحداهن، وهي في العشرينات من عمرها ومُطلقة وتعول ثلاثة أطفال، عن التحديات التي تواجهها في تحمل المسؤولية الكبيرة لإعالة أسرتها. بينما تشارك عاملة أخرى، في الخمسينات من عمرها، قصة صراعها لمساعدة عائلتها على العيش، دون توفير أي حماية اجتماعية تُذكر.
وتُسلط الأضواء أيضًا على الظروف الخطرة التي يتعرض لها العمال، بما في ذلك التعرض للحروق والإصابات والتهديد بالحياة، بالإضافة إلى التحرش الجنسي والعنف الذي يتعرض له البعض منهم.
تتطلب هذه الظروف تدخلاً عاجلاً من الحكومة المصرية والجهات المعنية لحماية حقوق العمال في قطاع جمع المحاصيل، وتحسين ظروف عملهم وضمان سلامتهم ورفاهيتهم.
لذلك، فإن تحسين أوضاع عاملات الزراعة يتطلب تدخل شامل من قبل الحكومة والمجتمع، بما في ذلك زيادة الوعي بحقوقهن وتوفير فرص العمل اللائقة وتحسين ظروف العمل وضمان الحماية الصحية والاجتماعية لهن. إنها مسؤولية جميع أفراد المجتمع لضمان حياة كريمة لهذه الفئة الهامة من العمال.
ن واقع النساء في ريف الصعيد
يعيش النساء في ريف الصعيد واقعًا مريرًا يتخلله التحرش والعنف الجنسي، مما يضعهن تحت ضغط نفسي واجتماعي هائل. يتعرضن لتوبيخات بألفاظ جنسية من المشرفين، وفي بعض الحالات يتعرضن لعقوبات بالغة القسوة من قبل الأسر، التي قد تصل إلى الإعدام في حالات الاغتصاب، حيث يُنظر إلى ذلك باعتباره “عارًا”.
حديث هناء عبد الحكيم، رئيسة نقابة صغار الفلاحين بالمنيا، يكشف عن حالة فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا، تعرضت للاعتداء الجنسي والقتل بدعوى “غسل العار”، مما يظهر حجم الظلم والفقر الذي يعاني منه النساء في تلك المناطق.
تعمل النساء في قطاعات الزراعة الفرعية بمجهود شاق، مقابل أجور ضئيلة أو دون أجر على الإطلاق، ويتم استغلالهن في الأعمال المنزلية بدون تعويض. يعتمد الريف على العمل اليدوي، وبالتالي تقوم النساء بمعظم الأعمال التي تتطلب جهدًا بدنيًا.
بخلاف ذلك، يواجهن المرأة في المناطق الريفية صعوبات كبيرة في الحصول على التعليم والمعرفة التكنولوجية التي تعزز الإنتاجية الزراعية. كما يتعرضن لعقبات في امتلاك الأراضي والأصول، بفعل التفسيرات الدينية والأعراف الثقافية التي تحجب حقوقهن وتقيّد حريتهن.
تحتاج المرأة في الريف إلى دعم قوي من الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية لتحسين واقعها وحمايتها من التحرش والعنف، وتوفير الفرص التعليمية والاقتصادية، وتعزيز حقوقها وصلاحياتها في المجتمع والقانون.